لا ينطلي على أحد ما تحتله اللغة العربية من مكانة سامقة بين اللغات العالمية، لما حباها الله به من سمات جعلتها سيدة اللغات العالمية وأجملها وأرقاها وأفضلها على الإطلاق، فهي لغة العلم والأدب والحياة بكل معانيها، علاوة على أنها اللغة التي شاء الله أن تكون لغة القرآن الكريم والحكمة النبوية الشريفة ولغة أهل الجنة..
كرم الله هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس بأن جعل لسانها عربيا مبينا به يتسنى للمسلم فهم الشريعة المطهرة..، مما جعل بعض العلماء يفتي بوجوب تعلم اللغة العربية.
إن اللغة العربية قد شرفت وفضلت على اللغات كما فضلت ليلة القدر على سائر ليالي السنة.
تحتل اللغة العربية مكانة سامية في نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ورغم ذلك فإن الاهتمام بها يتراجع على مستويات مختلفة.
فحسب بعض التقديرات لا يتجاوز عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنويا في العالم العربي 5000 كتاب مقابل 300.000 كتاب في أمريكا على سبيل المثال لا الحصر.
إن اللغة العربية التي جعلها الله جزء لا يتجزأ من هويتنا كمسلمين يحق لنا أن نجددها..، فهي لغة غنية جدا وتنفرد بجماليات لا تضاهيها فيها لغات أخرى، لكنها -للأسف الشديد- تعاني من غياب دور الحكومات والهيئات للنهوض بها.
في العقود الأخيرة أصبحت هذه اللغة غريبة في موريتانيا، والتي عرفت بتشبثها بها واعتناقها لها ضما كالأحبة لدى التوديع، الأمر الذي يستدعي إيقاظ هذه اللغة من سباتها العميق.
تقع مسؤولية هذا البعث على عاتقنا جميعا، لذا فلْيقم كل واحد منا بواجبه بلا ضجر ودون مراء أو مواربة من أجل إنقاذ لغة الضاد من المخاطر المحدقة بها.
يمكن القول -دون شطط- إن النهضة الشاملة التي يرنو إليها المجتمع الموريتاني لن تتم إلا بالتمكين والتدريس باللغة العربية الناصعة السليمة التي لا شية فيها، لأن التلاميذ والطلاب أكثر استيعابا بلغتهم الأم وهذا النهج هو الذي تنتهجه الدول المتقدمة وهو ما أثبتته الدراسات المعاصرة.
ينبغي على سدنة اللغة أن يذودوا عنها، وأن يرفعوا معاولهم لتحطيم الأصنام التي تدعو إلى أن يكون المجتمع أعجميا، ويصدعوا لإيقاظ الضمائر وشحذ الهمم..
حري بنا أن نغرس اللغة العربية واحات ندية نضرة.. في شتى أصقاع العالم ولاسيما في صحاري موريتانيا الشاسعة، التي كانت مهدا لهذه اللغة الشريفة.
نحن بحاجة ماسة إلى أدوات لغرس بذور اللغة العربية في نفوس الناشئة التي أضحت تكرهها بسبب المناهج الدراسية الجافة والطرق التعليمية التقليدية.. من أجل أن تعود سيرتها الأولى نقية من الشوائب، ورواسب الانحطاط التي علقت بها منذ ردح من الزمن.
نرجو من الدولة الموريتانية تطبيق المادة السادسة من الدستور القائلة بأن اللغة العربية لغة الأمة الموريتانية بكافة مكوناتها الغنية بتنوعها الثقافي الذي يشكل مصدر قوة وعز وفخر.. لها، وأن تمكن لها في المناهج التعليمية والمراسلات الإدارية.. وهو أمر لا يحتاج إلا إلى جرة قلم مملوء بالإرادة والقناعة بشرف وفضل هذه اللغة الحية التي كُتب لها البقاء.