بعيدًا عن تعريف مفهوم مصطلح الشباب وتحديد فئة عمرية بعينها، يبقى الشباب هو قلب المجتمع النابض ونتاجه بما يحوي من نجاح وإخفاق، وهو نصف الحاضر وكل المستقبل، ومن اجل تحقيق تنمية شاملة للمجتمع لا بد من إشراك فعلي لهذه الفئة العريضة، وفتح آفاق مستقبل مشرق أمامها وإعطائها فرصة للمشاركة في رسم خططه واستراتيجياته وسياسات الإصلاح التنموية المستقبلية.
ولأن الشباب الموريتاني فهم اللعبة السياسية، ووصل إلي مرحلة من النضج خولته التأكد من أهمية تواجده في ساحة المعترك السياسي، وتلبيته النداءات الملحة محليا وأمميا بضرورة إبداء رأيه وإسماع صوته وإشراكه في اتخاذ القرارات التنموية التي تحدد ملامح مستقبله. منذ نشأت حزب الاتحاد، والشباب يبذل الغالي والنفيس لإثبات وجوده وقدرته على تولي المناصب الحزبية، فقام بالعديد من الفعاليات الحزبية ونظم الكثير من الأنشطة الاجتماعية في إطار الحزب ليعكس مدى إحساسه بالواقع المعاش واستعداده لتحمل المسؤولية، وتعاطيا منه مع متغيرات الساحة السياسية التي طبعت الحالة العامة للبلاد - بكل مسؤولية - لم يؤخذ عليه تهور أو عدم نضج سياسي وكان يتدخل فقط إن دعت الضرورة ليس لا مبالاة، بل حكمة وتروي، مخافة الانجراف وراء تيار يخرجه من سياق أداء دوره الوطني في الحفاظ علي اللحمة والتوافق، مما جعله معافى من الهمجية والتبعية العمياء التي كانت السمة الشائعة للباحثين عن مواقع ومناصب ومنافع ضيقة، بل صوب كل جهوده من أجل ترك بصمة مميزة ودرس في الوفاء والانضباط الحزبي اللا مشروط.
ولكن للأسف، رغم كل هذا الاندفاع والعطاء والبذل وتسخير الجهود من أجل خلق ديناميكية في النشاط الحزبي وتطوير مفاهيم السياسة ومحاولة تجديد الأفكار والدفع بدواليب الحراك لمواكبة المستجدات والمتغيرات وتطبيق الديمقراطية بمفاهيمها العصرية، تصادم هذا النضال والفكر المعاكس الذي يتبناه أصحاب الآفاق الضيقة والباحثين عن منافذ لتمرير مصالحهم الخاصة والأنانية، فوقفوا بكل عنجهية في وجه الإصلاح وحاربوا التجربة الشبابية الرائدة مع الديمقراطية وكانت كل مبادرة للإصلاح يعتبرونها عقبة في وجه طموحاتهم وخطرًا يهدد مصالحهم فيحاولون بكل مكر وخبث وأدها في المهد، وشن حملات تشويه وتخوين لمتبنيها مخافة إعادة الكرة، أو إحداث فكر جديد.
والمتتبع للواقع الحزبي الآن يدرك بكل تجلي فظاعة وشناعة المخططات التي تهدف إلى تهميش الشباب وحصرهم في أضيق الزوايا، وتقليص نفوذهم ودورهم، وإقصاءهم من المشهد السياسي، ودفعهم للإحجام والعزوف عن المشاركة، والمساهمة في العمل السياسي. لكن كل هذه المحاولات اليائسة لشل العمل الشبابي وإخراجه من اللعبة السياسية ستبوء لا محالة بالفشل، لأنه من المستحيل وإن تكررت المحاولة في عصر العولمة والتقنيات الحديثة، وفي عالم الحرية حيث الانفتاح علي الثقافات الأخرى وتكسير الحدود الجغرافية الوهمية وانتشار وتعدد وسائل التعبير عن الرأي وليس الفيس بوك والتويتر ببعيدين، أن تظل زمرة من المتمصلحين مسيطرين علي المشهد السياسي بتفاصيله وحيثياته وتبذل كل الجهود للتمكن من مفاصل الدولة والتحكم في اتخاذ القرار، وإبعاد أصحاب الضمير الحي. إن شباب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لديه من مقومات المشاركة ما يؤهله لتصدر المشهد السياسي ولديه من القدرات والكفاءات ما يخوله من تسيير المرحلة وتفصيلها علي مقاساته إن منحت الفرصة.
أما بخصوص استمرار سياسة التهميش وسد الأبواب في وجه الطموحات والرغبات المشروعة والصادقة بالمشاركة الفعلية في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلد، فبالتأكيد ستتفاقم الأزمات وتتزايد الخلافات وتكثر الانسحابات ويقل الانتساب مما سيهد من أساس هذا البناء العملاق المتمثل في حزب الاتحاد من اجل الجمهورية، الذي شاركنا في بنائه وننأى بأنفسنا أن نشارك في هدمه.