تفصيح العامية (12) / إسلمو ولد سيدي أحمد

*"ازْكَ" أو "زَوْكَ"(بزاي مفخمة وكاف منطوقة جيما قاهرية): صَرَخَ(crier) يَصْرُخ صُرَاخًا، وصَرِيخًا: صَاحَ صِياحا شديدا. واسْتَغاثَ. واصْطَرَخَ: صَاحَ واستغاث. وفي التنزيل العزيز:(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا). وزَقا الطائرُ والدِّيكُ يَزْقُو زَقْوًا، وزُقَاءً (chant du coq) : صَاحَ(chanter).

 وزَقَا(pleurer) الصَّبِيُّ: اشتَدَّ بُكاؤه. وزَقِيَ يَزْقَى زَقْيًا، وزُقِيًّا: زَقَا. أَزْقَاهُ "زَكَّاهْ": جَعَلَهُ يَزْقُو(يصيح/ يصرخ). والزّاقِي: الدِّيكُ(coq). ج. زَوَاقٍ. ويبدو أنّ مادة"ازْكَ/زَوْكَ" ، في "الحسّانيّة، مستوحاة-مَجَازًا- من صِياح الديك، و/أو بكاء الصبيّ. و"اتْزَوْكِ/أَزَكَايْ" ج. "آزْوَاكَه". كما يقال:"كَرْطَ"(في صيغة الفعل الماضي)، و"اتْكَرْطِ"(المَصْدَر)، و"أَكَرْطَايْ"(الاسم)، ويجيء الفعل"كَرْطَ" بمعنى:نادى(appeler) بصوتٍ عالٍ. واستغاث(appeler au secours).

*"انْقَزْ": نَقَزَ الظبْيُ في عَدْوه يَنقز(بضم القاف وكسرها) نَقْزًا، ونَقَزَانًا: وَثَبَ صُعُدًا وقَفَزَ. ونَقَزَ الشيْءَ عنه: دَفَعَه. ونَقَزَه: وثَّبَه ورَقَّصَه. وانتقزت الماشية: أَصابها النُّقازُ، وهو داءٌ يُصيبُ الماشية فتنقُز منه حتى تموت. والمَنْقُوزُ: المُصابُ بداءِ النُّقَازِ. و، في "الحسّانيّة"، تُوجَدُ مَعانٍ مختلفةٌ لهذه المادّةِ، تقع ضمن الألفاظ المُسْتَكْرَهةِ/ المُسْتَقْبَحَة التي يُحْظَرُ- حسَبَ العادات والتقاليد الاجتماعية- أن يُتَلَفَّظ بها في الأوساط المحترمة، بل يقتصر ذلك على مجالس مَن تسقط بينهم مؤونة التحفظ حيث لا يجدون حَرَجًا في التلفظ بما يشاؤون. وكما يقال: مع الأحباب تسقط الآداب. وسوء الأدب مع الأحبة أدب. ومِن ضِمنِ هذه المعاني أنّ اسم المفعولِ، مِن الفعل المشار إليه، يوحي بأنّ الشخصَ الذي وقع عليه الفعلُ يوجد في وضعية غيرِ مُرِيحة(مادّية أو معنوية).

وجاء في المَبْدَإِ رقم(9) من المبادئ الأساسية لمنهجية مكتب تنسيق التعريب، في اختيار المصطلحات العلمية العربية ووضعها، ما يأتي: (تفضيل الصيغة الجزلة الواضحة وتجنُّبُ النافِرِ والمحظور من الألفاظ).

ولعلَّ المقصود بالنافر من الألفاظ: اللفظ غير المُسْتَساغ الذي ينفر منه السامِعُ. من ذلك- على سبيل المثال-أنّ بعض أساتذة الطِّبّ لم يتقبلوا: المُعَثْكلَة، للتعبير عن المصطلح الفرنسيّ(pancréas)، مُفَضِّلِينَ: البَنْكرياس(أي إدخال المصطلح الأجنبيّ بلفظه).

أمّا المحظور من الألفاظ، فهو تلك الألفاظ المستقبحة/ المستكرهة، المرفوضة اجتماعيا لكونها قد تخدش الحياء. ومن الملاحَظ أنّ معاني ودلالات هذه الألفاظ قد تختلف من قُطْر عربيّ إلى آخر، وقد تختلف من منطقة إلى أخرى داخل القطرالعربيّ الواحد. إنّنا- مَثَلًا- في موريتانيا، نستعمل كلمة: المُشْط (le peigne)، لكننا لا نستعمل صيغة الفعل(peigner)، ولا صيغة المبالغة(فَعَّال) وإنما نستعمل: سَرَّحَ"اسْرحْ" شَعَرَ رأسه(بالمسراح/السرَّاح)، وذلك تجنبًا لما يوحي إليه هذا الفعل، في "الحسّانيّة".

وفي مصر- على سبيل المثال- لا يُقالُ: خيَّاط سيدات(أي خياط الملابس النسوية)، وإنما تُستعمَلُ كلمة: تَرْزِي. وذلك انطلاقا من المبدإ نفسِه المتعلق بالإحاءات التي تدخل ضمن ما يُعرَف بالمَسكوت عنه أو اللامَسَاس(le tabou). وفي المثالين، المشار إليهما، يتعلق الأمر بإحاءات جنسية. وجاء في المعجم الوسيط: التَّرْزِي: الخَيَّاط. دَخِيل مُعرَّب من دَرزي بالفارسية. والخَيَّاط: مَن حِرفتُه الخِياطة. ومِن اللافِت أنّك تجد، في مصر، محلا مكتوبا على واجهته: تَرزي سيدات. ولا تجد – حسَبَ علمي- من يكتب: خياط سيدات، مع أن الكلمة الثانية(خياط) عربية، بينما الأولى(تَرزي) دخيلة معربة. وتقتضي منهجية وضع المصطلحات تفضيل اللفظ العربيّ على اللفظ المعرَّبِ. ويُستنتَج ممّا سبَق أنّ المجتمعات قد تحكم بالإعدام على بعض الألفاظ، للأسباب المشار إلى بعضها، لكن هذا لا يمنع من تدوين هذه الألفاظ في المعجم اللغويّ، حتى لاتندثر،لأنها تكوِّن جزءا من تراث المجتمع. وعلى الحاذقِ النّبيهِ أن يختار اللفظ المناسب لكل مقام(ولكل مقام مقال) حتى لا يعرِّض نفسه للإحراج والسخرية والاستهزاء. ولن يتأتّى ذلك إلّا بالإلمام- قدر المستطاع- بأسرار اللغة، وعادات وتقاليد الناطقين بهذه اللغة- على المستوى العربيّ بصفة خاصة- وعلى مستوى الشعوب التي أتيح للشخص أن يتعلّمَ لغاتِها. فالعالم أصبح قرية واحدة، ممّا يتطلّبُ من إنسان القرن الحادي والعشرين أن يكون واسع الاطلاع، حتى لا يُحرِجَ نفسَه أو يجرح شعور الآخَرينَ أو يمسّ من مقدّساتهم وعاداتهم وتقاليدهم.

ومع ما يُلاحَظ حاليا من تركيز، في عملية التعليم والتعلُّم، على التخصّصِ في مفهومه الضّيِّقِ، فإنّ ذلك لا يُلغي أهمّية الثقافة العامّةِ.

*"التَّبْرُورْ"(براءٍ مرققة): البَرَدُ(grêle): الماءُ الجَامِدُ ينزل من السحابِ قِطَعًا صِغارًا، ويُسَمَّى: حَبُّ الغَمَامِ، وحَبُّ المُزْنِ.

*"كَشَّرْ": كَشَّرَ، في الفصحى: مبالغة كَشَرَ. كَشَرَ عن أسنانه يَكْشِرُ كَشْرًا: كَشَفَ عنها وأبداها عند الضّحِكِ وغيره. وكَشَرَ السّبُع عن نابه: هَرَّ لِلهِراشِ وأبدى أسنانَه. وكَشَرَ العَدُوُّ عن أنيابه: تَنَمَّرَ وأوعدَ كأنّه سَبُعٌ. و"كَشَّرْ"، في "الحسّانيّة": عَبَسَse renfrogner, prendre un air maussade, faire grise mine)). وعَبَسَ فلان يَعْبِسُ عَبْسًا، وعُبُوسًا"التّكْشَارْ": قَطَّبَ وَجهَه مِن ضِيقِ الصّدْرِ( جمع جِلْدَ ما بين عينيْهِ وجِلْدَ جبهته وتَجَهَّمَ). وعَبَسَ اليوْمُ: اشْتَدَّ، فهو عابِسٌ، وعَبَّاسٌ، وعَبُوسٌ(maussade): مُكْفَهِرٌّ. *"كَصَّرْ/ دَكْدَكْ"(تُنطَق الكافان الأخيرتان نطق الجيم القاهرية): كَسَرَ/ حَطَّمَ(casser) الشّيْءَ: هَشَمَهُ وفَرَّقَ بين أجزائه. وتَكَسَّرَ الشيءُ"انْكصَرْ"/"الدَّكْدَكْ": مُطاوِع: كَسَّرَه""كَصْرُ/دَكدْكُ". وكَسَرَ القوْمَ"اكْصَرْهُمْ": هَزَمَهم.

*"جَابْ"، في "الحسّانيّة": أَحْضَرَ/أَتَى ب/آتَى: apporter. و"لمْجِيبَه": الإحضار. آتَى فلانا الشيءَ: أَتَى به إليهِ. وفي التنزيل العزيز:(قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا). وفي الفصحى، جابَ فلان الشيءَ: قَطَعَه. وقطَعَ وسطَه. وخَرَقه. وجَابَ الصّخرَ: نقبه. وفي التنزيل العزيز:(وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ). وجَابَ الأرضَ والفَلاةَ والبِلادَ: قَطَعَها سَيْرًا.

*"الْحُوتْ": الحوت(baleine). والسَّمَك(le poisson). وجاء في المعجم الوسيط: الحوت: السَّمَكَة، صغيرةً كانت أو كبيرةً. وجِنْس من الحيوانات الثدييَّة من رُتبة الحِيتان. ج. حِيتان، وأَحوات. والسّمَك: حيوان مائيٌّ. وهو أنواع كثيرة لكل نوع اسمٌ خاصٌّ يميِّزُه. ج. سِمَاك، وسُمُوك، وأَسْمَاك. والسَّمَكة: واحدة السمك.

وفي "الحسّانيّة، يُطلقُ الحوتُ- بصفة عامة- على السَّمَكِ، فنقول: كان غَدَاؤُنا اليومَ"مَارُ والحوت/تَيْبَجَنْ": الرّزّ بالسمك. وهي وجبة موريتانية، انتشرت في العقود الأخيرة في المناطق المطلة على البحر(المحيط الأطلسيّ) أو تلك المحاذية للنهر الفاصل بين موريتانيا والسنغال، تصنع من مادتَي الرز والسمك مضاف إليهما الزيت وبعض الخضر ومواد عطرية، لتحسين المذاق. ومن الشائع استعمال المصطلحات الأجنبية(الفرنسية بصفة خاصة) بين الموريتانيين- يستوي في ذلك العربيّ والزنجيّ- في أحاديثهم عن أنواع السمك. من ذلك-على سبيل المثال- "الصُّولْ": سَمَك مُوسَى(la sole). "السُّومُونْ":  السالمون/سمك سليمان(le saumon). "الرُّوجي": سمك سلطان إبراهيم(le rouget). "لُودَمَيْرْ": القَارُوس(loup de mer).  "لَانْشْوَا": الصِّبر/ البَلَم/ الأَنْشُوجَة(anchois). الأنشوشة: جنس صغار السمك من فصيلة الصابوغيات. يُحفَظ ويُباعُ معلّبًا(من الدّخيل). "ابْرُوشي": الزُّنْجُور(brochet): جنس أسماك نهرية مستطيلة الشكل واسعة الشِّدْقِ من فصيلة الزّنجوريّات. "الْمُوره": الغَادُس/ المورة(la morue). "الْمِيلي": سمك البوري(le mulet). والقائمة طويلة. ويدخل توحيد أسماء أنواع الأسماك، الموجودة في الوطن العربيّ، في إطار توحيد المصطلحات العربية الذي يقوم به مكتب تنسيق التعريب، بالتعاون مع مجامع اللغة العربية(صدر عن المكتب منذ إنشائه سنة 1961م - حتى الآن- ما يربو على(30) معجما، في حقول معرفية متنوعة، لكن المصطلحات المبثوثة في هذه المعاجم لم تدخل – حسَبَ علمي- في المناهج الدراسية، ولم تطبّق في المراسلات الإدارية). وحبذا لو قامت الجامعات، والمؤسسات المتخصصة والأفراد المهتمين، بجهود في هذا المجال. ويتوقف كل ذلك- طبعًا- على اتخاذ قرار سياسي يلزم المؤسسات الرسمية للدولة باستعمال اللغة العربية في الإدارة، وفي التعليم بمختلِف مراحله وأنواعه.

*"الْكَاشُوشْ"(تنطق الكاف جِيمًا قاهرية): الصَّدْر/ الجُؤْشُوش(la poitrine) : الجزءُ الممتدّ من أسفل العُنُق إلى فَضاءِ الجوف. ويلاحظ التقارب اللفظيّ بين الجؤشوش و"الكاشوش". وسُمي القلبُ صَدْرًا لحلوله به. وفي التنزيل العزيز:( قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّه). والصدر، في الفصحى، أكثر شيوعا وتداولا بين النّاسِ من: الجؤشوش.  بل إنّ هذا الأخير(الجؤشوش)، لا يوجد له ذكر في أوساط العامّة. "آكْوَاشِيشْ": الصُّدُور. فلان "أمْكَوْشَشْ": مَصْدُورٌ:atteint à la poitrine. صُدِرَصَدْرًا: شَكَا صَدْرَه. فهو مَصْدُورٌ. "كَابْظُ بُواكْوَيْشِيشْ": متردِّدٌ/ متحيِّرٌ: hésitant.

*"فلان سنّه"مَفْرُومَه"(براء مفخمة)، أو "بِفَرتُه"(براء مرققة): أَثْرَم. ثَرِمَ يَثْرَمُ ثَرَمًا: انْكَسَرَت سِنُّه. وسَقَطَت مِن أصلها "الْفَرَّه". فهو أَثْرَمُ، وهي ثَرْمَاءُ.ج.ثُرْمٌ. وفي الحديث:(نَهَى أن يُضَحَّى بالثرماء). انظر: المعجم الوسيط.

*"جَلَّبْ/ رَصَّفْ": قَفَزَ/ وَثَبَ(sauter, bondir). قَفَزَ(bondir) الظبْيُ ونحوُه يَقْفِزُ قَفْزًا، وقَفَزَانًا(bondissement): وَثَبَ. وتَقَافَزُوا"جَلبُ/اتْرَاصْفُ": تَوَاثَبُوا. و"التّرْصَافْ/ التجْلَابْ": القَفْزُ/ الوَثْبُ:le saut

*"شُوسَتْ" ج. شُوسَتَّاتْ": جَوْرَب(قصير/ نصفيّ): chaussette. "لِيبَا': جَوْرَب(طويل): les bas. الجَوْرَبُ: لِبَاسُ الرِّجْلِ.ج. جَواربَة، وجَواريبُ(من المُعرَّبِ: اللفظ الأجنبيّ الذي غيَّرَه العربُ بالنّقصِ، أو الزِّيادةِ، أوالقلْبِ).

*"النَّامُوسْ": البَعُوض(le moustique): جِنْس حشرات مُضِرَّة من ذوات الجناحيْن. وهو: النّامُوسُ. والنّاموسَة: البَعوضة الصغيرة. ج. نَامُوسٌ. والنَّامُوسِيَّة(la moustiquaire ) "الْقُبَّه": كِلَّة(ج. كِلَل) رقيقة ذات خروق صغيرة تُتَّخَذ للوقاية من النّاموس. مع ملاحظة أنّ من معاني القبة، في الفصحى: خيمة صغيرة أعلاها مستدير. وبِناءٌ مستدير مقوَّسٌ مجوَّف يُعقد بالآجرِّ ونحوِه. ج. قِبَابٌ، وقُبَبٌ. بمعنى أنّ النّاموسيّة/ الكِلَّة، أدقّ من "القبه" المستخدمة في "الحسّانيّة"، ربما على سبيل المَجَازِ. كما تُطلَق "القبه"، في "الحسّانيّة"، على "البَنْيَه" التي كانت تُنْصَبُ- في البوادي – للعَروسيْنِ لينفردا فيها لَيْلًا. البُنية(بضم الباء): ما بُنِيَ.ج. بُنى. وكذلك، البِنية(بكسر الباء): ما بُنِيَ.ج. بِنى. والبَنِيَّةُ: كلُّ ما يُبْنَى، وتُطلَق على الكعبة. ولعلّ البَنْيَه"، في الحسّانيّة"، مأخوذة من هذه المعاني.

26. أغسطس 2013 - 20:14

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا