من البديهي أن التعليم هو أساس التنمية وركيزة التقدم؛ بما هو معني بصناعة الكفاءات البشرية التي هي الأدوات الفاعلة في كل مجالات التنمية المختلفة؛ ومن ثم يختل الأداء في شتى مفاصل الدولة بقدر ما يكون في صادراته من خلل وقصور؛ إن على مستوى الكم أو على مستوى الكيف
ومن الملاحظ أن منظومتنا التعليمية مرت بمراحل متنوعة لم تغب فيها مظاهر الارتجال والارتباك؛ الشيء الذي أدى إلى ترهل في المخرجات ترجمته نسب النجاح المتدنية في المحطات الإشهادية خلال السنوات الأخيرة، ولعل ذلك عائد إلى أسباب عديدة منها:
1 – ضعف أداء طاقم التدريس؛ بسبب تدني المستويات وعدم التفرغ للمهنة لضغط الحياة وعدم توفر الدخل الكافي
2 – غياب التكوين المستمر للمدرسين وهيأة التأطير
3 – الاكتظاظ الزائد؛ مما يعيق وصول العملية التربوية إلى أهدافها
4 – الارتجال والفوضوية في اعتماد المناهج والبرامج، ففي السنوات الخمس الأخيرة تغيرت المناهج ثلاث مرات بغير تبرير مقنع؛ صحيح أن تمحيص البرامج وتحيينها من وقت لآخر مطلوب، ولكن تبديل المناهج قبل انقضاء الوقت الكافي للحكم عليها أو لها غير مستساغ
5 – تسييس العملية التربوية واعتماد مخرجات الورشات الهزيلة التي تقوم على مبدإ الكم وتغفل عن الكيف، والشأن التربوي – بطبيعة الحال – يحتاج إلى رأي الخبراء الذين يشخصون ويصفون الدواء أكثر مما يحتاج إلى الجمع الغفير الذي قد لا يعنيه إلا التصويت في صناديق الاقتراع
ورغم هذه الأسباب وغيرها مما له دور في إرباك المشهد التربوي، فإن الوزارة قامت بإجراءات جليلة لا بد أنها سوف يكون لها كبير الأهمية في إعادة قطار التعليم إلى سكته، فمن ذلك الاكتتاب المتتالي للمدرسين، ومعيرة تحويلات وترقية الأساتذة والمعلمين، إضافة إلى البداية المبكرة لانطلاق الدروس هذه السنة، ومواكبة الولاة والسلطات الإدارية للعملية التربوية؛ من أجل إزاحة الصعوبات والعراقيل، والوقوف في وجه تغيبات المعلمين والأساتذة
ومن الجدير بالملاحظة هنا أن الوزير في خطاب الافتتاح قد أشاد بالمدرسين، وبدورهم المحوري في العملية التربوية، ووعد بأن القطاع سيبذل ما في وسعه من أجل أن ينال المدرسون ما يستحقون من العناية ماديا ومعنويا، ومن الطبيعي أن إجراء – كهذا إذا ما تم – سيكون له أثر إيجابي هام على العملية التعليمية ومخرجاتها
ومن الإجراءات المهمة التي قامت بها الوزارة هذه السنة توفير أعداد كبيرة من الكتب المدرسية وتوزيعها بكميات كبيرة على المدارس في الداخل
هذا، وتبقى المدرسة الجمهورية التي دخلت عامها الثاني خيارا مهما تعلق عليه آمال جسام في سبيل الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية؛ غير أن نجاحه يتوقف على الإرادة السياسية، والكادر البشري، والدعم اللوجستي