إن الحرب الملوح بها من طرف الغرب على سورية غير قابلة للتحقق من الناحية الإستراتيجية للدول الداعمة و الداعية لها , فمهما تكن سورية منهكة في حربها ضد المعارضة المسلحة المدعومة من جهات عدة , فإن الجيش السوري و رغم خسارته لكثير من رجاله و عدته فإنه استطاع أن يجعل
العالم في صورة واضحة لكل الأطماع السياسية و الإديولوجية للجهات المعنية بالهجمة على قوى الدولة السورية الممانعة , كما أنه إستطاع أن يبني لنفسه قدرة خارقة للتكيف مع ظروف الحرب و تداعياتها. إن هذه الحرب الكونية المفتوحة على الشعب السوري لم تضعف مراكز القوة العسكرية التي لا تزال تتمتع بمقومات الإستمرار , مشفوعة بالحاضنة الشعبية التي لا يمكن فصلها عن رجاله الذين هم بطبيعة الحال جزء لا يتجزأ من الشعب , الأمر الذي يتغافل عنه أعداء النظام السوري و جيش الدولة , حين يتحدثون عن جيش يواجه شعبا , و كأن الشعب السوري لم ينجب أبناء هم عماد الدولة و حماة الديار! أما تلويح أمريكا بضرب الدولة السورية و أبناء شعبها فليس سوى نباح لا يضرالقافلة و لسوف تلهث آمريكا و مشتفاتها من دويلات الخليج ودول الغرب التابعة , و تركيا الإمعة , وراء القافلة السورية و لن يعودوا سوى بعطش لن يستطيع المال الخليجي الفاحش أن يرويه.
و إذا ما إفترضنا أن الحرب اقعة فسوف تكون لها تداعيات تخلط جميع الأوراق و تقلب الترتيب العالمي للعظمة و الهيمنة و هو ما لا أعتقد أن آمريكا تغفله , كما أنه من المستحيل من الناحية الدبلوماسية أن تجاهر روسيا بدخولها الحرب إلى جانب الجيش السوري بشكل مباشر , و في المقابل فإنها أيضا غير قادرة على التفرج و ترك حليفها في مهب الرياح لأن سقوط الجيش السري سوف يثقل كاهل الهم الرسي , و خسارة الدولة السورية هو بمثابة إنتكاسة لمشروع العودة للقوة الروسية إلى المشهد العالمي . و لذا أعتقد أنها ستكون حربا على مستوى عالي من التقنيات ( طائرات بدون طيار , حرب إلكترونية , إستخباراتية , نفسية , إعلامية.............) , و سيستعمل الجيش السوري عظيم مخزونه من القوة التدميرية في مواجهة العدوان و ضرب مصالح العدو في المنطقة و لن تسلم قواعد آمريكا في المنطقة من الصواريخ الروسية عن طريق الجيش السوري , وسوف يخرج الحليف الروسي بإنتصارات لم تكن متوقعة , و تتغير خارطة المنطقة عل أنقاض الإمبراطورية الأمريكية التي ستدخل حربا باردة ( في ثوب جديد) مع الدولة الروسية قد تصل إلى حد التلويح بالعمل العسكري المباشر , و في النهاية سوف تكن آمريكا و حلفاؤها هم الخاسرون.
و لسوف يتجه الروس إلى تقوية حليفهم الإيراني و تسريع مشروعه النووي لإحداث توازن المصالح , و الحد من بطش و نفوذ الواجهة الأمريكية المتمثلة في دويلة إسرائيل , أما حزب الله فسيخرج من الحرب بنشوة الإنتصار متحصنا بسلاح كيمياوي سقط عمدا في أيدي رجاله خلال الحرب , ثم لا تلبث قوى الممانعة طويلا حتى تستعيد بريقها لكن هذه المرة بإجماع جميع شعوب المنطقة دون إستثناء. و إذا وضعت أمريكا هذه الأمور في الحسبان فستظل الحرب شيئا من المستحيل.
الأستاذ : حمزه ولد محفوظ المبارك.