لا نَحتاجُ اليومَ لإجراءِ استطلاع رأي حتى نَقول بأن هناك رفضا شعبيا واسعا لتوقيع بلادنا لاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي حول الهِجرة في يوم السابع من مارس من العام 2024. من الواضح لكل متابع للشأن العام أن هناك رفضا شعبيا واسعا لتوقيع هذه الاتفاقية، وهذا الرفض يوجد في صفوف الأغلبية حتى وإن لم يُعَبر عنه علنا، كما يوجد في صفوف المعارضة، ويوجد في صفوف النخب كما يوجد في صفوف العامة.
هناك رفض واسع لهذه الاتفاقية، وهو رفض ناتج عن واحد من أمرين:
أولهما : أن هذه الاتفاقية قد تأتي بمخاطر للبلد، ولهذا كان هذا الرافض الشعبي الواسع، وفي هذه الحالة تكون ردة الفعل المناسبة هي رفض التوقيع عليها بشكل نهائي؛
ثانيهما : أن هذه الاتفاقية لا تحمل مخاطر للبلد إن تم توقيعها، وأن الرفض الشعبي لها كان بسبب فشل الحكومة في إقناع المواطنين بأهميتها، وهنا يجب التنبيه أنه لا يكفي لاتخاذ القرارات الكبرى أن تكون سليمة فقط، بل لابد من إقناع المواطنين بأنها سليمة وفي مصلحة الشعب، وإذا لم يقتنع المواطنون بأنها سليمة وفي مصلحتهم، ففي هذه الحالة يصبح من غير السليم اتخاذ تلك القرارات.
حتى وإن افترضنا أن هذه الاتفاقية هي في صالح البلد، فإن الشيء المُؤكد هو أن الحكومة لم تستطع ـ حتى الآن ـ أن تقنع المواطنين (نخبا وعامة) بأن هذه الاتفاقية هي في صالح البلد.
وما دامت الحكومة لم تتمكن حتى الآن من إقناع المواطنين بأهمية هذه الاتفاقية، فإن الخطوات التي ينبغي أن تتخذ في هذه الحالة، يجب أن تشمل :
1 ـ تأجيل التوقيع على الاتفاقية حتى يتم إقناع المواطنين بأنها في مصلحة البلد؛
2 ـ لن تكون الفترة الحالية، والتي هي فترة حملات انتخابية، هي الفترة الأنسب لإقناع المواطنين بأهمية توقيع هذه الاتفاقية؛
3 ـ إن الفترة الأنسب للبدء في توضيح أهمية هذه الاتفاقية ستكون ما بعد الانتخابات الرئاسية القادمة.
خلاصة القول
في ظل هذا الرفض الشعبي الواسع لتوقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي حول الهجرة، يكون من الضروري تأجيل التوقيع عليها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، وهذا التأجيل سيتيح لبلادنا قدرة أكبر على صياغتها بما يضمن مصالح بلادنا، كما سيمنحها الفرصة لشرح أهميتها للمواطن في فترة مناسبة لذلك، لا توجد فيها تجاذبات سياسية قوية ناتجة عن أجواء حملة انتخابية رئاسية بدأنا ندخل في أجوائها.
حفظ الله موريتانيا..