هذا النص تم نشره بمناسبة انطلاق حملة غرس الشجر في يوم 23 أغسطس من العام 2010، وها هو يعاد نشره بمناسبة هذه الحملة بعد شيء من تصرف. قلت لهم: إني جائع..
فقالوا لي: اغرس شجرة.
قلت لهم: إني أغرق..
فقالوا: اغرس شجرة.
قلت لهم: أين سأسكن بعد أن هدمت الأمطار كوخي..
قالوا: تحت، أو فوق غصن شجرة.
قلت لهم: إن الأسعار لا تطاق..
فقالوا: اغرس شجرة.
قلت لهم: سينسى الناس حملة غرس الشجر، كما نسوا حملة الكتاب، وكما نسوا
من قبل ذلك أفران المصلحة..
فقالوا: لا يهم، فالمهم الآن أن تغرس شجرة.
قلت لهم: إن توقيت حملتكم يستفزني، وسيجعلني أبغض الشجر..
قالوا: سنواصل حملتنا، وسنرغمك على حب الشجر.
قلت لهم: ألا يخجلكم أن عاصمتكم بلا صرف صحي؟
ألا يخجلكم أنها قد أصبحت مدينة عائمة على مستنقعات من ماء قذر؟
ألا يخجلكم بأن كل سكانها لم يعد لديهم ما يفعلونه إلا أن يسبحوا أو "يصطادوا في الماء العكر"؟
ألا تخشون أن ماء مراحيضها وماء مستنقعاتها قد يلتقيان على أمر قد قُدر..
قالوا: يكفي عاصمتنا فخرا أنها قد أصبحت مدينة من ماء وشجر.
قلت لهم: إني أخاف أن يهلكني الجوع في بلادكم وأنتم لاهون على كثبان تغرسون الشجر..
قالوا: كيف تموت جوعا يا هذا..كُلْ من ثمار الشجر.
قلت لهم: إني قد أموت عطشا..
قالوا: أليست تلك بركة ماء أمام كوخك؟
قلت لهم: إن ماءها قذر..
قالوا: فما عليك إذاً إلا أن ترتوي من عصير الشجر..
قلت لهم: وماذا سألبس؟
فقالوا: ألم يكن جدك الأول يتغطى بأوراق الشجر.
قلت: وبمَ سأتداوى؟
فقالوا: أبشر فهذه الأعشاب وتلك أوراق الشجر.
قلت لهم: ومتى سأحصل على وظيفة؟
قالوا: عندما يشيخ الشجر.
قلت لهم: ومتى ستتبرعون لضحايا الأمطار؟
قالوا: أتعني ضحايا البشر.. أم ضحايا الشجر؟
قلت لهم: ألم أقل لكم بأنه لا يهمني أمر الشجر..
قالوا: ونحن أيضا لا يهمنا أمر البشر.
قلت لهم: بالله ارحموني و قولوا لي قولا يخلو من شجر..
قالوا: لا حديث لنا معك إلا عن غرس الشجر.
قلت لهم: لماذا لا تزوروني لتشاهدوا كوخي يغرق..
قالوا: لا وقت لدينا فهذا موعدنا مع غرس الشجر..
قلت لهم: وأين جنة الفقراء التي وعدتموني بها؟
قالوا: وهل هناك جنة بلا شجر..
قلت لهم: وهل وضعت الحرب على الفساد أوزارها؟
قالوا: شُغلنا عنها بغرس الشجر.
قلت لهم: وأين التغيير البناء؟
قالوا: إنه يستظل بالشجر.
قلت لهم: وأين الحكومة؟
قالوا: خرجت عن بكرة أبيها لتغرس شجرة.
قلت لهم: وأين رئيس الفقراء؟
قالوا: إنه يطلق حملة غرس الشجر.
قلت لهم: وأين ما غرستم من شجر؟
قالوا: لن تراه ..ألم تسمع الرئيس في الحملة الماضية يلعن أكياس البلاستيك التي تسببت في موت الكثير الشجر..
ألم تسمعه في هذا الحملة يقول بأن السيارات والمشاة الذين جاؤوا لغرس الشجر قد دهسوا الكثير من الشجر.
أوَ لم تسمعه من قبل ذلك يقول: لقد نهبوا كل شيء، بما في ذلك الأموال المخصصة لغرس الشجر..
قلت : ومتى ستتوقفون عن غرس شجر لن يعمر؟
قالوا: ذلك أمر يتوقف على مزاج مفجر حملات الشجر.
قلت لهم: إني قد أموت جوعا وأنتم على كثبان تغرسون الشجر.
قالوا: لا تجزع فإن متَّ فسيبكيك صغار الشجر.
قلت لهم: إني قد أموت عطشا وأنتم على كثبان تغرسون الشجر.
قالوا: لا تحزن وابشر بحراك خلف جنازتك من شباب الشجر.
قلت لهم: إني قد أموت مرضا وأنتم على كثبان تغرسون الشجر.
قالوا: لا تبتئس فستشق جيوبها وستلطم خدودها كل نساء الشجر.
قلت لهم: إني قد أموت غرقا وأنتم على كثبان تغرسون الشجر.
قالوا: ستُنعى ببيان من اتحاد جمهورية الشجر.
قلت لهم: لماذا لا يهمكم جوعي؟
قالوا: المهم أن لا يجوع الشجر.
قلت لهم: لماذا لا يهمكم عطشي؟
قالوا: المهم أن لا يعطش الشجر.
قلت لهم: لماذا لا يهمكم غرقي؟
قالوا: المهم أن لا يغرق الشجر.
قلت لهم: إذا كان لا يهمكم من أمري شيئا، فأعلموا بأني لن أغرس الشجر.
قالوا : سنقول بأنك معارض للوطن وللأمطار وللشجر.
قلت: قولوا ما شئتم فإني لن أغرس شجرة.
قالوا: سنقول بأنك خائن وعميل.
قلت: قولوا ما شئتم فإني لن أغرس شجرة.
قالوا: سنقول بأنك مفسد.
قلت: قولوا ما شئتم فإني لن أغرس شجرة.
قالوا: سنقول بك مس من جنون.
قلت لهم: في هذه صدقتم، وهل في عهدكم يمكن أن تسلم عقول البشر.
حفظ الله موريتانيا..