في الفخ من جديد / محمد الراجل

قبل أيام قال بعضهم إن المعارضة لا يمكن أن تلدغ من جحر مرتين ، لكن قرائن وأدلة أولية توحي للمتابع أن ما يجري من لقاءات وحوارات داخل الأحزاب السياسة المعارضة خصوصا تلك التي في المنسقية والتي أعلنت قبل أيام رفضها القاطع للانتتخابات الأحادية التي يعتزم النظام الحاكم القيام بها قد تتحول بين الفينة والأخرى إلى مشارك في الانتخابات وحينها قد يكون سبق السيف العذل كما يقولون.

 

فقد تلدغ هذه الأحزاب من جحر الانتخابات كما لدغت في المرة السابقة لكن دون اتفاق دكار  هذه المرة مما يجعلها بدون سند تستند إليه إذا ما سيطر الحزب الحاكم وأعوانه من الأحزاب الصغيرة على مجلس النواب وأغلب بلديات موريتانيا فهم يعملون لذلك منذ فترة سوء باستغلال موارد الدولة ونفوذ السلطة أو تحذير القبيلة من معارضة الدولة والحاكم أو بطرق أخرى يعرفها المتملقون ويجيدون صناعتها ويحترفونها منذ فترة ليست بالقصيرة.

وربما لا تكون عواقب التأجيل التي ينظر إليها بعض المعارضين على أنها إيجابية وهي بالمرة قد لا تكون كذلك ، فالنفاق السياسي وشراء الذمم منتشر هذه الأيام بشكل كبير وفظيع في الولايات الداخلية وحتى في العاصمة التي ينتشر فيها الوعي بشكل كبير فالولاء للعشيرة بات السمة الأبرز لجل شباب اليوم وفي غيرهم أعمق فقد تجد بعضهم قطع مئات الكيلومترات من أجل التسجيل للانتخاب لمؤازرة قريب أو لأجل دريهمات يقتات عليها وقد تكون عليه وعلى كرامته.

على أحزاب المنسقية أن تقيم استفتاء داخل منتسبها الفعليين على مشاركتها في الانتخابات لأن هذه الانتخابات لها ما بعدها ومن حضر لها جيدا قد لا يصل مرتبة النجاح لأن قادة تلك المنسقية يعرفون قبل غيرهم أن انتخابات الرئاسة الماضية تلاعب بهم الرئيس الحالي المنقلب أنذاك على شرعية الانتخابات حتى دخلوا الانتخابات بعد شد وجذب وهو ما يحدث الآن وعادت حليمة "ولد عبد العزيز" إلى عادته وستلدغ المنسقية للأسف من الجحر نفسه مرتين وربما ثلاث مما يستوجب على المعارضة أن تكون واعية لخطورة الموقف وتدرس المشاركة دراسة متعمقة فلا تشرع للباطل ولا لمن سيغير لا قدر الله الدستور ويؤله الحاكم الفرد ويعيد شعبنا إلى الوراء بعد التضحيات التي قامت بها النخبة السياسية إبان نظام ولد الطائع الذي يتكشف للمتابع يوما بعد يوم أنه بدأ يعود بقوة وبطريقة أعمق وأكثر دهاء وخبثا لكن الشعب الفقير المغلوب على أمره لن يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان..

هو نفس السيناريو السابق ونفس الكمين الذي نصبه الرئيس الحالي والمنظرون له للمعارضة قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية وقد نجحوا فيه وهم يعيدون الكرة وسينجحون لان المعارضة لم تراوح مكانها ولم تعي الدرس ، ويساعدهم على ذلك أن الأحزاب التي في الوسط الآن أكثر شعبية من التي كانت في الانتخابات الماضية الشريك للتشريع لتلك الانتخابات وهو ما يجر حسب كثيرين المنسقية إلى المشاركة في الانتخابات حتى لا تجد منبرا في المستقبل تمرر من خلاله صوتها إلى الشعب وفي نفس الوقت قد لا تكون المقاطعة مثمرة لأن الناخب الموريتاني البسيط لتصوفه في التسيس وشغفه بالسياسة إضافة إلى توظيف المالي السياسي مع أمور أخرى  تدفع بالمجتمع والناخبين إلى المشاركة في الانتخابات والتصويت فيها بكثافة دون فهم عميق لمفهوم المقاطعة الذي هو نوع راق من أساليب رفض الطغيان الذي يتستر بلبوس الديمقراطية وحكم الفرد وعدم المشاورة والوفاق السياسي.

وتبقى السياسة كما يقولون فن الممكن ، بيد أن الطبقة السياسة الموريتانية عودتنا على اللعب فيها بطريقة غير محترفة تماما حتى بات السؤال المطروح هل السياسة تلعب بالساسة أم إن الساسة هم من يلعبون بسياسة.

20. أغسطس 2013 - 15:53

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا