أسفر الربيع العربي المزعوم عن صيف ماحق أتى على الأخضر و اليابس , فحرق الأرض و جعل عاليها سافلها , و أزهق الأرواح البريئة التي لا تريد علوا في الأرض و لا فسادا , و أنتهك الأعراض و نال من العلماء بالقتل و السب والشتم , و أحل بالتاريخ صفحات مكتوبة
بالحقد و الضغينة و الكراهية و الطائفية المقيتة على وقع التكفير و التضليل , و بالجغرافيا لعنة السلاح و المال الحرام المتدفق في سبيل الطاغوت , فماذا جنينا بربكم من هذا الربيع خلال هذه السنوات العجاف غير الجرأة على الله بالنحر و السحل و هدم المساجد و نبش القبور و أكل لحوم البشر و إنتشار الجهل و الفقر و الذل و اليتم والترمل .
ومع الأسف الشديد نجافي الحقيقة عن قصد نحو المواقف و التحليلات العاطفية ذات الطابع الإنزياحي الإنحيازي المشفوع بالجهل و التهور , و كأن أنفس الناس صارت مستباحة التحليل و التحليل المضاد خروجا على باريها.
إن أمتنا اليوم و للأسف الشديد منشطرة إلى حد التشظي بين كافر و كافر و بين ظالم و ظالم , و بين قاتل و قاتل , وسفاح و سفاح , و الكل بريء مما يصنع و تقترف يداه من الكبائر التي صارت من محتقرات الذنوب.
ومن دواعي الحيرة أن المواقف تتبدل بين عشية و ضحاها و تنعكس المسميات بأمزجة لا يستقيم لها العدل و لا الحق , فسرنا في فلك التهويل و التقديس و التحقير و التبليس , حتى قبلنا أقدام المفلسين , و توسلنا رحمة أصحاب الجحيم , و تعلقنا بحبل الرزية على منابر الإنتماءات الإديولوجية الآسرة , فتجمدت عقولنا في حدود عقول الغير صوابها و خطأها فتهنا في دروب التبعية و الإقتباس و الظلا مية و الإلتباس , فعقرنا الناقة و كان ماكان.
و حقيقة الأمر أن الأمة اليوم تُطعن بخناجر لطخت الدين بإنتمائها , و سفَّهت العقل بسفالة فكرها , و عكرت صفو الماء بعفن أفواهها و أهرقت الدم بضلال سعيها و رامت الهوان بشؤم مرتعها .
و رجاؤنا من الله العلي القدير أن لا يمكن لأهل الفتنة و القتل و التدمير , و أن يرفع البلاء عن أمة التوحيد و يجعل بأسها على أعدائها لا بينها.
الأستاذ : حمزه ول محفوظ المبارك.