هل سيلتقي الرئيس بسكان الحوض الشرقي فعلا؟ / المامي ولد جدو

altمنذ أسبوع وأنا أحاول فهم الإشارات المتتالية التي تطلقها الحكومة بشأن قرب زيارة الرئيس لولاية الحوض الشرقي، وأحاول أن أقرأ تلك الترددات بتريث حتى أفكك شفراتها، وأتبين المغزى منها، إلا أنني عجزت عن الفهم،تماما مثل عجزي عن فهم الزيارات المفاجئة، التي لا تفاجئ الوزير، أو المدير، ولا حتى طاقم المؤسسات التي "يفاجئها"  الرئيس بزيارته، حتى الأشخاص 

المعدون للتعبير عن شكواهم بطريقة ما، تجدهم في انتظار الرئيس وتبقى الزيارة مفاجئة رغما عن أنف الجميع.

 إلا أن لقاء الشعب ليس مفاجئا بطبيعة الحال لأنه يتم أمام عدسات التلفاز ومن المفترض أن تطرح فيه الأسئلة دون خوف أو خجل.

ما توصلت إليه ببساطة من كل تلك الإشارات الواضحة، والمعمية، أن لقاء الشعب ليس مفاجئا لكن السؤال الجوهري هنا هو هل سيلتقي الرئيس فعلا مع الشعب، أم مع المسئولين، والأنصار، وأصحاب الولاء الغير مشروط، من أمثال القيادي في الحزب الحاكم الذي وصف أهالي الحوض بأنهم "رزفوار" ولد عبد العزيز، وحرض الفاعلين على سوقهم رغبا ورهبا أمام المنصة.

في هذه الأيام يبذل السياسيون الغالي والنفيس من أجل تزييف الحقائق، ولو تمكنوا من زراعة الورد والياسمين في قفار النعمة لما ادخروا جهدا في سبيل ذلك، وكان الأجدر بهم أن يهتموا بمسؤولياتهم التي تقلدوها لخدمة الشعب، وسخروها لخدمة الرئيس، لقد ضاعت الشفافية والحكامة الرشيدة، وفي ذلك يتنافس المتنافسون، بعد تبذير طاقات وأموال الشعب في الزيارة، التي لن يستمر التواصل بعدها مع السكان وسيجمع المسؤولون حقائبهم بعد انتهاء  زيارة الرئيس مباشرة ويشيحون بوجوههم وجيوبهم عن المواطنين؟ ولكن صدقني -يا سيادة الرئيس ولا تخف-، دعهم يلتقون بك، فمطالبهم بسيطة ولن تعجز الدولة عن الوفاء بها كما يصور لك من حولك، يرضيهم القليل، وليسوا كالبطانة الفسادة، التي ثبت أنها تسرق المليارات دون أن يرف لها جفن.

كل ذلك يدفعنا للتساءل مرة أخرى هل سيلتقي الرئيس بالشعب فعلا؟  وهل سيدعون الشعب يتلاحم مع الرئيس؟ لا أظن ذلك، ولا أظنه سيتمكن من أن يلمح الشعب حتى عن بعد، أو باستخدام منظار، لأن جميع الأحواض الأخرى قد سالت باتجاه الولاية الأولى، أحواض الدعاية، والأحواض الساقطة، والأحواض المنافقة، والأحواض المتملقة والأحواض الطفيلية، والأحواض الوسخة والعفنة وما إلى ذلك من المجاري البشرية التي عبرت جوا وبرا.

سكان الحوض الشرقي لن يستطيعوا أن يقفوا حتى في الصفوف الخلفية، أو ما قبل الأخيرة، أهالي النعمة  لن يتمكنوا -ولحسن حظهم- من الوقوف في الواجهة، و سيتحمل عنهم الآخرون وزر الصف الأول، ومن استطاع منهم الوقوف في الواجهة فسيحمل لافتات الولاء التي تعبر عن سعادة سكان الحوض بزيارة الرئيس وأن كل مطالبهم قد تحققت من قبل أن يعبروا عنها!

في مثل هذه الكرنفالات كلما تأخر بك المقام حصل لك الأجر، حتى لا تضطر للتصفيق والابتسام رغما عنك، و لأنك لن تستطيع أن تقول كلمة حق أمام سلطان مغيب عن الحقيقة، وهي أعظم أنواع الجهاد.

المحصلة أن لقاء الشعب، لن يكون مع الشعب، حتى أثناء طرح الأسئلة المباشرة فسيكون الأمر مجرد فيلم يخرجه مسئول الإعلام بالحزب الحاكم، وسيجتهد في اختيار الراغبين في طرح الأسئلة بعناية تامة، وحتى لو نفذ من تلك العناية شخص أو أثنين، فسيكون في أحسن الأحوال من أحد التيارات السياسية التي لا تعبر عن وجع السكان ولا تحمل همهم ولا تعرف وجعهم.

الأكيد أن لقاء الشعب لن يكون في النعمة، ولن يلتقي الرئيس بسكان النعمة، ولن يعبروا له عن آلامهم وأحزانهم، ولن يرى وجوههم الطيبة التي حفرت بها قسوة المناخ أخاديد المرارة و الحرمان من خيرات وطن ينتج المعدن الأصفر والأسود، والأكيد كذلك أن الرئيس لن تفتح له قلوب سكان البوابة الشرقية رغم أنف اللافتات.

11. أغسطس 2013 - 14:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا