ذاع صيت مدير ديوان معاوية ولد الطايع، وكان له وقتها دور بارز في توجيه دفة الحكم ، وقيادة البلاد إلي الهاوية وقد خسر معاوية الحكم بسبب تلك الإدارة وذلك الديوان، وتغيرت الظروف والمعطيات لبعض الوقت ثم عاد الديوان في عهده الثاني علي خطي العهد الأول ليختار شخصية مماثلة في "الثقة" و"الحنكة" وأسلوب التعاطي مع المحيط . فهل يدخل ولد باهيه البلاد في ذات النفق المظلم؟ أم أنه لن يكون أحرص من "لوليد" علي معاوية الثاني؟
يعد منصب مدير ديوان الرئيس في الدول التي يحكمها نظام عسكري هو المنصب الأرفع والأكثر خطورة لعدة أسباب أهمها:
- القرب من الرئيس حيث يوجد مكتبه عند مدخل مكتب الرئيس مما يخوله وجودا ملاصقا لشخص الرئيس في جميع أوقاته .
- الصلاحيات الواسعة التي تجعله متحدثا وحيدا باسم الرئيس ومخبرا رئيسيا وموجها لكل خطوات الرئيس في السر والعلن
- ضعف القدرات الفكرية والعلمية لدي القادة و الرؤساء العسكريين مما يتيح لمدير الديوان الأكاديمي التلاعب بعقل الرئيس وإخضاعه لسلطته الفكرية وتفوقه العلمي والمنطقي .
- الصورة الذهنية التي طبعها الديوان الأول في وجدان المسؤولين والعامة والتي جعلت منه أكثر رهبة وبطشا من الرئيس نفسه والتقرب له أولي من التقرب للرئيس.
مدير الديوان الجديد ووزير الدولة السابق وأقرب المقربين للرئيس إن لم يكن أخ له في التربية أو أشياء أخري ، فإنه برهن -علي كل حال- أنه الأجدر بتحمل المسؤولية الأولي في هرم السلطة الرآسية في النظام العسكري القائم.
ولد باهيه ليس أقل فطنة أو حنكة أو يسارية أو وعيا أكاديميا مكيافيليا أو حيلة إديولوجية نفعية من لوليد ولد وداد في عنفوان سطوته وتفرده بالرئيس .
مدير الديوان الثاني للرئيس الثاني علي أبواب المأمورية الثانية (في طموح جهاز الحكم) يسير في ذات الإتجاه الذي أوصل سلفه لما دعاه (زعما) للإنقلاب عليه
إنها ذات الأزمات:
- السياسية : (انتخابات أحادية قادمة) ومعارضة تطالب بالرحيل وربيع عربي غاضب من الأنظمة الإنقلابية والعسكرية ومواقف دولية متذبذبة آخرها التوجه الجديد إلي الولايات المتحدة وإسرائيل وتأزم علاقات الجوار(مالي والمغرب)
- الإقتصادية : (أسعار ملتهبة) وزيادات متصاعدة حتي في أسعار المنتجات المحلية (اللحوم والأسماك).
تنضاف إليها أزمات جديدة وفريدة تتعلق بالأخلاق:
- (فضائح مدوية ) واتهامات متلاحقة ومتراكمة وخوف مستمر من أية تسريبات جديدة
وللإنصاف يذكر أن ولد باهيه نجح في شق صف المعارضة حين قاد طرف النظام في الحوار مع مسعود ومجموعته وأنه أخمد جذوة ثورة كانت علي وشك الإندلاع في الجامعة وأنه ادخر ميزانيات الوزارات التابعة له وأرجع جزءا هاما منها إلي خزائن الدولة وذلك عندما عطل مشاريع التعليم وأوقف كل التمويلات وحصر النفقات علي نفسه.
يذكر له كذلك أنه تعهد بكل شيء لمنتسبي قطاع التعليم (أسلاك التعليم ، العلاوات ،الامتيازات، التكوينات ) ولم يف بشيء . وأنه خاض جولات ماراتونية من النقاش والحوار والجدل مع جميع طواقمه ومع المعلمين والأساتذة والمفتشين والموظفين والعمال والسائقين...... وأضاع في ذلك وقتا ثمينا ... ولم يتوصل منه محاوروه بشيء.
يذكر له أيضا أنه كثير الدعابة مدمن للنكات، يقضي وقتا طويلا في قراءة تعليقات القراء علي مواضيع تخصه مهما كانت ساخرة ولاذعة.
إن مدير الديوان الأول (وفق رواية شخصية في حزبه) كان إذا أراد أحد مقابلة الرئيس أجلسه في مكتبه وطلب منه أن يبدأ الحديث مع معاوية بذكر الإنجازات ثم مقارنة بين أوضاع السكان الحالية والسابقة ثم المقارنة مع الدول الأخري ثم يحدثه عن ما يريد.
كانت هذه هي التعليمات التي يعطيها مدير الديوان الأول لمن يريد مقابلة معاوية ولد الطايع .
فماذا تراه سوف يطلب ولد باهيه من مقابلي ولد عبد العزيز أن يقولوا أو يفعلوا؟