نظمت منظمة ثابت للثقافة بالتعاون مع حزب الحركة الشعبية التقدمية طور الترخيص تظاهرة حاشدة مساء اليوم بفندق موري سانتر تخليدا للذكرى الأربعين لشهداء الانتفاضة الناصرية سنة 1984، الشهيدين سيدي محمد ولد لبات وأحمد ولد أحمد محمود تغمدهما الله برحمته الواسعة وأدخلهما فسيح جناته،
وقد حملت التظاهرة شعار: لا صوت يعلو فوق صوت معركة طوفان الأقصى، وتساوت الكلمات مع هذا الشعار، حيث ركز الدكتور محمد الأمين عبيد رئيس منظمة ثابت للثقافة على ما يواجهه الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية غير مسبوقة مقابل صمت رسمي عربي وغربي يغطي على جريمة الإبادة المتواصلة، مشددا على أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية يقاتل نيابة عن الأمة ويقدم التضحيات دفاعا عن كرامتها، وهي التضحيات التي قدمها شهداء انتفاضة 1984 دفاعا عن الشعب الموريتاني وعن حريته وكرامته.
وقال ولد عبيد إن ذكرى هذه الانتفاضة تشكل مناسبة وفرصة لدعوة كافة القوى المجتمعية، لتوحيد الجهود من أجل تخفيف معاناة الشعب الذي يواجه موجة غير مسبوقة من تفاقم الواقع المتأزم بسبب انتشار البطالة والفقر وغياب الحواضن العلمية التي تحصن الناشئة من الجهل.
ولفت إلى أن إحياء هذه المناسبة يأتي عرفانا لجهود من قدموا أرواحهم لأجل مشروعهم المجتمعي الرامي إلى تحسين أوضاع المجتمع الذي كان يعاني من أزمات متعددة أبرزها الفقر والجهل.
وجاء في كلمة رئيسة منظمة نساء حزب الحركة الشعبية التقدمية الأستاذة أمباركة خيري التأكيد على أن معركة طوفان الأقصى المباركة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية و أسقطت مشاريع التطبيع وصفقات القرن وتدليس الإبراهيميات وعرت زيف شعارات الإنسانية وحقوق الإنسان لدى المنظومة الدولية، وشددت، في هذا السياق، على مواقف الحزب المتعلقة بالإدانة الشديدة للشراكة الآثمة بين الكيان الصهيوني و أمريكا والدول الغربية وحكام الدول العربية والإسلامية الرامية لإبادة الشعب الفلسطيني ومحاولة تهجيره من أرضه والإشادة بالمواقف الشجاعة لإيران وجنوب إفريقيا ونيكاراغوا وبالأدوار البطولية لحزب الله في لبنان والمقاومة في اليمن والعراق وسوريا.
أما كلمة شباب الحزب فقد ألقاها الأستاذ الطالب أعمر سيدنا ميلود مشددا على أن السمة البارزة لواقع البلد تتمثل في سيطرة ثلة قليلة من المفسدين على جميع عائدات الثروات الوطنية وتوجهها لصالح استمرار هيمنتها على المؤسسات الدستورية والمرافق العمومية، مما أهلها لبسط نفوذها على مستوى الفعل السياسي في البلد، لتصبح مناسبات استشارة الشعب عبر الانتخابات فرصتها المناسبة لإظهار قدرتها على التحكم في مصير شعبنا، عبر تحديد المرشحين ورسم خرائط الاقتراع وتعبئة الموارد المالية الكفيلة بتزييف إرادة الناخب لتحديد المؤهل للنجاح في تلك الاقتراعات بشكل مسبق.
وفي هذا الصدد أكد المتحدث باسم شباب الحزب أن نضال الشعب الموريتاني وطلائعه الشبابية من أجل انتزاع حقه في ضمان الحياة الكريمة داخل وطنه، يجب أن يستلهم بالدوام الدرس النضالي الفلسطيني الذي يؤكد اليوم والأمس أن لا بديل عن التضحية من أجل تحرير الوطن للعيش بحرية وكرامة أو الارتقاء على درب الشهادة والخلود
وفي الكلمة الجامعة للأستاذ أخيارهم حمادي، رئيس الحزب، أعاد التذكير بالظروف التي أدت إلى اندلاع انتفاضة 1984 المجيدة من طغيان سياسي وقمع وكبت للحريات وهيمنة الرأسمالية المتوحشة وتفش للمظلوميات وإهانة للمواطن، مشددا على أنها ظروف أدت مجتمعة إلى ثورة شعبية قادها الطلاب والعمال والفئات الشعبية المحرومة وأسفرت عن استشهاد المهندس سيدي محمد ولد لبات والطالب أحمد ولد دداه ولد أحمد محمود واعتقال عشرات آخرين في سجون ومعتقلات النظام القمعي ما أدى إلى الإطاحة به.
وذكّر رئيس حزب الحركة الشعبية التقدمية بأن الوضع الراهن في بلادنا لا يختلف كثيرا عن الوضع الذي كان سببا في انتفاضة 1984 حيث تفشي المظلوميات وارتفاع الأسعار وتدني القدرة الشرائية للمواطن وتغول الرأسمالية المتوحشة وتفشي البطالة وتكميم الأفواه والتضييق على الحريات وغيرها مشددا على أن الشعوب الحية تفرض التغيير بإرادتها الحرة.
وخلص إلى القول بأن الدروس المستخلصة من انتفاضة 1984 الخالدة تعلمنا:
أن كبت الحريات وتكميم الأفواه و تراكمات الأوضاع الاقتصادية السيئة والمظلوميات الاجتماعية يؤدي لا محالة إلى انفجار الأوضاع على نحو لا تحمد عقباه
وأن الشعوب الحية قادرة على فرض إرادتها في الحياة مهما بلغت الأنظمة الحاكمة من جبروت وطغيان و مهما ارتكبت من جرائم وانتهكت من حقوق
وأن الخطاب الصريح والصادق والعمل النضالي الجاد الذي يعبر عن معاناة الجماهير المحرومة وآمالها وطموحاتها وينحاز لصفوفها يخلق التعاطف الواسع من طرف هذه الجماهير مما يمكن من حشدها وتعبئتها وانخراطها في إطار العمل السياسي بجد وإخلاص
وأضاف الرئيس أخيارهم قائلا:
إن واقعنا اليوم مازال بعيدا على مختلف الأصعدة من الطموحات التي أسست لها انتفاضة 1984 المجيدة.
فعلى المستوى السياسي ما تزال الحريات العامة بعيدة من المستويات المطلوبة؛ فرغم أن التحالف العسكري الرأسمالي لبس مسوح الديموقراطية إلا أنه احتفظ لنفسه بالميكانيزمات اللازمة للتحكم بعد أن ضمن إلى جانب حلفه أدوات التحكم القبلي والجهوي ورموز الإدارة الفاسدة ووفر لها كافة أدوات التلاعب بشكليات النظام الجمهوري، وقد مثلت الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة نموذجا صارخا لفاعلية تلك الميكانيزمات في التحكم مما يجعل الآمال تتضاءل في إمكانية وجود آلية تضمن الشفافية الانتخابية وتتيح بارقة أمل في التداول السلمي للسلطة
وتواجه الوحدة الوطنية تهديدات جدية أبرزها الدعوات العنصرية والفئوية والقبيلة والجهوية التي أصبحت أصواتها عالية ومكشوفة دون رادع أو وازع، بل أصبحت سلعة للتسويق في الخارج وللمقايضة السياسية في الداخل.
وتشكل الاتفاقية الموقعة بين النظام والاتحاد الأوروبي خطرا حقيقيا على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها بل وسيادتها.
وتواجه حوزتنا الترابية وحياة مواطنينا انتهاكات خطيرة نتيجة حالة التوتر الدائم على حدود البلاد الشمالية والشرقية ووجود الحركات الإرهابية التي تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة.
وعلى المستوى الاقتصادي تعاني البلاد من الفساد الذي ينخر أركان الدولة ماليا وإداريا حيث يتفشي اختلاس المال العام وسوء التسيير والنهب المنظم الذي تتعرض له ثروات البلاد من طرف الشركات الأجنبية (المعادن ـ الصيد). ويواجه الوسط البيئي مخاطر تدمير حقيقي جراء الاستغلال الفوضوي وغياب الرقابة الفعالة لاستغلال الثروات الطبيعية (الذهب ـ النحاس ـ الصيد ـ التربة السوداء ـ النفط والغاز).
ودعا رئيس حزب الحركة الشعبية التقدمية إلى تكوين جبهة وطنية لفرض التغيير الديموقراطي في موريتانيا.
وتميزت التظاهرة بإلقاءات شعرية واناشيد في سياق موضوع الندوة.
وشارك في هذه التظاهرة عدد من رؤساء وقادة الأحزاب السياسية الوطنيووبعض المترشحين للانتخابات الرئاسية وشخصيات من مختلف النخب السياسية والثقافية في البلد