هل تختفي انواكشوط 2020 م وحدها ..أم معها الدولة كلها؟ / الحاج ولد المصطفي

 الحاج ولد المصطفي(من الإنصاف للتاريخ التنبيه إلى أن اختيار هذا الموضع كان قائما من قبْل سنة 1957، ولكنه كان واحدا من بين اختيارات عدة. فهناك أماكن أخرى رشحت لإيواء عاصمة هذا البلد: منها نواذيبو ومنها روصو، وفي هذه الأخيرة تم حجز مكان معين لتقام العاصمة،

 ووضعت تصاميم لبعض المباني في عين هذا المكان........ أما ألاك والمجرية وكيفه فكانت تحول دون اختيارها جملة من العقبات لعل أبرزها العزلة في ذلك الوقت. )

هكذا تحدث المرحوم الأستاذ المختار ولد داداه عن أسباب اختيار موضع العاصمة وكان رحمه الله يؤسس دولة باسم الجمهورية الإسلامية الموريتانية أنشأ لها عاصمة علي شاطئ المحيط وفوق الرمال وفي مكان كان يري أنه الأصلح للدولة الفتية .. لكن مشروع هذه العاصمة (الذي كان يعني الدولة ) سقط مع أول انقلاب عسكري وقع سنة 1978م

يشرح الأستاذ المختار ولد داداه الأمر في مذكراته قائلا(لا يمكننى أن أتصور أن وطنيين وضباطا موريتانيين سيتركون مكاسب عشرين سنة من جهودنا تنهار خلال بضعة أيام وأسابيع أو أشهر(أو سنوات). كما لا أستطيع أن أتصور تراجعهم واستسلامهم. لذا ألتمس الصفح من مواطنينا عن النقص فى تصور ما آلت إليه الأمور(.

لا أريد أن أذهب بعيدا في نقاش أسباب الإنقلاب الذي أطاح بالدولة وأوقف مشروعها التنموي ولكنني أتحدث هنا عن إشكالية أزمة عاصمة الدولة التي تشير الدراسات إلي تهديدات جدية تواجهها في المستقبل القريب .

إن الأمر يتعلق بانهيار شامل لأركان الدولة نتيجة سياسات الجهل والتهور والغطرسة .

تحدث الجنرال ولد عبد العزيز بعيد انقلابه الثاني علي الشرعية (التي أدعي قادة الجيش أنهم أطاحوا بولد الطايع لكي يمنحوها للشعب الموريتاني) بنبرة من الثقة والقوة عن استكمال بناء مشروع الدولة من خلال عاصمتها وأطلق العمل في شارع المرحوم الأستاذ المختار ولد داداه وتعهد ببناء صرف صحي لائق وشيكة طرق حديثة ومخطط عمراني شامل وووو ...

وكان في ذلك الوقت يكره عبارة الدراسة حتي أنه زجر أحد وزرائه علنا عندما قال بأنهم سيقومون بدراسة وأضاف ( لامعني للدراسة هي وسيلة للفساد فقط ،أنجزوا هذا العمل في أسرع وقت)

ومن المفارقات العجيبة في بلادنا خاصة أن المثقف أو المتعلم قبل الجاهل يندفع اندفاعا قويا تصديقا وتطبيلا وتزميرا لكل ادعاء يطلقه قائد انقلاب مهما كان ساذجا وغير منطقي.

لقد عاد الجنرال والبلاد تتخبط في الأزمات إلي الإعتداد بالدراسات والحديث عن ميئات الإنجازات التي هي "قيد الدراسة" وحتي إذا أعدت الدراسة وأنفق علها من أموال الشعب (كالصرف الصحي لنواكشوط) ألقيت بحجة أن الدولة لاتقدر عليها ( وهي نفسها الدولة التي يفتخر رئيسها علي سكان الولايات أكثر من مرة -آخرها لقاء النعمة - مدعيا أن خزائنها مليئة بالأموال )

ثم يتساءل الجنرال لماذا لا يسأل عن الصرف الصحي للعاصمة إلا في سنوات حكمه ؟

سؤال وجيه لأن المثقف الموريتاني ضعيف الذاكرة،مشتت الذهن ، فقائد الإنقلاب يقول في عامه الأول ما تسطره له أقلام التملق والإرتزاق وهي أقلام استمرأت الكذب والتحايل علي عقول المواطنين ، لذلك تجده بعد أن يجتاز تلك المرحلة يعود إلي نفسه وقد أمتلأ غرورا وزاد تجبرا واعتدادا برأيه ... إنها ثقافة الإنقلابيين الذين أفشلوا مشروع "العاصمة الدولة " وقد باتت مهددة بالإختفاء

إن وضعية العاصمة انواكشوط ترمز تماما للدولة كلها واختفاؤها – لاقدر الله- سيكون بمثابة اختفاء للدولة ،إنها العاصمة الدولة: فهي مظهر المدنية الوحيد وهي مركز الإشعاع العلمي في البلاد وهي الملجأ الأخير لهذه الدولة المترنحة في أحضان الإنقلابات .

11. سبتمبر 2013 - 8:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا