بعدما فصلت نفسي من إذاعة حرة كنت أعمل بها وكانت هي التي قصصت فيها شريطة التجربة المهنية الإعلامية كغيري من الكثير من الشباب الموريتاني المتحمس للولوج في فضاء المجال الصحفي ومعتبرا تلك التجربة هي المرحلة الأولى من الطريق نحو النجاح
الصحفي في بلد لم يعرف معنى الصحافة يوما غيرا ماكان يشاهده أويسمعه من المؤسسات الإعلامية العمومية التي لاتكاد تحسن سوى التطبيل والتزمير للحاكم وحكومته حسب ما كان يمليه مدير تلك المؤسسة مستعينا بخبرته الطويلة مما يساعده على الحفاظ على مقعده
مديرا لتلك المؤسسة أطول مدة ممكنة قررت وبمشورة من أحد الزملاء بعد ماكان لابد من الرحيل من تلك المؤسسة البحث عن مكان لي في إذاعة الشباب والتي كانت يومها تفتح أبوابها من جديد ظنا مني أن المؤسسة العمومية ستكون أرحم بي من الإذاعة الحرة التي
عملت بها لمدة تقارب السنة دون أن أنال ما يشجعني على الإستمرار فيها غير أن الشهادة المطلوبة في تلك المؤسسة أي مؤسسة الشباب كنت افتقدها تماما .
التي يمكنك ان تحجز بها مكانا لك في إذاعة موريتانيا في ظل الإدارة الموجودة هي: أن تكون منتميا لقبيلة المدير العام فقط أو أن تكون على الأقل من أحد أبناء الجنرالات المتنفذين في الدولة والذين يكن لهم السيد المدير إحتراما خاصا .
أما غير تلك من الشهادات
مثل الخبرات في المجال الإذاعي كالإخراج والتقديم وكتابة التقارير فيجب عليك ان تكون ذوصلة أو صداقة بمدير القطاع الذي تنمي له كي تتشرف بالعمل طواعية في مجال تخصصك دون الحديث عن راتب بسيط قد تستحققه بمرور الأيام أو الأسابيع أو الأشهر وربما السنين
كما هو الحال لدى أحدى الزميلات العاملة في القطاع الفني في الإذاعة الوطنية فهي تعمل في المجال الفني منذ خمس سنوات دون أن تنال أبسط تشجيع وأخيرا ينالها من اللطف ما هو مكتوب لها بحصولها على ما يعرف (ببيج ) بهذا المثال البسيط تضرب لنا الزميلة مثالا
عظيما في الصبر بالمقابل يضرب لنا المدير وحاشيته مثالا أشد عظمة في أكل حقوق العاملين والمتعاونين في المؤسسة الإعلامية التي لطالما كانت منبرا يستنير به المواطن البسيط بفضل ماكان يسمع من توجيهات ومحاضرات ولايدرك مايحدث داخل ذلك المنبر العظيم
أما المؤسسة الحرة الإعلامية سواء كانت مكتوبة أو مسموعة والأخيرة بما لها من مستمع بسيط قد يكون في وضعية أكثر أرحية في الفهم وأقل تكاليف للإستماع من غيره الذي غالبا مايكون لديه من المعرفة مايمكنه من تمييز ما سيقرأ فإن المستمع لتلك الإذاعات في بداية
عهدها كان يؤمن بحياديتها و إنتماءها للشارع بكل أطيافه وهذا ما جعلها أو بعضها يحجز له مكانا في الجماهير المتعطشة لوجود مثل تلك المؤسسات إلا أنه مع مرور الوقت بدء ت الأهداف الحقيقية والمطامع تطفوا على السطح في ظل تحقيق بعض تلك المؤسسات لنجاح
حققت من خلاله مكاسب مادية كان لابد من أن تظهر نتائجها واضحة جلية على من يدير تلك المؤسسة وغير أنها غالبا ماتكون مدانة أكثر من غيرها من قبل الأشخاص الذين صنعوا لها ذالك المجد والصيت العظيم وهم شباب عملوا بجد وضحوا كثيرا وبذلوا طاقاتهم
لنجاح لم ينالوا منه سوى كلمات بسيطة كتشجيع لهم على جهدهم العظيم دون أن ينالهم أي شيء مما يستحقون , البعض منهم قرر الإضراب والبعض الآخر قرر الانسحاب بخبرة هي أكثر ما سيحصل عليه بينما آثر البقية الدخول في مساومات غالبا ما تنتهي بفوز مدير
المؤسسة .....
رغم كل ما حدث لي ولأصدقائي في أي من المؤسسات إلا أنها كانت تجربتان فريدتان من نوعهما أول ما تعلمت فيهما هو الظلم الذي يعيشه من يعمل في تلك المؤسسات بغض النظر عن ما يقدمه من خدمة جلية لا يشعر بقيمتها إلا من هو متكأ في بيته أو دكانه يستمع له
عبر الراديو ............... النهاية