قرار الشعوب / مولاي امحمد ولد الذهبي

altجاءنا الربيع العربي على حين غفلة من حكامنا المعمرين ، الذي جثموا على صدور شعوبنا سنين عديدة ، جاءنا وقد بلغ القهر والظلم والجور مبلغه ، وضاقت على المواطن البسيط الدنيا بما رحبت ، تكلم الفقير ، وصاح السجين المظلوم ، وطلب الإنسان

 حقه في الحياة ، واستعدت الشعوب العربية أن تقدم من دمائها وأموالها التضحيات الجسام ، وازدادت ثقة الإنسان العربي في نفسه ، فصوته الضعيف اليوم اسقط طواغيت الأمس ، وخياره الديمقراطي اليوم أحرج عملاء الأمس ، وقوة قراره اليوم أذلت وأحرجت الغرب و دويلته الصهيونية .

قررت الشعوب أن تتذوق طعم الحرية ، وأن تجرب قيمة العدل ، وأن تعيش في ظل خيارها الديمقراطي الذي لا يملا من غريب ، ولا يمن من حاكم ظالم . ونجحت الثورات العربية في بعض البلدان ولا زالت تعاني صعوبة مخاض عسير في شامنا العزيز.

لكن ما كان لفلول الأنظمة الاستبدادية القديمة أن تتكرك تجربة الشعوب العربية تأخذ طريقا في النجاح ، وما كان للغرب و أذناب الغرب أن يتركوا تجربة ديمقراطية حديثة ،الشعب مصدرها ينعم بها وطننا العربي ، فجيشوا لذالك الجيوش من بلطجية مرتزقة وطبقة سياسية عربية ،للغرب الدور البارز في تكوينها و إعدادها ، و نحن نشاهد ما يحدث اليوم في مصر نستنج أن المواطن المصري أصبح بين خيارين أحلاهما مر ، أن يستسلم لواقع يرجع ما كان من قهر واستبداد ، أو أن يواجه واقع مرير تزهق فيه أرواح و تسفك فيه دماء بريئة . وجب التأكيد على أن الشعب إذا أصر على قراره الأول بنسف الطغاة وأصر على أن ينجح ثورته السلمية وأن يحافظ على مكتسباته الديمقراطية ، سينجح لا محالة لآن الشعب أقوى وأبقى ، وجب التأكيد أنه إذا علا صوت الباطل لا ينبغي لصوت الحق أن ينخفض .

إننا يا سادتي لا نتكلم عن الإخوان المسلمين و إن كان لهم الصوت القوي ،ولا عن أي خلفية أخرى وإن كان لها الأثر البليغ ، لكن نتكلم عن أم الدنيا مصر بشعبها الطيب ،مسلميها ومسيحيها ، نتكلم عن مصر وعمقها العربي والإسلامي وتأثيرها القوي في العالم ، إذا ضاعت مصر (وحفظوها مني )ضاع العرب ،وضاعت قضية فلسطين ، وضاعت هيبة الإسلام والمسلمين .

اعتقد أن ما يحدث لمصر الآن إذا نجح سيستنسخ في دول الربيع العربي و سيظلم الشعب ظلما مضاعفا ، لأنه في فترة أراد أن يصطلح مع ذاته ورغباته كإنسان يتأثر من ما يشاهده في العالم . إن مصر تحتاجنا جميعا اليوم ، تحتاج منا دعاء قد يكون مستجاب ، ووقوفا مع الحق قد يكون مصبرا ومعينا .

إن دماء شعوبنا العربية دمائنا جميعا ، نألم لألمهم وكما أن نفرح لفرحهم ،وينبغي منا جميعا أن يجمعنا الدم العربي لأنه أعظم وأكبر من أي توجه قد يفرق أو انحياز قد يخطأ صاحبه .

30. يوليو 2013 - 19:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا