ابتداءً التحية الخالدة لأمةِ جنوب إفريقيا للدّور الطّلائعي العادل والإنساني الذي تتطلع به هذه الأيام بعدما تقاعس الجميع وتُركَ لإسرائيل الحق في قتل وتدمير الشعب الفلسطيني.
ومع أن محكمة لاهايْ تفتقر لآليات التنفيذ إلا أن وقوف دولة الاحتلال أمامها رغم ما تتمتع به من دعم من قوى الاستكبار وفي مقدمتها الولايات المتحدة يمثل صفعة قوية لم تكن منتظرةً وهزّة عنيفة علي المستوى القانوني.
صحيح أن جنوب إفريقيا عانت من نظام الآبرتيدْ وهو ما يجعلها أكثر استعدادا وإحساسا وكرْها بالظلم لكن كافة الدول الأعضاء بالمحكمة والتي انضمت لنظامها الأساسي وقبلت باختصاصها بموجب شروط محددة يجوز لها أن تُرافع أمامها إلا أن جغرافيا -مانديلا-انفردت بتلك التضحية في الوقت الذي يوجد من الإخوان في الّدم والدّين والإنسانية من لم يقمْ به ولو أنهم فعلوه كان خيرا لهم.
إن أهم قيمة عند هذه المحكمة التي أنشئت 1945 وباشرت أنشطتها سنة1946هي قيمة العدل المستندة إلى موضوعية القواعد القانونية والشفافية في إجراءات التقاضي وضمانات حقوق الإنسان والحريات والمساواة المستندة إلى امتناع المحكمة عن التمييز بين المواطنين .
وقد تابعت باهتمام بالغ تلك المرافعات فخلصت إلي أن ممثلي إسرائيل إنما أتوا من أجل اللّعب كعادتهم لكنكَ تلحظُ في وجوههم الكذبَ والخداعَ والخوف من الشركِ الذي استُدْرِجوا إليه.
فمثلا يدفعون باتجاه عدم الأدلة وآية أدلة اكبر من مائة ألف بين قتيل وجريح والتدمير الكامل للبيوت والتهجير ؟من دون فرق بين الأطفال والنساء والشيوخ.
كما أنه في نفس الوقت الذي تجلس فيه المحكمة يتواصل مسلسَلُ الإبادة والنفي والتنكيل والقتل العمد وبدأوا يقارنون بين الحرب في أكرانيا بما يجري في غزة وينزعون إلي التماس النظر في مصالح الطرفين متناسين أن السابع من أكتوبر لم يكن أصل النزاع بل هو نتيجة كن نتائج ا لتغول والاستعمار لأزيد من ثمانين عاما.
كل دفعاتهم ضعيفة لا تصمد فمثلا يقولون بأن تصاريح مسؤوليهم لم تكن مبرمجة ولا تنم عن نية الإبادة ولا تمثل إسرائيل,فمن يمثل الحكومة إذا كان أعضاؤها لا يعبرون عنها؟
وفي الجانب الآخر تجد أن خطابات محامي جنوب إفريقيا مدعومة بالصّور والواقع وكذلك معرفة القضاة بتفاصيل ما يجري من ظلم واضطهادٍ عبر البث المباشر للجزيرة من خلال الصحفي الأسطورة :وائل أدّحْدوحْ الذي ما فعلوا بأهله وحده يكفي لإدانتهم.
إنه بالنظر لجرأة جنوب إفريقيا وإقدامها علي استقدام إسرائيل إلي قاعة الاتهام فيجب علي الأمة العربية والإسلامية إعادة النظر بإيجابية في علاقتهما بها انتسابا ودعما في جميع الأوجه حيث كفتهما (مشقة)مقاضاة إسرائيل المدللة من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
وهذا الباب الذي فتحه الجنوب إفريقيون سيستغله الجميع لا حقا بعدما تبين أن بيت المُحْتَلِ كبيت العنكبوت وأن التعرض لإسرائيل لا يُسْقط السّماء علي الأرض .
وكما سقطت مقولة –الجيش الذي لا يهْزم –فقد ظهر أيضا أن إسرائيل أمام المحافل الدولية بلا ظهير إذا ما استثنينا آمريكا ومن معها من المنافقين الذين يرفعون راية الإنسانية وهي منها براء.
إن ال84صفحة التي تقدم بها الفريق الجنوب إفريقي عصية علي التفنيد لتأسيسها علي وقائع فظيعة يدركها الجميع ويشاهدها علي الجزيرة عبر البث المباشر وننوه هنا بدور الجزيرة الذي له الأثر الداعم علي مستوي المحكمة بالنظر إلي الأرشيف الغني بسجلات بتلك الأعمال البربرية.
أضف له في الجانب السلبي أيضا الكلفة الاقتصادية المقدرة ب: 18 مليارا من الدولارات وهو المبلغ المصرح به لكن الواقع أنه أكبر بكثير إذا لم يكن الضعف.
إسرائيل في ورطة حقيقية ’ورطة قانونية وأخلاقية وإنسانية حيث أجمع المراقبون أن حججَ إسرائيل ضعيفة عن عمقٍ حيث يتقولون بأن المحكمة لا تملك الصلاحية في جوهر الدعوة وأن جنوب إفريقيا لم تلتزم الشكل المطلوب وكله مرفوض.
يتتابع بحول الله ......