*"الصّرْميَّه" ج."اصْرَامَه": المِخدّة (le coussin, l'oreiller): الوسادة يوضَع عليها الخَدُّ. و"اصْرَيْمِيَّه": الوُسَيِّدَة(le coussinet): المِخدّة الصغيرة. و "الصّرْمِي": مِخدة طويلة( أطول من "الصرميه" العادية). وفي الفصحى،
الصَّرْمُ: الجِلْدُ(le cuir). والصَّرَّام: بائعُ الجِلْدِ. وبائع الخِفافِ. الخُفّ( pantoufle la): ما يُلبَس في الرِّجْلِ من جِلد رقيق. وفي المَثَلِ: رَجَع بِخُفَّيْ حُنَيْنٍ. يُضرَب عند اليأسِ من الحاجة والرجوع بالخيبة.ج.خِفاف، وأخفاف. ولعلّ هناك علاقة بين الصرم، و "الصرميه" التي تُصنع من الجلد ، وتُحْشَى تِبْنًا (la paille) أو نحوَه. وكانت – سابقًا- تُحْشَى بما يُعرَف ب "أَهَرْهَارْ"، وهو مادّة ذات رائحة طيبة تُستخرَج من جذوع أشجار محلية تسمى "أَمُورْ" (أشرتُ سابقا إلى أنّ أسماء الأشجار غير موحدة على مسوى العالم العربيّ). ولعل هذه العادة مازالت موجودة في بعض المناطق(أي حشو "الصرمية" ب "أهرهار"). ومن معاني(الهرهار)، في الفصحى: اللحم الغثُّ(la viande maigre). وقد تكون هناك علاقة، على سبيل المَجازِ. تُلوَّن "الصرميه" ب" الشّرْكْ"، وهو صِباغ يُحضَّر محليا بطريقة بدائية، له ألوان زاهية متنوعة يسود فيها اللون الأحمر. وتدخل "الصرميه" – بأنواعها – ضمن منتجات الصناعة التقليدية الموريتانية، وتقتصر صناعتها على النساء، حيث تتفنَّنُ الصانعة الماهرة في تزيينها ببعض اللوحات والرسوم والزخارف والأهداب. وبالإضافة إلى وظيفة "الصرميه" الأساسية(وضعها تحت الخدّ)، فقد أصبحت تُعلَّق داخل بعض الغرف والقاعات لتزيينها(décor). كما تدخل ضمن الأثاث الذي يَصْحَب العروسَ عندما تنتقلُ من بيتِ أبويْها إلى بيتِ زوجها. وحبّذا لو اتُّخِذت إجراءات، بالتعاوُنِ مع شركات متخصصة، من أجل العمل على تثبيت مادة "الشرك"، إذ يُلاحَظ أن هذه المادة لا تصمد أمام أيّ بلل(ماء، أو عَرَق، أو أيّ سائل)، الأمر الذي يزعج المستخدِم عندما يَجِدُ لَوْنَ "الشرك" قد انْطبَع على خدّه أو على ملابسه.
*"كُورْجِيكَيْنْ"(تُنطَق الكافان نطق الجيم القاهرية): مُخَنَّثٌ/ خَنِثٌ(efféminé). خَنِثَ (être efféminé) الرَّجُلُ يَخنَث خَنَثا: فَعَلَ فِعْلَ المُخَنَّثِ، فلانَ واسترخَى وتثنَّى وتكسَّرَ. فهو خَنِثٌ. وتَخَنَّثَ الرَّجُلُ: خَنِثَ. والخُنثِيَّة/ التَّخَنُّث(hermaphrodisme): مصدر الفعل تَخَنَّثَ. مع ملاحظة أنّ التخنُّث يختلف عن الانحراف الجِنسيّ(pédophilie) الذي يميل الرَّجُلُ المصاب به –أعاذنا الله ممّا ابتلاه به- نحو معاشرة الأولاد الذكور.
*" الظَّبْيَه"، في "الحسّانيّة": وعاء الزاد، وكذلك: المِزْوَدُ: وعاء الزادِ. ج.مَزَاوِدُ. ومن معاني الظبية، في المعجم الوسيط: جُريّبٌ من جِلْدِ الغزالِ عليه شعْرُه. ج. ظِباءٌ. ومن المعلوم أنّ، الظَّبْية واحدة الظباءِ التي هي جنس حيوانات من ذوات الأظلاف ومجوَّفات القرون، أشهرها: الظبي العربيّ(الغزال الأعْفر). وما دام العرب قد توسعوا في معنى هذا اللفظ فأطلقوه على جُرَيّبٍ من جِلدِ الغزال، فلا أرى مانعا من التوسّعِ في المعنى مرة أخرى وإطلاقه على وعاء الزاد، دون تقييده بكونه من جلد الغزال أو عليه وبر.
لا شك في أنّ البتَّ في إدخال كلمات عامّيّة إلى المعجم اللغويّ الفصيح، يُعَدُّ من اختصاص مجامع اللغة العربية، لكن ذلك لا يمنع الباحثين من حثِّ المجمعيين على جعل المعجم الحديث يساير التطور اللغويّ لدى المجتمعات العربية، ولن يتأتى ذلك إلا بإغناء المعجم بما يُتداوَل شفهيا من ألفاظ لا تبدو غريبة عن الذوق العربيّ السليم(بما في ذلك الأوزان العربية). وهنا تكمن أهمية، بل ضرورة، تأسيس مجمع اللغة العربية الموريتانيّ للقيام بهذه المَهمّة التي لا يمكن أن يقوم بها إلا مَجْمَعِيّون يجيدون العامية الموريتانية(الحسّانيّة). وكما يقول المَثَل: أهل مكة أدرى بشِعابِها.
إنّني لا أرى مانعا من إدخال اللفظ المُفَصًّح، على غرار اللفظ المُعَرَّب، إلى المعجم اللغويّ الحديث، بحيثُ لا يقتصر المفصَّح على إرجاع الكلمة العامية إلى أصلها- إنْ وُجِدَ- وإنما يمتد إلى تغيير الكلمة العامية بالنقص، أو الزيادة، أو القلْب(كما جرى للفظ الأجنبيّ الذي غيره العرب بهذه الطريقة، والعامية لها الأولوية على اللفظ الأجنبيّ) لتتلاءمَ مع الأوزان العربية وتكون مستساغة- عربيا- لدى السامع، مع إعطائها تعريفا أو شرحا موجزا يوضح ماهيتها ومجال/ أو مجالات استخدامها. فلو أخذنا –على سبيل :المثال- كلمة "أَرَحَّالْ"("أمْشَقَّبْ" في بعض المناطق)، الذي يُتَّخذ في البوادي- داخل الخيمة الموريتانية- ليوضع عليه متاع المنزل(الخيمة)، من "تِيزِيَّاتِنْ"(وعاءان مصنوعان من الجِلدِ، يُتّخذان لحفظ الأغراض المنزلية) ونحو ذلك، وأردنا (أي أراد المجْمَع) أن ندخلَ هذا اللفظ إلى المعجم اللغويّ العربيّ الحديث، يمكن أن نغير في بنيته(بالنقص، أو الزيادة، أو القلب) بحيث يصبح: المِرْحَل أو: الرَّحَّال. مع ملاحظة أنّ هذه المادة ليست غريبة عن اللغة العربية الفصيحة. فالمِرْحَل من الجِمالِ: القويّ(وكذلك "أَرَحَّالُ" فهو قويّ). والرَّحَّال: صانِع الرَّحْلِ(selle de chameau). ولا مانع –حسَبَ تطور اللغة- من التّوسُّعِ في المعنى بحيث يكون من معاني الرّحّالِ: أَداة يوضع عليها متاع أهل المنزل(داخل الخيمة البدوية). وهذا التعريف أو الشرح، أتيتُ به لتقريب الفكرة من الذهن-فحسْب- وقد يضع المَجْمَعِيون تعريفا أفضل منه. ويمكن أن نقيس على ذلك"لخْطَيْرْ" الذي، لو أردنا تعريفه أو وصفه، لوجدناه قريبا من معنى: الهَوْدَج: أداة ذات قبة توضع على ظهر الجمل لتركب فيها النساء. ويدخل في هذا الإطار: "احْمَارْ لكَربْ"(تنطق الكاف جيما قاهرية): أداة تُعلق فيها القِرَبُ. الترجمة الحرفية: حِمارُ القِرَبِ. ولابد من تفصيح هذا النوع من الألفاظ العامية.
*" اشْنِينْ"، هذا مثال آخر للكلمات العامية(الحسّانيّة) المرشَّحة للتفصيح( وهي كثيرة). جاء في المعجم الوسيط: الشُّنَانَة (بضم الشين): كل لبَن يُصبُّ عليه الماء حلِيبًا كان أو حَقِينًا(أي محقونا في الشكوة لا ستخراج زبدته). يمكن هنا أن نقول: الشَّنِينُ "أَشْنِينْ": اللبَنُ المَخِيض الذي أُضِيف إليه الماءُ. بمعنى أنّ: الشنين أخَصُّ من: الشُّنانة. فهذه تعني: المَذْق، وهو اللبن الممزوج بالماء(بصفة عامة). بينما، الشنين: اللبن الرائب المخيض الممزوج بالماء.
*"نَوْزَلْ": زُكِمَ(attraper un rhume) زُكَامًا، وزُكْمَةً: أصابه الزُّكَامُ . " النَّازْلَه": الزُّكام(le rhume):التهابٌ حادٌّ بغشاءِ الأَنفِ المُخاطيّ يتميَّز غالبا بالعُطاسِ"لعْطَاصْ"((éternuement والتّدميعِ، وإفرازات مُخاطية مائية غَزيرَةٍ من الأَنفِ. ويعبَّر عن الزكام أحيانا، بالرَّشْحِ أو البَرْدِ. مع ملاحظة أنّ هناك فرقًا بين الزكام، والإِنْفِلْوَنْزَا (la grippe): حُمّى مُعْدِية يسببها فيروس يتميز بالتهاب رشحيّ في الجهاز التنفسيّ أو الهضميّ أو العصبيّ، يصحبها صداع وأرق. انظر: المعجم الوسيط.
*"ازْلَكْ" (بزاي مفخمة وكاف منطوقة نطق الجيم القاهرية): زَلِقَ: glisser. "الزّلَّيْكَه": الزَّلَّاقَة(glissière): الموضع لا تثبت عليه القدم. يقال: طريق زَلِقٌ "تَوْرسْ اتْزَلَّكْ": chemin glissant. وأرض زَلِقة "اتْرَابْ اتْزَلَّكْ": terre glissante. "ازْلَكْ" في شخص: شَتَمَه/ سَبَّه: injurier qn. "الزَّلْكَه": مَسَبَّة/ شَتِيمَة(injure): إهانة بكلام جارح، على سبيل المثال.
*"كَرْتَه" (تنطق الكاف جيما قاهرية): الفُسْتُق( الفول السودانيّ): la cacahouète ou cacahuète.
*"لْتْرَيْن" أو "الْكَارِبْ"(تنطق الكاف جيما قاهريه): القِطَار(le train): مجموعة من مَركَبات السكة الحديدية تجُرُّها قاطرة (محدَثَة). ج. قُطُرٌ( المعجم الوسيط). والقطار من الإبِلِ: عدَدٌ منها بعضه خلف بعض على نسَقٍ واحدٍ. والمَقْطُورَة(la remorque): عَرَبَة تجُرُّها قاطِرَة: remorqueuse
*"لَبُّورْتَابلْ"( في الأقطار العربية المستعملة فيها الإنجليزية، يقولون: " الْمُوبَايلْ": mobile ): الهاتف المحمول/ النَّقَّال( le portable). من الصفة(portable): يُحْمَل، سهل الحمل. وله كذلك معنى الصفة( portatif): خِفٌّ، سهل الحمل، نَقَّال، سهل النقل. و "لَفّيكْسْ": الهاتف الثابت (le fixe). ويمكن أن نقول، بالفرنسية: téléphone mobile ou téléphone portable
*"لبْلَاصَه": المَكان، بالفرنسية(la place)، وبالإسبانية(la plaza). عِلْمًا بأنّ حرف(z)، في الإسبانية، يُنطَق ثَاءً عربية. "لابلاثا". مع ملاحظة أنّ المَكان: المنزلة، والمَوْضِع. يقال: هو رفيع المكان. والموضع: اسم المكان. يقال: في قلبي مَوْضِع فلان: مَحَبَّتُه. والمَكانَة: المكان بمَعْنَيَيْهِ المشار إليهما (المنزلة والموضع).
*"الصَّالِحِينْ"/ التِّيدْرَه": المَقبرَة(بضم الباء وكسرها): la cimetière: مجتمع القبور. والقبر. ج. مَقابرُ(محدَثة). والمَدْفِنُ: مَوضِع الدَّفنِ وما يحيط به من بِناءٍ.ج. مَدافِنُ.
*"ارْزَاحْ"(بزاي مرققة): الرَّزَاحُ. رَزَحَ فلان: ضَعُفَ وذهَبَ ما في يده. ورَزَحَ البعيرُ يَرْزَح رُزاحًا، ورُزُوحًا: ضَعُفَ ولصق بالأرض من الإعياءِ أو الهُزالِ لا يتحرك. يقال: رَزَحَ تحتَ حِمْلٍ: sucomber sous un fardeau . ورَزَحَ تحت النِّيرِ: ployer sous le joug . فيقال: كان البلد الفلانيّ يرزَح تحت نِيرِ الاستعمار(la colonisation). و"ارْزَاحْ، في "الحسّانيّة"، يعني: الكسل(la paresse)، والخمول(l'indolence) . كما يُعبَّر عنه ب "أَغَدَّاجْ". والعلاقة واضحة بين "ارْزَاحْ" والضعف والإعياء وعدم التحرك(أي مظاهر الكسل). ويُلاحَظ، من خلال هذه الكلمة وغيرها، أنّ عددا كبيرا من الكلمات العربية الفصيحة المستعملة في "الحسّانيّة" – محرَّفةً أو غيرَ محرفةٍ- لم تعد مستعملة في الأساليب العربية الحديثة، لا شفهيا ولا كتابيا. بمعنى أنّنا لا نسمع أو نقرأ –حسَبَ عِلمي – في أي نص عربيّ حديث، كلمة: الرُّزَاح، التي ينوب عنها سَيْلٌ من الألفاظ والتعابير الأخرى، نحو: الكسل، التكاسل(تعمد الكسل)، الخمول، التراخي، الاسترخاء، التواني، الفتور، التثاقل، الإهمال، عدم النشاط، إلخ. وهذا ممّا يدلّ – إن كان الأمرُ بِحاجة إلى دَليلٍ – على أنّ "الحسّانيّة" متأصّلة /متجذرة في اللغة العربية الفصيحة.
ومن المعلوم أنّ ما نتداولُه من ألفاظ ومفردات وتراكيب عربية، لا يمثل إلّا نسبة ضئيلة ممّا هو كامن في بطون الكتب. وتلك الثروة اللغوية الهائلة، غير المتداولة، نحسبها غير عربية- لجهلنا بها- أو نعدّها من غريب اللغة، في أحسن الأحوالِ. والعضو الذي لا يُستخدَم يضعف ثمّ يموت. وكذلك اللغة، تَحْيَا بالاستعمالِ وتموت بالإهمالِ. ثمّ إنّ اللغة تقوى بقوة أهلها وتضعف بضعفهم. والدليل على ذلك، هو أنّ العرب عندما كانوا أقوياء قويت اللغة العربية وحملت مشعل الحضارة، وفي عهود انحطاطهم وضعفهم ضعفت لغتهم، لدرجة أنّ أعداءهم والمتخاذلين من بني جِلدتهم، أصبحوا يتطاولون على اللغة العربية ويشككون في قدرتها على نقل العلوم والمعارف الإنسانية، بعد أن رموها بالعقم وبأنها لغة حجرية متقوقعة لا تصلح لمسايرة العصر.!