طالعت للتو في موقع وكالة الأخبار المستقلة بأن منسقية المعارضة قد قررت المشاركة في الإحصاء ذي الطابع الانتخابي، وقال الموقع بأن أطراف المعارضة قد اتفقت أيضا على عدم إعلان هذا القرار للرأي العام، وعدم إصدار أي بيان بشأنه.
وحسب وكالة الأخبار، وحسب مصادرها المطلعة التي أوردت لها الخبر، فإن أحزاب "التكتل" و "حاتم" و "اللقاء" كانوا من أبرز المعارضين للقرار، غير أن أحزابا أخرى لم يحددها الموقع، كانت قد رأت في التسجيل مصلحة للمعارضة، وذلك لأنه سيمنع الأطراف الممسكة بالقرار من التلاعب باللائحة الانتخابية في حالة حصول اتفاق على تسوية ما بين النظام والمعارضة. كما أنه سيظهر حجم المسجلين غير المصوتين إن قررت المنسقية مقاطعة الانتخابات القادمة. تعليقات سريعة على الخبر: ١ ـ في اعتقادي، وهذا مما لا يحتاج لذكاء كبير، فإن المقصود بأحزاب أخرى التي جاءت في الخبر : حزب "تواصل" أولا، وحزب اتحاد قوى التقدم ثانيا، وبعض الأحزاب "الأخرى" التي قد لا يكون من المهم ذكرها هنا. وبالمناسبة فإنه قد تم ذكر حزب "تواصل" بشكل صريح، في خبر آخر، نشره اليوم موقع "المحيط". وقد جاء في ذلك الخبر بأن النظام يعول على مشاركة "تواصل" لتشريع الانتخابات القادمة. وعموما فإن "تواصل" هو الحزب المعارض الوحيد الذي يشعر قادته بأن شعبية حزبهم قد زادت في السنوات الأخيرة وهو ما قد يغريهم بالمشاركة في أي انتخابات قادمة. ٢ ـ إن ظهور هذا الخبر على موقع الأخبار والذي يعد من أكثر المواقع الوطنية تصفحا سيجعل من اتفاق رؤساء أحزاب المنسقية بلا جدوى، وأقصد هنا اتفاقهم على عدم إعلان قراراهم هذا للرأي العام، و عدم إصدار أي بيان بشأنه. أما فيما يخص الجهة التي لها مصلحة في تسريب هذا الخبر، والجهة التي سربته فعلا لموقع الأخبار، فتلك أمور أخرى لن أتحدث عنها، وسأترك للقارئ مطلق الحرية في تخمينها. ٣ ـ لم أفهم كيف كانت المنسقية ستوفق بين دعوتها للتسجيل، وعدم إعلان ذلك للرأي العام، في حالة عدم تسريب هذا الخبر. فهل التسجيل في الإحصاء الانتخابي الذي دعت له المنسقية سرا كان خاصا بقادتها الذين حضروا الاجتماع المذكور، أم أنه كان موجها لعموم جماهير المعارضة؟ فإذا كان هذا القرار يخص القادة فإنه لن يحقق الأهداف التي تم الحديث عنها ( منع الأطراف الممسكة باللائحة من التلاعب بها في حالة حصول اتفاق، أو إظهار حجم المقاطعة على اللائحة الانتخابية في الحالة الثانية، أي في حالة اللجوء إلى مقاطعة الانتخابات). أما إذا كان المقصود بهذا القرار هو جمهور المعارضة فلابد من إعلانه للرأي العام، وإصدار بيانات بشأنه، حتى يتحقق المراد منه، ولذلك فإنه لا معنى في هذه الحالة لاتفاق قادة المنسقية على كتمان اتفاقهم هذا، وعدم إعلانه للرأي العام. ٤ ـ إن صح هذا الخبر فذلك يعني بأن المنسقية قد دعت مناضليها للتسجيل في الإحصاء من قبل أحزاب المعاهدة التي شاركت في الحوار، والتي لم تطلب حتى الآن من مناضليها التسجيل، لا سرا ولا علنا، بل بالعكس فإن آخر بيان لها كان قد شكك في هذا الإحصاء. فأن تدعو المنسقية من قبل المعاهدة للتسجيل في الإحصاء ذي الطابع الانتخابي فإن ذلك لمن الأمور التي تثير الاستغراب حقا. ٥ ـ إن مثل هذا النوع من القرارات لن يؤدي إلا لمزيد من عدم الثقة بين أحزاب المنسقية فيما بينها من جهة، وبين المنسقية والمعاهدة من جهة ثانية، خاصة أن المعارضة ظلت تكرر ـ وحتى وقت قريب ـ بأنها ليست معنية أصلا باللجنة المستقلة للانتخابات، ولا بالقرارات التي تُصدرها. ومن المؤكد بأن أكثر ما تحتاجه المعارضة في مثل هذا الظرف السياسي الحرج هو أن تبعث الثقة بين أطيافها، حتى يتأكد الجميع بأنه في حالة التوصل إلى اتفاق فإنه لن يكون هناك من أحزاب المعارضة من سيخل بذلك الاتفاق، ولا من سيغازل النظام سرا. ٦ ـ إن هذا الاتفاق السري ليؤكد مرة أخرى غياب أي رؤية وأي إستراتيجية لدى المعارضة، وأن قرارات المعارضة ما زالت تحكمها العبثية ويطبعها الارتباك. إن هذا الاتفاق يمكن أن يُفهم منه أن المعارضة يمكن أن تُبرم غدا اتفاقا مع السلطة للمشاركة في الانتخابات القادمة دون تغيير موعدها، ودون تغيير اللجنة المستقلة، وعلى أساس الإحصاء الجاري حاليا. إن وجود مثل هذا الاحتمال هو الذي جعل المعارضة تقرر أن تسجل في الإحصاء الحالي، ولو أن هذا الاحتمال لم يكن موجودا لما قررت المعارضة أصلا أن تسجل في هذا الإحصاء، وذلك باعتبار أن مشاركة المعارضة في أي انتخابات قادمة سيكون مرهونا بشروط كثيرة لعل من أهمها توسيع اللجنة المستقلة للانتخابات، وتغيير موعد تلك الانتخابات، وتنظيم إحصاء جديد في ظل لجنة جديدة للانتخابات. ٧ ـ إن مشاركة المعارضة قي هذا الإحصاء الجاري حاليا ستمنح لهذا الإحصاء مصداقيةكبيرة كان يحتاجها. فقد كشفت الأيام الماضية حجم الأخطاء التي تم ارتكابها خلال هذا الإحصاء. ويكفي أن نعرف بأن تجهيزات أحد مكاتب الإحصاء في إحدى مقاطعات العاصمة قد تمت سرقتها ضحى، وذلك لأن العاملة الوحيدة في المركز كانت نائمة. فأن يكون في المركز سيدة واحدة، وأن تنام ضحى، فذلك يعني بأن منظمي هذا الإحصاء غير جادين لأنهم خصصوا موظفا واحدا لمركز في العاصمة. أما نوم الموظفة ضحى في المركز فذلك يكفي كدليل على أن إقبال المواطنين على الإحصاء كان ضعيفا. حفظ الله موريتانيا..