شهدت شوارع القاهرة ليلة السبت وصباحه مجزرة مروعة كان ضحيتها جمع من المدنيين العزل جاءوا ليعبروا عن رفضهم للإنقلاب علي سلطة انتخبوها وكانوا ينتظرون منها تحقيق آمالهم الوطنية، قبل أن يبتلوا بانقلاب عسكري غاشم،
أجهز علي ديمقراطيتهم الوليدة والتي قدموا من أجلها قوافل الشهداء، قبل أن يتمكنوا من ترحيل مبارك الفاسد ومن بعده طغمة الطنطاوي، التي تآمرت علي ثورة الشعب المصري الأبي. ورغم أن المواجهة بين الشرعية والانقلابيين، تجري الآن ضمن الفضاء المصري، إلا أن نتائجها بالغة الأثر علي المنطقة العربية، بل والعالم أجمع، لذا حظي الحدث المصري هذه الأيام بمتابعة عالمية، وصار كل طرف يمني ليلاه بأن اختياره سينتصر، دون توقف عند النتائج الكارثية التي تتعرض لها مصر الكنانة هذه الأيام. ولعل أغرب ما في هذا الإستقطاب الجهوي والعالمي أن أطرافه تنطلق من مبدإ واحد، هو الديمقراطية، دون أن يكون هناك اتفاقا حول الشكل ولا المضمون، فلا المسلمون يقبلون بالخيار الاسلامي، عندما يكون لصالح طرف يتبني الاسلام ، ونفس الشيء بالنسبة لليبراليين الذين يرفضون نتائج صناديق الاقتراع ونتائج الفرز الحر. إنها معادلة مربكة وخيارات تضرب المعيارية وقواعد اللعبة السياسية المتعارف عليها عالميا، كما أنها تعكس موقفا ملتبسا اتجاه الاسلام وتحكيم الشرع، عندما يرفض المسلمون خيار الاسلام ومحيرا عندما يتخلي الليبراليون عن معيارية صناديق الاقتراع.. لذا كان البديل فوهات المدافع وأحادية الرأي وعودة الفلول، الذين عاثوا في الارض فسادا وكانوا أكبر أداة في يد مبارك ونظامه. ورغم أ ن البعض فرح بانقلاب السيسي وصحبه، الذي تمت التهيئة له بعناية وخططوا له منذو بعض الوقت ليقطفوا السلطة وهي يانعة، بعد أ ن تمت شيطنة مرسي قبل أن يصل إلي السلطة وخلال تسلمه للموقع وجعلوا منه رئيسا شرفيا، لا يأتمر مرؤوسيه بأوامره ولا ينصفه إعلام بلده.. فتاهت الحقيقة وضاعت المعايير وخون الأمين وأتمن اللص وصارت السوقية في الخطاب والممارسة سمة للمرحلة. واليوم ليس أمام شرفاء مصر، سوي الصمود والصبر، حتي يهزم المشروع الانقلابي الذي تقف خلفه قوي مشبوهة ومعروفة بتبعيتها للأمريكان والغرب وتسانده بلطجية أدمنت سفك دماء الابرياء وتعودت القتل المأجور، صنعها نظام مبارك لقمع معارضيه في السابق وهاهو نظامه يستنجد بها من أجل إقصاء الشرعية ولتتحقق علي يديهم عودته هذه المرة بمعية دبابات السيسي وصحبه. وأمام هذ الواقع الذي يلتبس فيه الحق بالباطل ويقدم فيه أنصار المشروع الامريكي، بوصفهم ملاذا أفضل من تحكيم شرع الله وتصبح فيه إرادة الناخب نسيا منسيا أمام بيان هزيل من عسكري مغموره، زاده الوحيد أنه يفضل إرضاء أمريكا وأتباعها علي خيار شعبه ومصالح بلده، ليس أمام شرفاء العالم، سوى الوقوف صفا واحدا ضد انقلاب السيسي المدعوم أمريكيا وإسرائيليا. إن هذا الجرم الذي اقترفه السيسي وجماعته والذي أزهقت خلاله أرواح طاهرة صائمة قائمة في الشهر الحرام، يفرض على الجميع إعلان البراءة من السيسي وصحبه، والصراخ في وجههم أن بعدا لهم ولكل متكبر جبار.. فالساكت عن الحق شيطان أخرس، ونرجوا أن لا نكون في هذا الشهر الحرام ظهيرا للمجرمين ولا نصيرا للإنقلابيين المتجبرين.