رئيس الجمهورية..وشجاعة الاعتراف / سعدبوه ولد الشيخ محمد

altيعتبر "لقاء الشعب" حدثا سنويا بارزا، ومناسبة ينتظرها المواطنون المعارضون للرئيس محمد ولد عبد العزيز ربما قبل الموالين له لمعرفة المسار المستقبلي للبلاد، ولتقديم كشف حساب سنوي من إدارة البلد.

والكل يتابع "لقاء الشعب" من زاويته الخاصة، البعض يركز على الشكل، والهيئة التي يطل بها رئيس الجمهورية، بينما يركز آخرون على مضمون ما سيقوله الرئيس، وأنا شخصيا تابعت "لقاء الشعب" في نسخة النعمه من على بعد 10 متر من رئيس الجمهورية، وكنت أرصد الأجواء، والكواليس عن قرب، ولكن ماشد انتباهي، وأردت التنويه به هو ما أسميه "شجاعة الاعتراف" فالاعتراف هو قمة الشجاعة، ومنتهى المسؤولية، وهناك فرق كبير بين "المجاهرة بالذنب" والاعتراف بالخطأ. فعندما يعترف رئيس الجمهورية بأنه تعرض لوضع صحي غير طبيعي، ويفاجئ الجميع بخبر إجرائه عملية جراحية رابعة، فهذا بنظري قمة الصراحة، والشفافية- خصوصا إذا علمنا أن بعض الرؤساء يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة لعشرات السنين، ولا يستطيع أحد حتى مجرد السؤال عنها، ولا معرفتها إلا بعد وفاة أصحابها-. وعندما يعترف رئيس الجمهورية بأخطاء شابت تسيير حكومته في بعض القطاعات، ويؤكد معاقبة من يختلسون المال العام فتلك أيضا شجاعة، وصراحة لم نعهدها في أدبياتنا السياسية.

 

وعندما يعترف رئيس الجمهورية بأنه قام "بانقلابين"، بهذه الصفة، فهذه صراحة، وجرءة تسحب البساط من تحت أقدام من يرددون دائما إن ما حصل في موريتانيا 6 أغشت 2008 هو انقلاب، يفاجئ الرئيس الجميع، ويعترف بشجاعة كبيرة..نعم هو انقلاب، ولكن عقبته انتخابات شهد الجميع بنزاهتها، والانتخابات في أعراف السياسة "تجب ما قبلها" طالما كانت شفافة، ونزيهة، وبمشاركة الجميع، تماما كما شاركوا أيضا في تبرير الانقلابين، واعترفوا بتداعياتهما، ووصف بعضهم الانقلابين ب"الحركة التصحيحية" قبل أن يتنكر لذلك، مثلما تنكر لنتائج الانتخابات عندما لم توافق هواه. هذه الاعترافات، وتلك الصراحة التي تعكس مستوى عاليا من تحمل المسؤولية، والشجاعة، قابلتها أيضا مرونة، ومهادنة في الخطاب الموجه للمعارضين الذين لا يتوانون عن وصف رئيس الجمهورية بأبشع الأوصاف، وأقبح النعوت، فقابلهم الرئيس في لقاء الشعب بخطاب متسامح، ولغة مهادنة، وكانت سياسة مد اليد، والجنوح إلى السلم بادية في خطاب رئيس الجمهورية.

الأريحية، والهدوء الذي ميز خطاب الرئيس خلال لقاء الشعب في النعمه أبان عن ثقة في النفس، وثقة في المعطيات التي يقدمها بكل وضوخ، وتفصيل، وأعتقد أنه عندما يعترف الرئيس بأخطائه، ولا يبادل المعارضين إساءاتهم، وعندما يدعوهم للحوار، والتلاقي، ويدعون هم للمقاطعة، والقطيعة يكون رئيس الجمهورية بذلك قد صعب مهمة معارضيه، ليس فقط في تحقيق حلمهم التاريخي "الرحيل" بل حتى صعب من مهمتهم في المحافظة على وجود سياسي لهم على الخارطة السياسية الوطنية.

وربما هذا ما أخر ردود المعارضين على لقاء الشعب في نسخة النعمة، فبعد مرور 24 ساعة لم نسمع أي تعليق من المعارضين الرادكاليين على المواقف التي أعلن عنها رئيس الجمهورية – خصوصا أنها كانت مواقف هامة وحاسمة -

16. أغسطس 2013 - 10:37

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا