كانت مباراة الإياب ضمن تصفيات أمم إفريقيا سنة 1995 أمام السنغال في الملعب الاولمبي بنواكشوط, هي أول مباراة دولية انقلها عبر مشواري المهني في التلفزة الموريتانية, بعد اقل من ثلاثة أشهر علي الإلتحاق بالعمل وأنا في الرابعة والعشرين من العمر ممتلئا بالحماس
وعدم قبول أي شيء سوي الانتصار, وكان من حسن حظي أن رافقني في نقل المباراة عملاقان من الصحافة الرياضية الموريتانية هما المرحوم كولبيالي سليمان والناطق الرسمي الحالي باسم وزارة الخارجية الزميل محمد الأمين علال اطال الله في عمره, كانت الاجواء مشحونة قبل المباراة بضمان بل ووجوب انتصار المنتخب الموريتاني, حيث انه تعادل في مباراة الذهاب مع محترفي السنغال فوق ارضهم وامام جماهيرهم, فما الذي يمنعه من الانتصار في ملعبه وامام جماهيره , وكان الجميع بما فيهم رئيس الاتحادية وقتها كمين ولد الشيكر يؤكدون ذالك للجماهير وللشعب الموريتاني, وحين استضافتني عميدتنا القديرة الناه منت سيدي في نشرة الثامنة قبل المباراة, قلت لها باننا سنحتفل بالانتصار معا في الملعب الاولمبي, ولكنها اعادت السؤال بعفوية لو خسرنا هل حظوظنا تبقي قائمة في التأهل لنهائيات أمم إفريقيا , لا اتذكر جوابي لكنني اتذكر بان رئيس تحرير النشرة عنف الناه كثيرا علي سؤالها, قائلا بأنه ليس في محله, كان الخطوط الحمراء في وقتها كثيرة بالمؤسسات الإعلامية الرسمية في زمن العسكر, لذالك لم يكن من المسموح به الحديث عن الهزيمة التي حدث بالفعل, وامام جماهير موريتانية غصت بهاج جنبات الملعب الاولمبي , وعلي الرغم من كون الهزيمة كانت بهدف يتيم أمام منتخب سنغالي غالبيته من المحترفين في اوربا, لكنها كانت مثل الصاعقة علي الجميع لأنه لا احد طرح فكرة الهزيمة, وعلي الرغم من كون زملاء مالحة وتمقو وفودي قدموا مباراة كبيرة إلا أن الجميع كان يعتبرهم خونة وكاد الجمهور يفتك بهم بعد المباراة, وعلي الرغم من كون المدرب بيراما كي قدم مباراة تكتيكية رائعة أمام السنغال, إلا انه اقيل بعد المباراة مباشرة وحمل المسؤولية عن الهزيمة الشنيعة , بعدذالك كان المنتخب يخسر بسبعة أهداف أمام اثيوبيا ولا احد يتحدث . ونحن ننتظر غدا مباراة منتخبنا مع السنغال نريد أن لاتكون الليلة مثل البارحة, ونريد أن لايتكرر سيناريو تلك المباراة بعد ثمانية عشر سنة, ونريد أن نستفيد من الأخطاء التي سبقت تلك المباراة ونربط الحاضر بالماضي, وليس مثل بعض اطفال الصحافة الرياضية الذين يربطون وجودها بيوم دخولهم لها أو دخولهم عليها, تماما مثل الانقلابات العسكرية التي كانت تحدث في بلادنا ويبدا بها الرئيس الجديد تاريخ البلد من وصوله للحكم. علينا بان نعرف بان هذا المنتخب الذي سيلعب غدا أمام السنغال هو أفضل منتخب تحضيرا في تاريخ كرة القدم الموريتانية, مباريات دولية عديدة ومعسكرات خارجية وداخلية معتبرة وظروف مادية رائعة, ووعد بأكبرمكافأة في تاريخ الرياضة الموريتانية, وهزيمة صغيرة في مباراة الذهاب شروط كلها لصالح تحقيق الانتصار, لكن علينا أن نعرف بأنه في كرة القدم ليس بإمكان أي فريق ضمان الانتصار مهما بلغ مستواه وقدراته , طبعا أنا لست هنا من اجل تحضير الجماهير للهزيمة أمام السنغال غدا لاسمح الله, بل العكس تماما أنا متيقن من قدرتنا علي النصر والتأهل , ولكنني اسعي فقط لعدم تكرار سيناريو 1995 في حالة العكس, حيث بان الهزيمة والخروج لا سمح الله وبودي أن اكررها مرات عديدة ليست نهاية التاريخ, ولا المستوي الكبير للكرة الموريتانية في الفترة الأخيرة, بل هي مجرد محطة ينبغي أن تساعدنا جميعا لمواصلة العمل والطموح, ليس فقط من اجل الوصول لنهائيات أمم إفريقيا وإنما للوصول لنهائيات كاس العالم فرحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة. أما في حالة الانتصار والتأهل فعلينا أن لانعتبر فريقنا أصبح عالميا غير قابل للهزائم ولكن من المفيد أن نعرف باننا بدئنا أول خطوة في الطريق الصحيح والمشوار مازال طويلا.