موريتانيا من دولة عبور لمستقر للمهاجرين غير النظاميين / أمين داهي

التحديات والايجابيات

تواجه موريتانيا تحديات كبيرة في مجالات متعددة، بما في ذلك الاقتصاد والصحة والبنى التحتية والتعليم والامن الداخلي والإقليمي وارتفاع الأسعار والاعتماد علي الواردات والمساعدات الخارجية وتفشي الفساد الإداري وغيرها ولكن من أخطر تلك التحديات ظاهرة الهجرة غير الشرعية،

 فتاريخيًا، كانت موريتانيا نقطة عبور مهمةللمهاجرين غير النظاميين الذين يسعون إلى الوصول إلى أوروبا، وخاصةً إسبانيا، عبر الحدود البرية والبحرية، لكن مع تشديد الرقابة وتعزيز التدابير الأمنية هناك وايضا في مناطق عبور أخرى مثل المغرب والجزائر، وتونس ازداد اهتمام المهاجرين بالمسار عبر موريتانيا. ونتج عن ذلك مؤخرا تحول موريتانيا وبشكل عير مبرمج له مسبقا نحو دولة استقرار لكثير من هؤلاء المهاجرين الغير نظاميين الذين تعذر عبورهم لإسبانيا وأوروبا مما اثر سلبا علي كل نواحي الحياة في البلد وهاكم بعض التحديات الخطيرة المتعلقة بتحول موريتانيا الي مستقر للمهاجرين:

1 ــ التحديات

•         زيادة الفقر والبطالة: يواجه اغلب الموريتانيين تحديات كبيرة في مجال الفقر والبطالة، وباستقرار المهاجرين وتوفيرهم لليد العاملة الرخيصة فان عمال الدخل اليومي من المواطنين ستزيد فاقتهم وبطالتهم مما قد يولد احتقانا شديدا واختلالات بنيوية وامنية لا قبيل للبلد بها ولا يمكن حلها الا بإخراج المهاجرين او تحريم الاعمال البسيطة عليهم وكلا الامرين مستبعد جدا.  وسيفاقم ذلك من هشاشة المستويات المعيشية للطبقات الاقل دخلا في المجتمع الموريتاني، مما يؤثر على قدرة البلاد على توفير فرص العمل والخدمات الأساسية لمواطنيها

•     تحديات الأمن والاستقرار: استقرار المهاجرين قد يزيد تحديات البلد في الجوانب الأمنية  بما في ذلك التطرف  الأيديولوجي والشحن العنصري والجريمة المنظمة، وكل ذلك يعزز من عدم الاستقرار الأمني و السياسي والاقتصادي.

•         التحديات الديمغرافية والاجتماعية: تزايد استقرار المهاجرين سيولد  تحديات ديمغرافية خطيرة في اختلال التركبة السكانية للبلد وظهور مسلكيات اجتماعية ودينية غير مألوفة واندماج حتمي لعادات وتقاليد مختلفة عن ما كان عليه المجتمع الموريتاني المسالم  ،وكذلك  الموارد المائية والزراعية والبيئية كلها ستتضرر مما سيضعف مستويات المعيشة  للسكان عموما

2 ــ الإيجابيات:

وحتى لا يقال اني لا اري إيجابيات لهذه الظاهرة، ومن باب الموضوعية، سأورد هنا بعض الإيجابيات لظاهرة الهجرة حسب تجارب بعض الدول التي تعاني منها

•         التعاون الإقليمي والدولي: تتمتع موريتانيا بعلاقات ثنائية مهمة مع دول وظفت الهجرة لصالحها، وهذا قد يمكنها من تبادل المعرفة والتجارب في مجالات التنمية ومكافحة الاثار السلبية للهجرة غير النظامية مع تلك الدول. 

•   الموقع الاستراتيجي: يتمتع موريتانيا بموقع جغرافي استراتيجي بين أفريقيا وأوروبا، مما يمكنها من تطوير العلاقات الدولية واستغلال الفرص الاقتصادية. الناجمة عن تفور هذا الكم الهائل من العمالة عليارضها.

•         الموارد الطبيعية: تمتلك موريتانيا موارد طبيعية هامة مثل الصناعات التعدينية والصيد والزراعة وتحتاج تلك المجالات لأعداد كبيرة من الايادي العاملة لذلك يمكن توظيف وتوجيه الاف المهاجرين للعمل في المزارع والمصانع وبواخر الصيد وغيرها من الاعمال التي  يأنف عنها المواطنون وبتكلفة اقل وسيساعد ذلك في تعزيز النمو الاقتصادي للبلاد وخلق مزيد من القيمة المضافة.

 •         الجهود الحكومية: موريتانيا ليست استثناءطبعا فهي دولة بحكم موقعها الجغرافي تعتبر حلقة وصل بين افريقيا جنوب الصحراء والاتحاد الأوربي  ولكن علي الحكومة ان تبذل مزيدا من الجهود لتعزيز  الاقتصاد  و البني التحتية والتعليم والصحة و حقوق الإنسان و توعية المجتمع المحلي بأخطار الهجرة غير النظامية وكذلك بإيجابياتها .

وأخيرا وبشكل عام ، يمثل التحول نحو دولة مستقر  للمهاجرين  تحديًا كبيرًا لموريتانيا، ولكن بالتعاون والجهود المشتركة وترسيخ روح التسامح والاندماج الحضاري وتقديم مصلحة المواطن علي المهاجر وتغريم الاتحاد الأوروبي لضخ مليارات الدولارات في اقتصاد القيمة المضافة وتوجيه تلك العمالة القادمة لمجالات التصنيع والتعدين والزراعة والصيد، يمكن تحقيق تقدم وتحسين جودة الحياة للمواطنين وتوظيف المهاجرين  بشكل منتج في القطاعات التي يأنف عنها المواطنون  الصناعة الثقيلة واكتمال طرفي المعادلة مواطن يتمتع بحقوقه ومهاجر منتج وله حدوده.

———-

امين الداهي ـــ باحث في الاقتصاد الرقمي – مجمع بوليتكنيك ــــــ نواكشوط

 

 

8. مارس 2024 - 22:01

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا