من فلسفة الإسلام أن علمنا أن كل أمر المسلم خير إن أصابته سراء فشكر كان خيراله وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له وما ذلك الا للمؤن كما في الحديث الشريف ورغم أن الإخوان المسلمين في مصر الكنانة رفضوا رفضا باتا الإنقلاب
علي الشرعية وإستعدوا لدفع ثمنه الباهظ بل دفعوا بالفعل ثمن ـ ذلك الرفض الأبي الذي سيحدد لاشك مسارالأمة ويضع معالم مستقبلها المشرق بإذن الله ـ ورغم فهمهم السليم لمبدأ "لاتحسبوه شرا لكم بل هو خيرلكم " فهما تتولد عنه القناعة التي تحمل علي التضحية التي جعلت الآلاف من الشباب المؤمن والنساء الطاهرات والرجال الأفذاذ يتركون وراء ظهورهم كل ملذات الحياة من مساكن يرضونها وتجارتا يبدوا أنهم لم يعودوا يخشون كسادها حرصا علي أن تعيش الأمة بكل كرامة وإباء دون أي وصاية لأي كان فلم يحملهم فهم المبدأ القرآني العظيم في التعامل الإيجابي مع المحن والعوائق علي التسليم والسلبية وعدم تحمل المسؤولية إتجاه الأمة التي إختارتهم لإدارة وسياسة شئنها سواء تجلي ذلك الإختيار في إختيارها لمرشحيهم عبر صناديق الإقتراع وفي أكثر من قطر وقبل ذلك إختيارها لمنهجهم القويم الرامي الي تحريرأوطانها وعقول أبنائها وإستقلال ذاتها وإستئناف أستاذيتها لا بل جعلهم يقدمون علي إتخاذ القرارا الصعب والموقف المشرف والخيار الوحيد ... قرار الإنتفاضة قرار نتقية الثورة من بعض ما شابها من جراء مشاركة من أثبتت الأيام أنهم لايؤمنون لابالديمقراطية ولا بضرورة تحرر الأمة , قرار مواصلة المشوار فإختاروا الميادين ـ وما إختيار الميادين بصدارة وقيادة ميدان الفرقان" ميدان رابعة العدوية" الا رسالة ضمنية أرادت جماعة الإخوان المسلمين إيصالها لمن خططوا وإستقوو بالغرب الملحد والخليج المستبد علي مسخ هوية مصر الإسلامية الأصيلة وإستبدالها ببعض الفلسفات الوضعية الهزيلة التي لاتزال تثبت يوما بعد يوم قصورها بل هزالتها وأن من وضعوها هاهم اليوم يتلمسون حلولا لمشاكلهم الإقتصادية من تعاليم الإسلام الحنيف ويعلنون فشلهم الذريع في المجال الإجتماعي ويسترقون السمع للطرح الإسلامي فيه وفي غيره من المجالات مهما أصيبت عيون المنبهرين بهم به من الحول ـ رسالة مفادها أن عليكم أن تفهموا أيها المتعلمنين أن مصر إسلامية بإمتياز وقد حان الأوان لتعلنها عالية وتهتف في حشودها الغفيرة وميادينها الكبيرة أن الله أكبر وتحيا مصر ... أما الدرس الثانية التي يعلمنا إياها ميدان رابعة العدوية فهي أنه لولا إنقلاب ال 30 من يوليو الغاصب لماكان للإخوان أن يكون لهم الفضل ـ بإذ الله طبعا ـ في إحراز نجاحين كبيرن في الشكل والمضمون : أما الأول والأهم ـ علي إعتبار أن الثاني كان سيتحقق لامحالة ـ الأول هو توفر كل الأسباب لإقامة أكبر تجمع عبادي قد يكون في تاريخ الدنييا كلها مخبتا لله عزوجل فلو لم يكن للإخوان في هذه المحنة من المنح سوي القدرة علي إقامة وتنظيم أكبر تجمع عبادي في قلب القاهرة ـ التي لانزال نسمع من يتحدث في وسائل الإعلام بل تحدثه نفسه عن هويتها العلمانية ـ تجمع يرفع المصاحف عالية ويهتف بالتكبير ويتغزل علي الشهادة في سبيل الله يتبري في التضحية في سبيله بكافة أشكالها سواء في إعداد وتحضير ملايين الصاندوتشات وملحقاتها وسواء في ضرب أروع الأمثة في تحقيق الجندية لله والوقوف في حر الشمس علي ظمئ الصيام لتأمين المعتصمين وإعطاء الصور الحية التي تعكس ذوق الإسلام والإسلاميين في التنظيم والترتيب والأناقة وغيرها من مظاهر المدنية تجمع تقام فيه الصلواة الخمسة ويحافظ فيه علي السنن الرواتب ويتلي فيه كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار تتجافي فيه الجنوب عن المضاجع تدعوا ربها ـ الذي آمنت به وحده ربا ولم تصرف شيئا من أنواع العبادة لغيره ولم تفكر بالحكم بغير ماأنزل يوما ـ تدعوه خوفا وطمعا فكسر خوفها منه سبحانه الخوف من الدبابت وفوهات المدافع والرصاص الحي ورصاص الخرطوش ... وأعماها الطمع فيه وفي رحمته الواسعة عن الطمع في أموال الخليجيين وتمويل الأمركيين والرغبة في ماعند الصهاينة المغتصبين ... ليرسم "ميدان الفرقان " بذلك أروع لوحة عرفرها التاريخ النضالي التحرري المجاهد تناسق ألوانها أخمرة المحجبات وتبعث نورها لحي المخبتين وتعزف موسيقاها حناجر الشباب المرابطين وترفع صيتها تصفيقات الموحدين فيتحول بذلك الميدان المجاهد الي قبلة تشرئب اليها أعناق المؤمنين من كل أصقاع المعمورة تنشر الإيمان وتنثر السكون وتوصل الرسائل تهدي الضال وتنير درب الحائر المرتاب وتوغظ العدو اللدود في ظاهرها قبل باطنها ... فهنيئا للإخوان بإقامة أكبر تجمع عبادي وفرعليهم الكثير من الجهود لتربية الدنيا بأكملها... . أما النجاح الثاني فهو تهيؤ الظروف والمبررات الأخلاقية لهم لتنقية الثورة من الرواسب التي أصابتها بمشاركة ذوي المآرب الأخري فمن الطبيعي جدا ومما تمليه إكراهات السياسة أن يرحب بإنضمام أصحاب المصالح المادية والآنية مادية كانت أو رمزية الذين يميلون حيث مالت رياح مصالحهم ويتلونوا بألوان مطامعهم وهو ماحدثب بالفعل إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث إلتحق أصحاب المصالح ممن لم يكونوا يفكرون في الثورة ولايرغبوا أصلا في زوال نظام الطاغية مبارك إلتحقوا بالثورة ووقفوا الي جانب المخلصين الذين طال أنينهم تحت وطئة النظام المستبد المدمر, لما أيقنوا بنجاحها بل لما رأوه يتجسد أمام أعينهم كل ومآربه فالفلول وأزلام النظام البالي ألتحقوا مستجيرين بالميادين من الملاحقات القضائية وتشبثا بماتبقي من أموال الشعب المصري التي سرقوهاوالحفاظ عليها في حسابات بنوك سويسري وحتي البنوك المحلية وعلي ناطحات السحاب التي شيدت في عهد الإستنزاف إلتحقوا , بالثورة الي جانب المخلصين من الثوار علي النظام الذي ربما كانوا يشاركونه كل صغيرة وكبيرة حفاظا علي المصالح وإنجارارا وراء المطامع البغيضة فطبعا لاخير في وقفة مرء متملق إذا المصالح مالت مال حيث تميل... أما من يعرفون بالتيار العلماني بمختلف ألوانه فمنهم طبعا من خرج في الأيام الأولي من الثورة في وجه الإستبداد ـ وقليل ما هم ـ خاصة أتباع التيار اليساري ومنهم من حملته سيول الشعب المصري الجارفة ـ مؤطرتا من لجان الإخوان وبعض المثقفين والمخلصين من أبناء مصر ـ علي النزول هروبا من محاسبة التاريخ وحرصا علي إيجاد مكانة لهم في سفينة الثورة التي كانت ستعبر لامحالة لاتبالي بدعمهم لها من غيره ـ فدعم المتملقين لايقدم ولايؤخر ـ وكانت أيضا طبيعة الموقف آن ذلك تملي ضرورة توحيد الصفوف أمام الضربات القاضية محلية الصنع والمستوردة علي حد سواء التي كانت تستهدف إجهاض الثورة أو تغيير مسارها علي الأقل ـ والتي نحن الآن أمام إحدي محاولاتها المكشوفة ـ فكان لزاما علي الإخوان وغيرهم من الثوار المخلصين المطالبين بالحرية أن يوجدوا أرضية عمل مشتركة بينهم وبين قومهم ليشرعوا في مسيرة النهوض والبناء قبل أن يفاجأوا بغدر الذين لم يكواو ليجلسوا مكتوفي الأيدي وهم يرون بأم أعينهم مصر ترفع رأسها وتستعيد إباؤها وتحمل علي الأعناق رئيسا مدنيا قادم لتوه من سجن نطرون ـ بعد أن حرره الأهالي هو ومن ومن معه من سجناء الرأي والحقيقة ـ جائت به عبر صناديق الإقتراع وبإرادة الشعب الحرة لأول مرة في تاريخ مصر الكنانة فعز المشهد علي القوم ولم يستطيعوا تحمل المزيد من الخطوات في طريق إستعادة سيادة مصر والتفرد بقرارهاوشئنها الداخلي بل لم يكن بمقدورهم الذهني الضيق قراءة المعادلة الجديدة فمصر التي أعلنت بالأمس من قصرها الإستبدادي وزيرة الحرب الصهيونية الحرب علي القطاع المجاهد قطاع غزة هاهي اليوم وبإتصال هاتفي من رئيسها توقف العدوان الصهيوني البري علي غزة! تحول غير مطاق في المعادلة الشرق أوسطية ولن يترك ليسير كذلك طبعا . بدأ التحضير لقلب المعادلة وإستعادة أطرافها ومجاهيلها القديمة منذ إعلان فوز الدكتور محمد مرسي إبن المشروع النهضوي الإسلامي رئسا للبلاد وكانت الظروف لاتزال آن ذلك مواتية للأسف فعملاء الداخل لايزالاون يمسكون بمفاصيل الدولة والمؤسسة العسكرية لاتزال تتلقي جزءا مهما للغاية من ميزانيتها السنوية من لدن الولايات المتحدة الآمريكية أضف الي ذلك التوجس الكبير لدي بعض القوي السياسة المنحرفة من أسلمة مصر في ظل مشروع ديمقراطي تنموي قوي ـ فهناك من لايريد لمصر أن تنعم في ظل حكم الإخوان ولايريد للناس أن تري وتعيش رفاهية الحكم الإسلامي الذي بذل جهودا مضنية في تشويهه لديها ... كلها أسباب إجتمعت وإتحد أصحابها علي إختلافهم للإنقلاب علي الشرعية والعودة بمصر الي كهوف الظلام الا أنه سرعان ماتدخل المبدأ القرآني العظيم وإذا به يحول القضية من محنة قاضية الي منحة واعدة تعد بثورة خالصتا لاشية فيها تمنح المبررات السياسية والأخلاقية لأبعاد مكامن الخطر علي مكتسبات ثورة الشعب بل توجبها , فهنيئا للإخوان والمخلصين بتجدد الفرصة لتنقية الثورة وحراستها, فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيكمث في الأرض