ليته لم يطلب مني تلك الرشوة ...تمنيت لو تركني وتطلع صوب السماء ليدرك أن هناك هلالا وإن غاب... هناك ربا نؤمن به وكأننا نراه وإن لم نكن نراه فهو يرانا ...هو استحضار يبدو عصيا في غير رمضان و هي حكاية من بين حكايات كثيرة تعكس الضعف الذي يعتري النفس البشرية أمام مغريات الحياة الجمة.
إلا أن هذا الضعف يتحول إلى قوة أو يتراجع مفعوله على الأقل في شهر رمضان وهو ما تلبستني الرغبة وأنا في حوار مع الرجل في أن يفهم حقيقة أن السماء تبقى سماء بالهلال أو بدونه مرد هذه الرغبة يعود لتصور مني مفاده لو أننا كنا في شهر رمضان ربما لما طلب مني هذه الرشوة.
في ثالث أيام الشهر الفضيل بدوت مستغربا لرؤية إحداهن وهي محجبة على غير عادتها ....
تماما كما استغربت لصيام أحدهم وصلاته رغم أنه لم يكن يصلي...
لهذا الشهر هيبته ...هالة من الطهر ...حضوره الطاغي المتجسد في صور لا تعدمها العين في جل أوقاته كتدافع الناس عند الصلوات في المساجد في مشاهد تحيل إلى صلوات الجمعة أو العيد عبر غيره من الأشهر وموجة لبس الحجاب التي تطال الفتيات والتحرز من الكذب والنميمة والميل إلى الصفاء النفسي و حضور قيم التسامح والعطاء لدى الكثيرين .
هو شهر عظيم ...شهر طاعات وتقرب من الله سبحانه وتعالى وترفع حقيقي عن ملذات الدنيا إبتغاءا لمرضاة الله وطمعا في رضوانه ومغفرته وشعور رائع وجميل بمعاني العبودية عندما يجتمع الصوم مع غيره من العبادات في شهر عبادة وطاعة.
لكن من غير اللائق أن لاتعدو كل هذه الأشياء في الغالب سوى مساحيق نتزين بها لا نفتأ أن نتخلص منها عندما يدير الشهر الفضيل ظهره لنعود إلى حياتنا الطبيعية.
حينها سيكون صاحبي مهيئا لطلب الرشوة وستقوم الفتاة المحجبة التي أعرفها بخلع حجابها وسيتسكع المسكين عند أبواب المنازل طويلا دون أن تتسلل يد لإطعامه وسيعود هو ايضا لترك الصلاة كعادته ...ولا أحد سيحترم الآخر وستعود المعاملات إلى سابق عهدها متردية .... حينها ندرك أن رمضان قد عبر وأنه علينا الصبر عاما كاملا حتى ننعم بتلك المشاهد الموغلة في الرقي العا كسة لقيم الإسلام الجميلة القائمة على الإستقامة والأخلاق وحسن المعاملات والتعاون وإحترام الآخر.
الإمتناع عن الرشوة و الكذب والخداع وإهانة الآخر والإحسان إلى المسكين ...هي في الواقع أمور ينبغي أن تكون على رأس قائمة الأولويات في حياة كل مسلم ومن غير المقبول ربطها بشهر واحد بل ينبغي أن نعيش حياتنا كلها رمضان.
غفر الله ذنوبنا وذنوبكم وتقبل صيامنا وصيامكم.