اليوم ستكون وقفتي العتابية مع الإذاعة الوطنية ومع إذاعة الشباب خاصة، تلك الإذاعة التي كان يفترض فيها أن تسعى لنشر الوعي في صفوف الشباب، ومحاربة انسداد الفهم، لا أن يكون دورها ضبابيا ومتناقضا وخرافيا وعنصريا ورجعيا هكذا عودنا إعلامنا الرسمي....!!!.
في مساء الخميس الموافق 22/08/2013 كنت استمع لإذاعة الشباب بإذاعتنا الوطنية وكان الضيف فقيها ناشئا ذو مستوى سطحي جدا يحفظ بعض مرويات قرون الانحطاط الفكري لأمتنا، ولم تكن له دراية بظروف الفتاوي التي يتكلم عنها، حيث كان همه الوحيد إظهار قدرته على قوة حافظته أثناء تعطيل تام لوظيفة العقل، وكان الصحفي أقل شأنا من الضيف في المستوى وإدارة الحوار، وكان الحوار يبدو أنه التفريق بين العادات التي تتنافى مع الدين وتلك التي لا تتنافى معه، ونظرا للضعف المنهجي لتسيير الحلقة وضبابية الفهم حول غرضها، فإن الحلقة كانت ركيكة المستوى وضعيفة المبنى ...!!!.
مما ثار انتباهي في الحلقة أن الضيف (الفقيه) أستخرج من جعبته كما كبيرا من الأحاديث والمرويات التي تحارب التشاؤم والتطير لأن هذه الأشياء كانت من وثنية أهل الجاهلية، وأن الإسلام بنقائه جاء ليحاربها، فنهى الرسول المعظم عن التطير والتشاؤم، وقد أعتبرهما سوء ظن بالله تعالى ....
وقد أحسست بارتياح لهذه المحاولة التي يبدو أنها لم تعمر طويلا حينما تعلق الأمر بالنساء مصدر الشؤم والتطير ....!!!!!!!!!!!!!!!!.
الضيف (الفقيه) نظرا لسطحيته وسذاجته وتعطيله لوظيفة العقل فإنه وقع في تناقض مشين حينما استخدم الحديث الذي ينسب لأبي هريرة، ذلك الصحابي الفقير الذي أكثر من القول عن الرسول حتى نهاه الخليفة الثاني للمسلمين (عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه عن إكثاره في الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الحديث الذي ينسب للرسول صلى الله عليه وسلم يقول : "إن كان الشؤم ففي ثلاث: المرأة والدار والفرس"، لا شك أن هذه المقولة قد أعتمدها الفقه الذكوري وأحتضنها حقبا طويلة ورعاها لتستثنى المرأة من ثورة تحرير العقل من قيود الوثنية...!!!.
هذا الحديث أعتبره محمد الغزالي غير صحيح لأنه يتناقض مع حديث: "لا عدوا ولا طيرة ..." أما عبد الحليم أبو شقة في كتابه: " تحرير المرأة في عصر الرسالة" فإنه ذهب إلى القول إن عائشة رضي الله عنها قالت : "كذب أبو هريرة على الرسول صلى الله عليه وسلم، الرسول لا يتناقض فهو حارب التطير والتشاؤم، وكان يقص علينا عن عرب الجاهلية فقال كانت العرب تقول: "إن كان الشؤم ففي ثلاث ..إلخ ..".
وقد زاد الضيف (الفقيه ) الطين بلة حينما قال:" إن سبب شؤم المرأة أن تكون عاقرا لم يرزقها الله بالولد"... كم أنت ساذج وسطحي....!!!!.
أما د. عبدالله بن عبد الرحمن الهذيل فإنه ذهب إلى القول: "إن أصل الحديث حكاية لقول اليهود أو المشركين وبيان مذهبهم الباطل في ذلك ، ولكن قد روي الحديث بدون ما يدل على الحكاية .
ودليل ذلك ما رواه قتادة عن أبي حسان قال : دخل رجلان من بني عامر على عائشة رضي الله عنها فأخبراها أن أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الطيرة في الدار والمرأة والفرس) فغضبت، فطارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض، وقالت: والذي نزل الفرقان على محمد ما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، إنما قال : ( كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك) .
وفي رواية قالت : ولكن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : (كان أهل الجاهلية يقولون : الطيرة في المرأة والدار والدابة)، ثم قرأت عائشة رضي الله عنها: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب ) الآية .
وفي نهاية الحلقة أحسست أنا بداخلي أن المشوار مازال طويلا، وأن الطريق التي اخترتها لنضالي مازالت شائكة.....!!!!.
لكنني سبق وأن أخذت عهدا على نفسي بمحاربة الفوضى الثقافية والتشويش الذهني الذي أصبنا به منذ عهد التدوين، مهما كان الثمن غاليا ........!!!!.