بيع وابتياع المجرية: خراب وإهمال / الحسين محمد عمر

الحسين محمد عمرعندما تدخل مدينة المجرية تقابلك بهدوءها اللافت وبناياتها الثلاث العتيقة المتبقية من حقبة الإستعمار، المجرية تقع عند قاعدة سلسلة جبال الموريتانيد المعروفة، وبالتحديد عند قاعدة جبل شامخ يعرف محليا ب"ﯕَلْب اسْوَيْدَحْمَدْ" له حكاية له مقام آخر.

الحياة هادئة وبريئة للمتطلع إليها من الخارج لكنها تمور وتتغير بالنسبة لمن عايشوها ورأوها عن قرب ، صراع سياسي في أوجه ووضعية اقتصادية صعبة نوعا ما . تعيش هذه الفترة بالذات حراكا شديدا ومتزايدا ترقبا للمهزلة الإنتخابية التي يعتزم النظام تنظيمها في الثالث والعشرين من نوفمبر القادم. تعتبر المجرية سياسيا محسوبة على حزب التجديد الديمقراطي الذي ينتمي له العمدة الحالي الذي سبق له أن أعلن انسحابه من الحزب قبل أن يعود إليه بحجة أن مغادرته لم تكن إلا عملية تكتيكية تبدو بالنسبة ليي حجة غير مقنعة، وبطبيعة الحال يوجد هنا ممثلون لحزب الجنرال " حزب الإتحاد من أجل نهب الجمهورية" لكن إلى حد الساعة لم يتضح بعد ممثله في المهزلة القادمة بشكل حاسم، إلا أن التجارب السابقة تثبت دوما أنه قادر على الحشد بفعل أموال الدولة التي تضخ مساعدة لممثليه وسيكون من السهل جدا أن يحسم أمره قريبا. يعتبر حزب التجديد الذي يسعى في هذه الفترة إلى محاولة الحفاظ على منصب العمدة أحد أبرز المتنافسين وقد أوفد في الفترة الأخيرة ممثلين عنه لمعرفة إمكانية ذلك إلا أن هذا الإجتماع شهد نقاشا محتدا حول العمدة الحالي إذ رأوا أنه فشلا فشلا ذريعا ولا يجب إعادته أبدا ويتجلى ذلك في الوضع البائس والمعيب للبلدية نفسها كأول إشارة فما بالك بالمدينة كلها. كغيرها من مدن موريتانيا تشهد المجرية هذه الفترة حركية شديدة لكن الغريب أن أغلب المتواجدين فيها هذه الفترة من السياسيين لا يزورونها إلا في هذا النوع من الكرنفالات المسماة "انتخابات" زورا، ويقضون فترة الحملة وبمجرد أن ينتهي التصويت يغادرون في نفس الليلة باتجاه نواكشوط ولا يعودون إلا نادرا جدا. ومن بين أبرز الشخصيات والتي بطبيعة الحال شاركت في أنظمة الفساد المتعاقبة رئيس حزب التجديد الديمقراطي، ورئيس الوزراء في عهد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله الذي سجن هنا بعد الانقلاب وصاحب قضية الأرز الفاسد المعروفة ، وهنا أسجل مفارقة عجيبة ، فبرغم  الفقر والعوز الذي يعانيه المواطنون إلا أن فترة الاقامة الجبرية تلك التي خضع لها ولد الوقف إلا أن كمية الأغنام التي تم إهدائها له كمية كبيرة رغم أنه مسؤول كبيرة وليس في حاجة إلى من يهديه شاة واحدة، ومنذ انتهاء تلك المرحلة فإن ولد الوقف لم يعد لهذه المدينة على حد علمي كباقي السياسيين. من ناحية أخرى تعتبر المجرية من بين إن لم تكن أكثر مدن موريتانيا خرابا، فالمنطقة المحاذية للسوق من الجنوب خاوية على عروشها بل وكل مبانيها مدمرة ، أحجارها متناثرها وتعطي المدينة منظرا مقززا وفاضحا ولا تقتصر هذه الوضعية على المنطقة المذكورة بالذات بل تتعداها إلى جهاتها الأربع، دمار وخراب ولا مبالاة،على أنه يجب التنويه ببعض السكان الذين بدأو العودة وهم قليلون جدا وشرعوا في تشييد منازلهم لكنهم لا يمثلون شيئا مقابل كمية المنازل المدمرة، تجدر الإشارة إلى أن أغلب السكان قد غادروا منذ فترة طويلة وهم يمتنعون حتى عن بيع تلك المنازل كما لم يعودوا لتشييدها من ناحية أخرى. من ناحية أخرى فإن المجرية تتوفر على بحيرة كبيرة عند مطلع "أشتف" لا تبعد إلا 800 متر تقريبا، بالإضافة إلى محطة مياه قديمة عند سفح الجبل تعتمد على الطاقة الشمسية ومن البديهي القول أن عملها لن يبدأ إلا مع طلوع الشمس بفترة، ومع ذلك فإن المدينة تعاني من انقطاع المياه بشكل متكرر.

26. أغسطس 2013 - 8:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا