مسؤولون أوروبيون يبحثون ملف “الهجرة” مع موريتانيا
في زيارة هي الثانية منذ تنصيب ولد الغزواني رئيسا لموريتانيا، وصل إلى نواكشوط رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، وبرفقته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لبحث مجموعة من القضايا بدى لافتا طغيان ملف “الهجرة غير الشرعية” عليها، رغم ما تم إعلانه من ملفات أخرى مهمة تناولتها مباحثات الأطراف الثلاثة.
فبحسب بيان رئاسة الجمهورية الموريتانية، فقد تكللت الزيارة بتوقيع اتفاقية إطار مشتركة بين موريتانيا واسبانيا، إضافة لاتفاقية حول مواجهة “تحديات الهجرة غير الشرعية واللاجئين والمجتمعات التي تستضيفها موريتانيا”، الأمر الذي يسلط الضوء على الهاجس الأمني والاجتماعي، الذي تمثله موجات الهجرة المتدفقة من أفريقيا نحو الإتحاد الأوروبي مرورا بموريتانيا.
هذا الهاجس المقلق بالنسبة لموريتانيا وأوروبا على حد سواء، دفع بعض المسؤولين الأوروبيين قبل أيام من الزيارة، للحديث عن إمكانية منح موريتانيا 200 مليون أورو شهريا مقابل الحد من موجات الهجرة، بحسب مانشر موقع “مهاجر نيوز”، إلا أن موريتانيا تطرح على الطاولة تحديا جديدا، جاء على لسان الرئيس ولد الغزواني الذي قال إن بلاده باتت وجهة للمهاجرين بعد أن كانت معبرا لهم، الأمر الذي يمثل تحديا جديدا للبلد الذي يستضيف أكثر من 150 ألف نازح في مخيمات “امبرة” فقط.
مغازلة سياسية:
المساعي الحثيثة التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية، تضمنت إلى جانب العروض المالية المغرية، تصريحات في مناسبات عدة تشيد بـ”النموذج الديموقراطي” في موريتانيا، ففي شهر أكتوبر من العام المنصرم، قال نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماركاريتيس شيناس، خلال جلسة مباحثات عقدها بنواكشوط، مع عدد من أعضاء الحكومة الموريتانية، إن “موريتانيا نموذج ديموقراطي يحتذى به في شبه المنطقة”، ليصرح بعد ذلك رئيس الوزراء الإسباني بأن موريتانيا “هي الديمقراطية الوحيدة الموجودة في منطقتها”.
إلى جانب الإشادة بـ”النموذج الديموقراطي للبلاد”، لم يغب ملف الطاقة عن مباحثات المسؤولين الأوروبيين مع موريتانيا، حيث بحثت الأطراف الثلاثة موضوعات الموارد الطبيعية وفرص الاستثمار، خلال اللقاء الذي جمعهم مع رجال الأعمال، خصوصا في سياق انتقال الطاقة، والدور الذي تعتزم موريتانيا القيام به في استغلال إمكاناتها الهائلة في الطاقات المتجددة وبرنامجها لتطوير الهيدروجين الأخضر.
تحدٍ أمني مزدوج:
وبحكم موقعها الاستراتيجي، تتمتع موريتانيا المطلة على الأطلسي بفرص اقتصادية واعدة، لكنها محفوفة بالتحديات الأمنية والاجتماعية التي تمثلها موجات المهاجرين الذين دخلوا البلاد، فقامت السلطات الموريتانية خلال شهر يوليو من عام 2022 بخطوات يمكن وصفها بالاستباقية، تتمثل في منح مهلة ثلاثة أشهر للأجانب المقيمين على أراضيها لتصحيح وضعية إقاماتهم بصفة مجانية، وذلك ليصبح في الإمكان تمتعهم بكافة الحقوق التي يضمنها لهم القانون، ضمن مقاربة أمنية لتعزيز الأمن والسلم الأهلي.
المقاربة الأمنية تضمنت كذلك قرارا بمنع الأجانب من ممارسة النقل العمومي قبل التراجع عنه لاحقا، تأكيدا على عدم وجود نية “باستهداف الأجانب”، بحسب قرار صادر عن إدارة الأمن في يناير من العام الجاري.
وأيا تكن النتائج التي ستترتب على زيارة المسؤولين الأوروبيين لموريتانيا، فإنه بات من الواضح أن موريتانيا التي تنعم بالاستقرار السياسي والأمن، وسط محيط مضطرب، ستكون بحاجة لمقاربة بعيدة المدى، تحترم التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وإيواء الهاربين من جحيم الفقر والاضطهاد، وتحافظ في الوقت ذاته على أمنها وسلمها الاجتماعي.