نفس الوجوه تقريبا ، نفس السياسة ، نفس الأفكار البالية ، نفس المآسي ، نفس الطريقة ، تلكم الأوصاف هي ما يميز قادة المؤسسة العسكرية التي تحكم موريتانيا منذ فترة ليست بالقصيرة، تحديدا بداية من 10 يوليو 1978،
تاريخ بداية اللعنة العسكرية التي حلت بموريتانيا ، لست هنا بصدد سرد تاريخي للتاريخ غير المشرف لهذه المؤسسة التي لا تتميز عن باقي المؤسسات الأخرى الفاسدة بأي ميزة سوى بالعطاء السلبي والسيئ الذي طبعت به هذا البلد بقدر ما أنا هنا بصدد ذكر كل تلك المآسي التي لا تحصى ولا تعد التي جعلت موريتانيا لا تحل إلا في المؤخرة ولا تذكر إلا بانقلاب.
الشهر الجاري بالذات شهد انقلابا أطاح بعسكري سابق و انقلابي يدعى معاوية ولد الطائع بالتحديد في 3/8/2003 ، وفي 6/8/2008 منه أطيح برئيس ظنت الغالبية إن لم يكن الجميع أن انتخابه سيكون فاتحة لسلسلة أحكام مدنية هلل لها العالم الخارجي قبل الداخلي وحضر مناسبتها ممثلين عالميين كثر على الرغم من أن جزء من المواطنين مقتنعين أنه ليس إلا من صنيعهم ، والظاهر أننا تناسينا بفعل الشعور الطاغي لحظتها أننا لسنا سوى أمام مؤسسة عسكرية تلعب بخيوط خفية من وراء الستار، ففي الحالة العادية يكون من صلاحيات أي رئيس - يفترض أن الدستور يجعله القائد الأعلى للقوات المسلحة - إقالة القادة الذين يرى فيهم عدم القدرة أو ما يوازي ذلك من سمات عدم الأهلية أن يعزلهم عن مناصبهم وهو ما فكر سيدي ولد الشيخ عبد الله ساعتها أنه ممكن الحدوث وأقدم على تلك الخطوة التي أظهرت المعدن الحقيقي لقادة هذه المؤسسة لنعود وفي التاريخ المذكور أعلاه إلى سيرتنا الأولي – الانقلابات - .
وما أدريك مالإنقلابات ، لعبة قذرة يجيدها مجموعة جنرالات بمصالح خفية همهم الوحيد أن تظل تلك المصالح مصانة مهما كلف الثمن ، أما عن الرأي الخارجي فلا خوف، مجموعة متسلقين مدنيين يفون بالغرض ، أما الرأي الداخلي فمنصب هنا أو هناك كفيل بإسكات الأصوات النشاز التي ترتفع بين الفينة والأخرى كصوت الغريق ريثما تغرق تماما في وحل المال العام والخيوط الخفية اللامتناهية.
مشكلتنا الوحيدة أننا لا نتوفر على مناعة قوية ضد الإنقلابات التي تظهر في فترات متفاوتة كالبراكين تأتي دائما لتدمر وتفسد وتطمر كل ما تجده أمامها وفي الغالب لن يكون إلا سيئا لأنه ببساطة نتاج عسكر سابقون، نعم إنها النسخة الموريتانية من الانقلابات اللعينة والتي لا سبيل إلى علاجها إلا بوقفة جدية ومستمرة تتعدى لحظات الذكرى الدورية لهذه الأفعال الخبيثة، لذلك نعتزم بمناسبة انقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز على سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله تنظيم مسيرة تنديدا بفعل الانقلابات بشكل عام والضغط ما أمكن لرحيل العسكر عن السلطة وهم الذين طالما مارسوا هوايتهم في الانقلاب ورجعوا مرتدين لباسا مدنيا وسيخدعون العامة من الناس بطبيعة الحال، كيف لا وهم يأتون دائما إما للخلاص الوطني أو للإنقاذ وعندما تصبح هذه العبارات متجاوزة يأتون بعبارات أخرى مثل الفساد والمفسدين، إلى متى سيستمر هذا الصمت ،هذا التحمل، هذا المرض، هذه العادة السيئة لعسكرنا ، أما آن الأوان لنقف شامخين في وجوهمم ، ففي النهاية ليست موريتانيا إلا للموريتانيين وطالما تراجعوا وتخاذلوا فلن يكون هناك إلا العسكر، وأقصد هنا حتى لا يفسر الكلام على أنه موجه للجيش، أقصد الطغمة العسكرية التي تتركز في بضعة أشخاص مرضى نفسيين بحب السلطة.
ففي مثل هذا اليوم شهدت موريتانيا أحد حلقات مسلسلها الممل والمعيب الذي اعتاد قادة المؤسسة العسكرية إنتاجه ولسوء حظنا كان هذا المسلسل دائما ذا نتائج سلبية جدا، لا ، بل نتج عنه وضع هذه الدولة في أسوأ وضعية إقتصادية واجتماعية وسياسية يمكنك أن تتخيلها ، بل هي سيئة على مختلف النواحي، دعونا نلعن هذا النوع من التصرفات القبيحة والتي لن يقوم بها الا قبحاء أيضا، دعونا بتكاتف جهودنا نخلق حالة رفض لسيطرة رجال المافيا على الدولة الموريتانية التي تعاني منذ بداية هذا السرطان العسكري.