(مهداة لعبد الباري عطوان)
أسرج حصانك و امخر عباب اليم…
فإن الأحصنة تجيد السباحة…
… و تقاسم الفرسان أكدار الهم و نكد الغم
و كل أفراح النصر المباحة
***
و مهما علت أمواج اليم و أزبدت
و عانقت عنان السماء ثم انحنت
اثبت على سرج سابحك
و ابق فوق هامات الموج… دغدغه بأناملك
و أزل عن صفحته كل ممزق… و أطو الخدوش
و انتشله من غرق العهن المنفوش
في زبد ألسنته البيضاء…
حتى يروم في صلب ضعفه أسباب النقاء
***
و لا توهن زمنا كنت فيه فارسا مفوها
و شاعرا مغوارا.. و صبا مولها
استل سيفك من غمده الذي يحميه
في حرارته المعتمة
و في دفئه المنسي الذي يغار فيه
على حدة نصله المسننة
***
غزواتك الميمونة لا تساورها الظنون
و فتوحاتك أمدت باليقين
نفوس الضعفاء المقهورين
و المنسيين في صلب أمتك و المظلومين
أرهقتهم طعنات الغدر و سياط السنين
***
سر يا سيد نفسه على خطاك الأولى التي رسمت
في ديجور أمتك المقهورة ليتراءى لك في الأفق قبس
ضربت عليه حتى تولد منه فجر أبلج…
و أشرقت شمس لها نفس…
أهدته الصبح المكبل بخيوط الظلام ليتنفس
على فيض رؤاك المقتبسة من كل ليل عسعس
***
أنت فارس لم يحسن في يوم فن الترجل…
و لم ينشد في بلاط لحظة… بيتا في بحر التوسل
لا نفط أغراك… و لا مال ألهاك… و لا جاه أسلاك…
فها أنت اليوم و قد وقعت في أسر أمتك…
بعتها منذ ولدت فؤادك المطهر من كل الشوائب
عاهدتها و لم تخلف على الشدائد و النوائب
***
لا تخرج عليها بصمت يؤوس… و انحناءة الرؤوس
فمثلك لا يجتث جذعه… و إن تجمعت كل الفؤوس
***
لإن ضاقت بك القدس رغما عنها في عصر قهرها
فاصبر … فلا بد تسترد يوما كل أمجادها
الله في عليائه… بعين الحفظ و الوعد يرعاها
و أنت بعهدك لله …لا بد في الأرض تحميها