أكد مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، الشيخ أحمدو ولد سيدي، في خطابه اليوم بمناسبة اليوم المدرسي لحقوق الإنسان أن أكبر مِعْوَلٍ لهدم السِّلم هو خطاب الكراهية، وهو الكلام البذيء المسيء لفرد أو مجموعة بناءً على أحكامٍ مسبَّقة مزيفة مرتبطة بالفئة، أو العرق أو اللون أو الجنس.
داعيا إلى جعل القانون الدرع الواقي من التجاوزات والحصنَ الحصينَ المحصِّنَ من الانتهاكات.
نص الخطاب:
"بسم الله الرحمن الرحيم
وصلـــــــى الله علي نبيه الكريم
معالي وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي؛
السيد والي نواكشوط الجنوبية؛
السيد الحاكم؛
السيد العمدة؛
السادة ممثلو ا المصالح الإدارية والقضائية والأمنية؛
السيد رئيس المنتدى الجهوي لمنظمات المجتمع المدني؛
السيد رئيس الاتحادية الوطنية لروابط آباء التلاميذ؛
السادة والسيدات رؤساء وممثلو المنظمات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان؛
أيها الحضور الكريم؛
إن خير ما نبدأ به الحديثَ عن حقوق الانسان، قولُه جل من قائل: "ولقد كرّمنا بني آدم". إنها مشيئة الله، وتكريمٌ منه، لا تكريمَ يعلوه. أما المفاضلة ففي التقوى وحده: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، صدق الله العظيم.
أيها الجمع الكريم،
عملاً بالتوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وتجسيدا لتعهداته في مجال حقوق الإنسان، ها نحن اليوم، نُشرف معكم، على انطلاق فعاليات أوّلِ يوم مدرسيٍّ لحقوق الإنسان، ينظم بالتعاون الوثيق بين وزارة التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي وقطاعِنا، تحت شعار "لنجعل من المدرسة الجمهورية نقطة انطلاق لنبذِ خطاب الكراهية".
أيها الأطفال الميامينْ، جيلُ المستقبلِ الواعد، المولود على الفطرة الإسلاميّة، والمبني على أسس حقوقية وقانونية ومدنية صلبة،
إنّ أكبر مِعْوَلٍ لهدم السِّلم هو خطاب الكراهية، وهو الكلام البذيء المسيء لفرد أو مجموعة بناءً على أحكامٍ مسبَّقة مزيفة مرتبطة بالفئة، أو العرق أو اللون أو الجنس. إنه الكلام المتعصّب، البعيد من مبدأ التّسامح واحترام الآخر، مهما اختلفنا معه.
يا بُناةَ الغد،
إنكم تعيشون في عهدٍ أصبحت وسائل التعبير فيه كثيرةً وسريعةً، لذلك أصبح خطابُ الكراهيةِ أخطرَ، لسرعة انتشاره عبر الصُّور، والرُّسوم، والرُّموز، والصّوتيات. ما يجعل المدرسة الجمهورية أهمَّ مرحلةٍ تتسلًّحون فيها لتفادي الصِّدام، ولترسيخ التسامح، ولتعميق ثقافة قَبول الآخر، ولتعزيز مبدأ الحوار البنّاء والمثمر والإيجابي، خدمة للوحدة الوطنية التي نسعى من خلالكم إلى تحقيقها كاملة، غير ناقصة.
يا أجيال الغد المُشْرق،
إن عليكم أن تجعلوا من القانون دِرعَكم الواقي من التجاوزات والحصنَ الحصينَ المحصِّنَ لغيركم من الانتهاكات. والقانونُ، كما يجب أن تفهموا باكرًا، لا يقبل التمييز أبدا، ويقمع، بقوّته وبنصوصه، كلّ أشكالِ خطاب الكراهية، لأنه يُحرّض على العنف، ويقوِّض اللحمة الاجتماعية، ويمهِّد للاحتقانات والتوتُّرات والصراعات. إنه الطريق الأقصر لانتهاك حقوق الانسان، وأنتم تشكّلون أهمّ جدارٍ سيحمي المجتمع من كل صُنوفِ الانتهاكات.
أشبالَنا الميامين،
إنكم المسؤولون غدا عن نشر ثقافة السِّلم والتآخي، فعليكم المُعَوَّلُ في تنظيف لغتنا وخطابنا من كل الشوائب الهدّامة، والحقيقة أنه آن الأوان، كما قال فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب ودان “أن نطهّر موروثنا الثقافي من رواسب الظلم الشنيع، وأن نتخلص نهائيا من الأحكام المسبّقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة، وتصادم قواعد الشرع والقانون، وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية".
سنعمل معا، نحن وأنتم أشبالَ الغد، على تلبية نداء رئيس الجمهورية، فالحقوق مصونة بقوة القانون، "ولن يترتب حق أو واجب على أي انتماء إلا الانتماء الوطني"، كما عبر عنه فخامة الرئيس.
أيها الحشد المدرسي الموقر،
إننا أمام قرار كبير يجعل من المدرسة الجمهورية نقطة انطلاق البناء الحقوقي الشامخ الهادف إلى ترسيخ قِيَم حقوق الإنسان في عقول الأطفال، من خلال تلقينهم مبادئ المساواةِ والإنصافِ وحقِّ الاختلافِ والتّحابُبِ والمؤاخاة، ومن خلال اطِّلاعهم على القوانين ذات الصلة، وتثقيفهم ثقافةً حقوقيةً تنطلق معهم في بدايات حياتهم، ليكبروا وهم مسلّحون بمعاني ومضامين وروح المواطنة، مع ما يلزم من حفظِ وفَهمِ القوانين الوطنيّة والدوليّة، والاطّلاع على أهداف الآليات والهيئات الوطنية المكلفة بحقوق الإنسان.
إخوتَنا الأكارم، أطفالَنا المباركين، معكم وبكم، ننطلق على بركة الله، رافعين شعار: "لنجعل من المدرسة الجمهورية نقطة انطلاق رفض خطاب الكراهية".
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".