رحلة البحث عن العلاج بين العيادة الخاصة والمستشفى الحكومي!! / مولاي ولد الغوث

كانت الساعة حوالي العاشرة والنصف ليلاَ.. حيث كنت آنا وصديقاي (سيد و سيدن ) نتبادل أطراف الحديث أمام منزل (أهل سيدن) و كان الجوٌ رائعا ونحن نستنشق عبق المستنقعات التي خلفتها الأمطار في شوارع عاصمتنا الجميلة , والتي كانت السبب في شل حركتنا وتنقلاتنا كما جميع المواطنين .

رن هاتف ( سيد ) وكانت المكالمة مختصرة ..ولم ندري في البداية من كان المتصل حتى انتهت المكالمة ..فقال (سيد) ..(سيدي عبدالله طاح ) وكانت العبارة تعني عندنا المرض .

فأخبرنا أنه أصيب بوعكة صحية في قلب العاصمة (في مكان عام ) ولم يستطع التنقل إلي المستشفي ولا إلى المنزل .

كان القرار سريعا , إذ ركبنا السيارة مسرعين إلى المكان الذي يتواجد فيه (سيدي عبد الله) , ما هي إلى دقائق حتى كنا في المكان ونزل (سيد) ليستدعيه , وبقيت أنا و(سيدن) في السيارة ننتظر إذا (بسيدي عيدالله) قادم يصارع المشي من شدة المرض.

بعد ركوبه تشاورنا سريعا إلي أي المستشفيات تكون وجهتنا..كان القرار ان نأخذه إلي عيادة خاصة في تيار ت قرب (مخبزة ولد سبرو)تدعي (عيادة الشرفاء) لأنها تقرب إلي دار أهله ..حيث أني أيضا كنت زرتها الليلة الماضية مع صديقي (سيدن) لنطمئن علي أحد أصدقائنا كان هناك ..ولأنا كنا نظن ان العيادات تتوفر علي ظروف أحسن وأخصائيين أفضل ..

ما هي إلي دقائق حتى وصلنا العيادة فنزل( سيد وسيدي عبدالله) مسرعين نظرا للحالة ..وبينما آنا و(سيدن )نبحث عن مكان لنركن السيارة لنلتحق بهم , إذا بهم يخرجون عائدين إلينا , سألناهم ما لمشكلة؟

كان الجواب صادما ..إذ تعرض طريقهم أحد العاملين ولم يتركهم يدخلوا حتى إلي قاعة الاستعلامات مع أنها كانت مفتوحة , واخبرهم وهو في حالة هلع شديد أن العمل انتهي ....وبينما هم في حالة استغراب لهذا الخبر إذ بعامل آخر داخل القاعة المذكورة يتصل بما يبدوا أنه الطبيب الرئيس وهو في حالة هلع شديد أيضا ويقول..(أَعْجَلْ لِمْرَا إِنْكَبْ إِعْلِيَ دَمْهَا ..أَعْجَلْ ,,أَعْجَلْ )نداء استغاثة .. في هذه اللحظات لاحظ الشباب المرأة الضحية المستلقية علي أحد الأسرة داخل العيادة وهي تنزف..بسب ما فعلوه بها .

كان المشهد رهيبا .في لحظة تكتشف أن من كنت تظنهم أطباء إذا بهم هواة وعلى وشك أن يقتلوا نفسا برئيه كل ذنبها أنها اختارت عيادة خاصة رغم التكاليف لكي تجد عناية أفضل وأخصائيين أفضل .

اشتدت حالة صديقنا حتى سقط قبل أن يصل السيارة...حملناه وركبنا مسرعين إلي مستشفي تيارت الحكومي ..حين وصلنا إلي باب المستشفي كانت تغمره المستنقعات ولم تستطع السيارة الدخول فنزل (سيدي وسيدي عبدالله) مسرعين وبقيت أنا و(سيدن) بالخارج وبعد دقائق وصل صديقان آخران ودخلا .. بعد حوالي النصف ساعة دخلت لأطمئن علي ما جري إذا بساحة المستشفي مستنقع كبير لا تكاد تجد مكان تضع فيه قديمك ..وبينما أنا منهمك في ترتيب خطواتي علي مهل لكي اعبر المستنقع إذا( بسيدي) يقف عند الضفة الأخرى..فسألته , ماذا جري؟ فردا علي أن الطبيب أخبرهم ان ينتظروا حتى ينتهي من وجبة العشاء .. وقفت معه قليلا ثم اتجهت إلي مكان الحجز كانت غرفة بها ثمان أسرة وهي الغرفة الوحيدة طبعا بالمستشفي للحجز..وبعد انتظار حوالي نصف ساعة أخري واشتدا المرض علي صديقنا حتى بدء يفقد التركيز..عدنا مسرعين إلي مكان تواجد الطبيب في كوخ أزرق بجوار مسجد المستشفي حيث يجلس هو و اثنان آخران يلبسان ملابس رثة ولكن يبدو أنها كانت طبية ولم يبدؤوا بعد في تناول العشاء والتحق بنا أحد لأشخاص المرافق لأحد المحجوزين لما رأي من تتدهور حالة صديقنا لعل الطبيب يرق قلبه ويأتي ..وما أن رآنا حتى كان جوابه أسرع من كلامنا ( هِيهْ إِلَ عِتُ إِعْجَالَ إمشُ بِهْ ..وَلاً حَانُ فَمْ ) لم تكن صدمتي في جواب الطبيب اللا اخلاقي الذي يبدوا متعودا عليه..بقدر ما أفادتني بالمعني الحقيقي للحالات المستعجلة عند مستشفياتنا , وما يعنوه بتقديم العلاجات المستعجلة (إِلَ عِتُ إِعْجَالَ اِمْشُ..)

تدخل أشخاص آخرون ولكن الطبيب رافض للكلام إلا بتلك الجملة ..بدأنا نقاشا سريعا حول ما علينا فعله ..واستقر الرأي أن الطرق طويل وحالته تسوء بسرعة ولا ندري أيضا ماذا سنجد أمامنا..وأن نسلم أمرنا لله عز وجل وننتظر..وبدء المرضي ومرافقيهم يقدمون لنا النصح علي ان ننتظر وأن لا نقوم أو نقول أي شيء خوفا من غضب الطبيب فإذا غضب سيرفض معالجة صديقنا (أَلاًصِبْرُو ألاَ إِتْكُولُولُ شِ لَا يَخْبَطْ اْلعَكِسْ) هكذا كانت النصيحة من من سبقونا عن تجربة .

وبعد ساعة أخرى من الانتظار قرر الطبيب المداوم بعد انتهائه من أموره الخاصة من عشاء وما إلى ذالك من أشياء أخري , أن يقدم العلاجات الأزمة لصديقنا , فدخل علينا غرفة الحجز وكتب وصفة طبية وأمر أن نٌحْضرها , وعلى ما يبدو هو طبيب صوفي إذ (يُكْشَفُ) له عن ما يعاني منه المريض دون الحاجة إلى ان يسأله عن مآبه أو من ما يتألم , ولا ان يستعمل مقياس الحرارة أو أي شيء من ذاك القبيل, كما عهدِنا عادة في المعاينات , المهم ذهب أحد الشباب لإحضار الوصفة من صيدلية المستشفي فاشتري ما هو موجود عندها والباقي كالعادة ذهب إلى خارج المستشفي ..ولكنه لم يكن علي علم بأن وزارة الصحة قامت بإصدار قرار بأنه على جميع الصيدليات لإغلاق عند الساعة صفر إلاً صيدلية واحدة في كل مقاطعة للمداومة يترك للمواطن اكتشافها ليتسلي في البحث عنها وليدرك أن الدولة عند قولها في تقريب الخدمات من المواطن ..المهم عاد إلينا وهو لم يكتشف مكان هذه الصيدلة..!!

وفي لأخير قام بإعطائه حقنة مباشر ة للملاريا رغم أنه ممنوع إعطاء حقن الملاريا بشكل مباشر في الجسم..!! وبعد اطمئناننا عليه أوصلناه إلى المنزل حيث اعتقدنا أن الأمر انتهي .

وماهية إلى ساعة حتى فقد الوعي واشتدت الحالة أكثر فاتصل أهله بأحد الأصدقاء فحملوه مسرعين إلى نفس المستشفي ولكن هذه المرة لم يجدوا أحدا سوي إمرة أتت على وشك الولادة ولم تجد أحدا هي الأخرى..يبدوا أنهم يطبقون الحالة العادية ما بعد العشاء إلى النوم ...!!

فحملوه إلى المستشفى الوطني وهناك وجدوا طبيبا بدء بمعاينته وسأل عن نوعية الحقنة التي أعطيت له ..واستغرب من إعطائها مباشرة ..وبدؤوا بعلاج جديد

هكذا وبفضل من الله كتب السلامة لصديقي بعد أن كدنا أن نفقده بسبب عيادتنا وجزاريهم ومستشفياتنا وهواتهم وإهمال أطبائهم ورداءة محتوياتهم وعبث العاملين بهم وانعدام أخلاقهم وفشل سياسة وزارتهم المستمدة من سياسة النظام الفاشلة ..فإلى متى سنظل هكذا ؟.

18. أغسطس 2013 - 13:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا