يكاد الإجماع ينعقد بين المنشغلين بهم الكتابة، على ظاهرة عزوف الناس عن القراءة في يومنا هذا ويرجعون ذلك لعوامل بالغة الوجاهة يعود بعضها إلى واقع القارئ وبعضها إلى أدوات الكاتب، بالإضافة إلى حيثيات تتصل بالواقع العام ، وظلاله في نفسية القارئ واتجاهات الكاتب، وهكذا تتحدد إشكالية ثنائية تنحبس بين طرفيها الرسالة التي عادة ما تأتي مشوهة غير متضحة الدلالات لما يكتنفها من مشوشات قوية الحضور .
وإذا كان من اللازم صياغة مقاربة سريعة لعلاج هذا الوضع المأزوم ، فإن الجهد يجب أن ينصب حول تحسين الواقع المشترك بين طرفي هذه المعادلة ، لتجاوز جملة من الاشكالات ، نراها مسؤولة بشكل أو بآخر عن هذه العقدة العصيبة .
فأين السبيل إلى بناء علاقة قوية متكافئة تكفل إنتاج متواصل حي ومثمر ، يجد فيه كل الشركاء ذواتهم ، ويحقق للأمة استجابات نهضوية هي ضالة هذا الفعل الحي أو ينبغي أن تكون كذلك.
الإجابة على هذا السؤال تبدو للوهلة الأولى غير بعيدة المنال بيد أن الواقع يظهر عكس ذلك تماما.
فالفجوة عميقة لحد التنائي
إن المغريات التي يتيحها واقع الرقمنة اليوم يجعل هذه الفجوة تتسع مع تطور الوسائل الحاملة للرقمنة نفسها. فهي تتيح من وسائل الإغراء الزائد ما يجعل المتلقي يكتفي بقشور كثيرا ما تكون ضحلة لا تقدم اي فكر ذا شأن إذ تركز على روح الترفيه أكثر من اعتنائها بالجوهرة والمضمون. وهذا الاشكال هو مربط الفرس في معظلة العزوف عن القراءة. مع ان الاتصال بالكتاب يكاد ينقطع على حساب هذه الوسائل وتلك طامة أخرى تزداد يوميا.
ومع هذا لا يجادل أي منا في كون القراءة هي الوسيلة المثلى والتي لا مناص منها لبناء ثقافة قادرة على ضمان سيرورة التجاوز نحوالافضل