إلى فخامة رئيس الجمهورية.. مع التحية / ديدي ولد الوافي

ديدي ولد الوافيسيادة الرئيس، ستحلون بعد أيام قليلة ضيفا علي رعاياكم في الحوض الشرقي وهي فرصة لي لمخاطبتكم – كأحد أبناء تلك الولاية – متمنيا لكم مقاما سعيدا بين ظهراني أهليكم ومحبيكم هناك، راجيا من الله العلي القدير أن يمن عليكم بالصحة والعافية وأنتم تتنقلون بين أطراف أكبر ولايات الوطن، معربا لكم في نفس الوقت عن أسفي لأنني لن أحظى باستقبالكم والترحيب بكم والتصفيق لكم والاعتراف بجميلكم.

سيادة الرئيس، بالتأكيد لن يكون لتغيبي أي تأثير سلبي على الزيارة لأن جموعا غفيرة – أغلبها وافد من نواكشوط - ستكون في انتظاركم ومنذ اللحظة الأولى لوصولكم مطار النعمة المضيافة، وسيتكرر نفس المشهد في كل المحطات التالية من الزيارة؛ لأنكم أولا رئيسا للجمهورية وقائد موريتانيا الجديدة وصانع مجدها، ولأنكم ثانيا مفجر المشاريع العملاقة، في الوقت الذي عجز فيه كل أسلافكم – خلال أكثر من نصف قرن- عن تحقيق عشر ما حققتموه أنتم خلال ثلاث سنوات فقط، وأخيرا لأن تلك الحفاوة في الاستقبالات الرئاسية هي القاعدة الوحيدة التي لاتعرف استثناءا عندنا، فقد أستقبل أسلافكم بنفس الحماس وبنفس الطريقة وبذات الحفاوة وروح التملق، فلا تغرنكم تلك المظاهر ولايغرنكم بالله الغرور.

فعلى سبيل المثال لا الحصر سيشيدون بإنجازكم مشروع بحيرة الظهر الذي لم ينطلق بعد، وسيعربون لكم عن امتنانهم علي إنجاز طريق العوينات- جكني- عدَّل بقرو، وهو مشروع مازال في مرحلة الدراسة والتصور، أما الإنجازات التي تستحق فعلا الإشادة والتنويه من طرف الجميع فهي مشاريع الألبان واللحوم والجلود والأعلاف والتي تعهدتم بها مع بداية مأموريتكم دون أن نلمس لها أثرا علي أرض الواقع ونحن في الأشهر الأخيرة لتلك المأمورية ومع ذلك سيشكرونكم عليها لمجرد أنكم تعهدتم بها فما لا يدرك كله لا يترك بعضه، في حين أن تشييد نصف الطريق الرملي المتجه نحو النبيكة وخضروات النبيكة وإنشاء النبيكة من أصله كلها إنجازات أمة تستحقون عليها تهاني كل الموريتانيين والعالم وليس أبناء الحوض فقط.

نفس الشيء ينطبق علي مشروع إعادة بناء مقطع كيفه- الطينطان, الذي أثلجتم صدورنا قبل أربع سنوات بإعلان انطلاق الأشغال فيه وحتى الساعة لم ينجز منه إلا النصف، ومع ذلك ليس ثمة خيار آخر أمامنا سوي أن نشكركم ونعبر لكم عن تعلقنا بقيادتكم التاريخية لهذ البلد المغلوب علي أمره، فمن لا يشكر الرئيس لا يشكر الله. 

سيدي، إذا كانت تلك الجموع الغفيرة ستتولى نيابة عني تقديم واجب الشكر والعرفان بالجميل لكم على المشاريع العملاقة التي لم ينطلق أغلبها بعد، فإنني بدوري ونيابة عنهم سأتولى تقديم الاعتذار لكم على مناظر البؤس والحرمان اللافت في المدينة – والتي قد تصدمكم- وكذا غياب البنى التحتية في كل الميادين خاصة في مجال السياحة والفندقة، ذلك أنه قد يصل إلى مسامعكم أن المدينة عجزت عن إيواء الضيوف الوافدين إليها نظرا لانعدام الفنادق وبيوت الضيافة بل إن هناك شحا كبيرا حتى في البيوت الخاصة الصالحة للسكن، فهل تدركون لماذا سيادة الرئيس تلك المناظر المزرية؟

ببساطة إن أهل تلك الأرض فقراء، ولم تتح لهم حتى الساعة فرصة الوصول إلى مصادر الثروة الوطنية حتى يشيدوا الفنادق ودور الضيافة بل وحتى المساكن العادية القابلة للسكن على غرار ما هو قائم في ولايات أخري.

لقد كانوا - يا سيادة الرئيس- محرومين من الثروة الوطنية في كل العهود السابقة، ولم يكن عهد عدالتكم بدعا ممن سبقوه، بل إن عهدكم الأكثر تجسيدا لذلك الحرمان.

فعلي سبيل المثال لا الحصر، هل تقبلون أنتم شخصيا أن يكون من أصل خمسة عشر شركة للتأمين وإعادة التأمين لم تمنح الدولة الموريتانية رخصة واحدة لأي منحدر من تلك الجهة؟

وهل تعلمون سيادتكم أن القطاع المصرفي اليومي يكاد يصل عشرين مصرفا دون أن يكون فيه مساهم واحد من أبناء الحوض الشرقي أحرى أن يكون مالكا لمؤسسة مصرفية؟

وهل من الإنصاف أن تمنح آلاف رخص التنقيب دون أن يكون لهم منها نصيب؟

وهل أنتم على علم من أنه لا يوجد رجل أعمال واحد من تلك الجهة ضمن عشرات رجال الأعمال المتعاقدين اليوم مع شركات المعادن لتقديم الخدمات؟

وهل تعلمون فخامة الرئيس أن أبناء الحوض لم تطأ قدم أي منهم مباني الاتحاد العام لأرباب العمل الموريتانيين؟ 

سيادة الرئيس أليست تلك مصادر الثروة وأسباب الثراء على الكثيرين اليوم؟ أو ليست الدولة هي الجهة الوحيدة التي خلقت ذلك الصنف من رجال الأعمال؟

ألا يفرض هذ الوضع انتهاج سياسة علنية من التمييز الإيجابي؟

وإلى متى تواصلون سياسة (إرفود أهل لخلَ).

11. أغسطس 2013 - 21:01

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا