إن إحتمال مشاركة بعض أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية في الإستحقاقات القادمة، سيكون له تأثيره السلبي والمؤكد علي تقدم ديمقراطيتنا المزيفة منذ بدايتها ولن يكون أقل سلبية من تزكية إنقلاب 2008 و لا المشاركة في إنتخابات 2009 المشؤومة.
إن المتعاطفين- من قريب أو من بعيد- مع المنسقية قد أصبحت تساورهم الشكوك حول مدى مصداقية و صلابة مواقف الأحزاب المشكلة لها ونجدهم يرددون دوما "نحن نخشي أن نتبني مواقف منسقية المعارضة اليوم، ثم نجدها تتراجع عنها غدا وتتركنا نهبا للحيرة. لذا فإنه من شبه المؤكد أنه إذا حصلت هذه المشاركة فإن المنسقية ستجد نفسها وقد خسرت خسارة من الصعب أن تتمكن من الخروج من مأزقها إلا بعد فترة طويلة وسيجد أولئك الذين ظلوا يشككون في مصداقية أحزاب المنسقية وفي حنكتها السياسية وفي جدية ما كانت تقوم به من نضال، كما أنها- من خلال هذه الخطيئة- ستقدم للنظام طوق نجاة جديد، يعطيه جرعة أفضل من تلك التي وفرها له اتفاق دكار.. وهو ما سيرسخ قناعة لدي أولئك الذين لديهم رغبة في القيام بالتغيير عن طريق العنف بأن الديمقراطية في هذا البلد، هي مجرد مسرحية.. وسيصاب شبابنا بإحباط شديد، جراء هذا الإنسداد السياسي الذي سيوجه لهم رسالة واضحة بأنه لا إمكانية لمحاربة العبودية وتحقيق دولة القانون والمؤسسات عن طريق الاسلوب المدني الديمقراطي، وبالتالي ستصبح المطالب المتعلقة بتحقيق العدالة والمساواة ومحاربة الرق والظلم والبطالة والجوع والاستبداد، كلها مطالب يستحيل تحقيقها بالوسائل السلمية، وعندها سيلجأ هؤلاء الشباب إلي وسائل بديلة ستغلب جانب العنف وستصبح معول هدم لا أداة بناء. إن قبول إجراء أي انتخابات ضمن شروط وظروف ما قبل انتخابت2006 (التي يمكن، لمن لا يعرف الديمقراطية، أن يصفها بتوفير الحد الأدنى من الشفافية)، هو انتحار سياسي ونكوص نحو الخلف، قد يفهم من حديث ولد عبد العزيز- خلال لقائه مع نفسه بالنعمة- حنينه إلي تلك النماذج الانتخابية كما أنها عكست السقف الذي يتصوره للنموذج الذي ستجري وفقا له هذه الانتخابات، التي هي بالنسبة له يكفيها أن تكون غير مطابقة لانتخابات ما قبل 2006، التي كانت تجري بالقرب منه وقد يكون خبرها جيدا وعرف أساليبها وطرقها الناجعة. إن أي متتبع لنماذج التزوير والانتخابات الأحادية، ستكون ذاكرته- ولا شك- محتفظة بانتخابات مصر سنة 2010 (أشهرا قليلة قبل الثورة المصرية2011)، التي لم يشارك فيها من المعارضة المصرية، سوى حزب الوفد، الذي واجه حصيلة تفوق97في المائة لصالح الحزب الحاكم.. ورغم ذلك كله، فلم تشفع للنظام أرقامه الفلكية ولم يحقق الوفد مكاسب جدية من هذه المشاركة. . إنني أذكر الجميع بأن أحزاب المعاهدة قد عبروا اليوم عن قلقهم إزاء ما يجري من خرق للقوانين المتفق عليها منذ سنتين- أو أقل قليلا- مع النظام الحاكم في إطار ما سمي بالحوار الذي جري بينهم وبينه ( أحيل أولك الذين لا يدركون حقيقة ما يرتب ويطبخ داخل الغرف المعتمة الخاصة إلي البيان الصادر باسم أحزاب المعاهدة هذا اليوم http://www.alakhbar.info/32052-0--F-BCF-B0-F0--F0C.htm) وللخروج من هذا الواقع، الذي تنصب فيه الشرك وترمي الاشواك في طريق منسقية المعارضة، بغية سقوطها في حفرة، قد لا تخرج منها بسلام، فإنه ليس أمامها،سوي الانسجام مع خطها النضالي الذي يأبي عليها الوقوع في شرك النظام، وأن تبقي هي معبرة عن طموحات جماهيرها، التي شكلت وقودا لنضالاتها ويدها الضاربة، خلال محطاتها المختلفة - أن تنسجم المعارضة مع نفسها وتكون عند حسن ظن من تبعها وتابعها في شعاراتها ونضالها طيلة السنتين الماضيتين..
- أن لا تقبل المعارضة (المحاورة وغيرالمحاورة) المشاركة إلاَ في إنتخابات تكون ظروفها أحسن ولو قليلا من ظروف إنتخابات 2006. - أن تفي الموالاة بعهودها والتزاماتها للمعاهدة و أن يطبق ما تم حوله الإتفاق في حوار 2011
- أن تكون الآليات المتفق عليها هي نفسها التي ستطبق علي الإ نتخابات الرئآسية المقبلة. - أن توجد آليات وقوانين تحصن المؤسسات الديمقراطية و تجعلها في أمان من أن يتلاعب بها كل من أتيحت له الفرصة للتلاعب بإرادة الشعب.
- أن تكون التنظيمات الشبابية- بجميع أ شكالها و أطيافها- حاضرة في أي توافق وطني من شأنه أن يساعد البلد علي الخروج من أزمته الراهنة وأزماته المقبلة.
إن أي انتخابات غير توافقية تحاكي ما كانت عليه مرحلة ما قبل إنتخابات 2006 (المتواضعة) ستكون خسارة للبلد وللديمقراطية وستشكل هدية للنظام..لكنها رغم ذلك لن تخدمه في الامد القريب ولا المتوسط. إنه من الواجب اليوم علينا جميعا أن ينصب اهتمامنا حول مصلحة بلدنا، بعيدا عن المصالح الآنية للأحزاب والجماعات والأفراد.
إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.