الانتخابات المرتقبة بين خيارات المشاركة والمقاطعة والعصيان / امربيه ولد الديد

تعيش الساحة السياسية الموريتانية حالة من الحيرة والترقب بعد أن عبر طرفا اللعبة السياسيةفي البلاد، من أغلبية ومعارضة، عن موقفيهما المتناقضين من الاستحقاقات التشريعية والبلدية المرتقبة حيث تعتبر الأغلبية

 الداعمة لولد عبد العزيز أن كل الظروف وضعت لتنظيمها في جو مرضي، فيما ترى المعارضة عكس ذالك معتقدة أن إجراء أي انتخابات في مثل هذه الأجواء يعد ضربا من المستحيل، ومحاولة يائسة للضحك على عقول الشعب.

وهكذا يظهر كل طرف نوعا من الدغمائية الزائدة في التمسك بموقفه تجعله يعتقد دائما أن خصمه سيتراجع لا محالة ويقبل بموقفه. فبالنسبة للنظام فإن المعارضة لن تصمد على موقفها طويلا نظرا للأطماع الخاصة لكل حزب منها على حساب رفاقه من الأحزاب الأخرى، وكذلك النتائج السلبية المشهودة لتجربة مقاطعتها لأول استحقاقات برلمانية في تاريخ التعددية 1994، فضلا عن المصالح الشخصية لقادتها والمنتسبين لها من اطر في الانتخاب والتوظيف، وغيرها من المسائل المرتبطة ارتباطا جذريا بالمشاركة في الانتخابات؛ الأمر الذي يجعل المعارضة بين خيارين أحلاهما مر: فسياسة المقعد الشاغر قد أثبتت فشلها، ولم تعد مقبولة، والمشاركة تعني تشريع انتخابات أحادية النتائج.

ووعيا منه بمدى الإحراج الذي تعيشه المعارضة، حاول النظام زيادة الضغط النفسي عليها بإطلاق حملة انتخابية سابقة لأوانها، سخر لها أعضاء الحكومة، جابت كل الولايات و أعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات الشروع في الإحصاء الانتخابي، واشفعت تلك الخطوات بتعينات وصفت بالانتخابية كان آخرها تعيين رئسي مجلسي إدارة لشركة "صونادير" و"موريبوصت" من أحزاب الأغلبية فضلا عن محاولة نفض الغبار عن الحرب على الفساد التي خبت جذوتها، وذلك بطريقة انتقائية جعلت البعض ينظر إليها كنوع من تصفية الحسابات وذلك من خلال "قضية ملعب نواذيبو" وقضية:"ولد حمزة" وربما قضية "مسعود" الذي بدأ الحديث عن توجيه بعثة تفتيش إليه في الجمعية الوطنية بعد تسريبات عن تهجم ولد عبد العزيز عليه في جلسة لمجلس الوزراء ووصفه له بسوء التسيير، ومع أن الرقابة على البرلمان لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون من السلطة التنفيذية، لكن في بلاد العجائب ،وديمقراطية العجائب ، ونظام المؤسسة الواحدة، كل شيء جائز وممكن.

أما المعارضة فترى انه لا معنى لانتخابات في ظل النظام الحالي، وان كانت منقسمة بين الدعوة إلي رحيله - باعتباره الحل الوحيد كما تقول المنسقية إلا أن ذالك لم يمنعها من ملاحظة بعض النواقص المهمة في عمليات الإعداد للانتخابات؛ مهنا تجاهل 16 بلدية من طرف القائمين على الإحصاء ، وكون أكثر من ثلثي الناخبين لم يتمكنوا من سحب بطاقات تعريفهم، مؤكدة أن النظام يدفع بالبلاد نحو المجهول- وبين من يدعو إلي خلق جو يسمح بانتخابات توافقية ، كما تطالب بذلك المعارضة المحاورة التي عبرت هي الأخرى عن تحفظها على الظروف التي يحاول النظام فيها فرض هذه الاستحقاقات وذلك من خلال:

- مستوي تأخر عملية التقييد السكاني الذي قد ينجم عنه استبعاد الكثير من الموريتانيين في الداخل والخارج من الحصول على بطاقاتهم الوطنية اللازمة للمشاركة في هذا الإحصاء.

- مستوي سحب البطاقات الوطنية الذي لم يصل إلا إلى حدود 60% حسب الوكالة الوطنية للوثائق المؤمنة، نتيجة لمجموعة من العوامل من أهمها تكاليف الحصول عليها بالنسبة للعائلات ذات الدخل المحدود.

- والوضعية الراهنة لسكان الريف في بداية موسم الأمطار، فضلا عن المقاربة الفنية البحتة للجنة المستقلة التي لا تأخذ في الاعتبار المشاورات السياسية الضرورية مع جميع الفاعلين السياسيين من جهة، و المفتقرة إلى آلية إعلامية في ما يتعلق بتحضير الرأي العام من جهة ثانية.

ويقول المراقبون إن هنالك تفاهمات غير معلنة بين طرفي المعارضة على توحيد الموقف من الانتخابات، ويستدلون على ذلك بحضور مسعود ولد بلخير للفطور الذي نظمه حزب تواصل على شرف بعض السياسيين والإعلاميين بعد أن كان يمانع في حضور هذا النوع من الدعوات حفاظا على الحياد الضروري لتمرير مبادرته.

لكن المعارضة، وكما يفهم من تصريحات قادتها خصوصا ولد داداه وولد مولود وجميل، لن تتبنى المقاطعة التقليدية والسلبية للانتخابات، وإنما ستعمل على تفشيلها. فهل تحضـّـر لعصيان مدني؟ وكيف سيمكنها إفشال هذه الاستحقاقات؟ وهل تحن إلي تجربة6/6 واتفاق داكار؟

2. أغسطس 2013 - 17:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا