الثورة على الفكر القبلي أولا..؟! / أحمد ولد بدو

altالإتكالية والمحسوبية والإعتماد على المعيار الرجعي المتخلف ابن فلان لتقلد منصب أو الحصول على مكسب ، كلها تقتل روح المبادرة وتعمل على تحجر العقول ووأد الملكات الإبداعية ..! لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض بدون منافسة سليمة بين بنيه.

الكفاءة هي المعيار ومن يأتي بالأفضل يكون نصيبه أوفر عن جدارة . هذه معادلة دقيقة تقوم عليها المجتمعات وتزدهر.

إننا بحاجة ماسة إلى استنساخ تجربة شبه شبيهة حتى نرفع عن انفسنا الحرج ، لأننا في أمس الحاجة لذلك.

فالفكر القبلي المهيمن سياسيا واجتماعيا وثقافيا كرس ثقافة اللاديمقراطية واللا مساواة .ومن أبشع الأمور التي خلفها ...! لا تفاعل  ولا مصاهرة بين كثير من الأفراد والقبائل ، عنوسة ونسبة طلاق مرتفعة ،الاهتمام بالشكليات وتعزيز ثقافة المباهاة والاستعراض ، تكلف وتأفف وتعفف وتزلق ، خوف وترقب وتحسب ، فراغ فكري وروحي وعاطفي ، استنزاف وإجهاد للذاكرة ، ضياع للذات والهوية ، فقدان الشعور بالأمن والانتماء للوطن ، والقائمة تطول ...الخ

ولهذا نجد أنه عند ما ظهر الفكر الاسلامي طرح منهجية مخالفة لما اعتادت عليه القبائل العربية المتناثرة في صحراوات الرمل ، فقد استطاع الفكر الرسالي تحليل شخصية المجتمع القبلي تحليلا دقيقا ينطلق من مفاهيم تكرس وحدة المجتمع وإن تبا ينت مواقفه من قضية ما.

وقد بين الإسلام ان الاشكالية تكمن في جذور البناء القبلي من جهة اعتباره تكوينا مغرقا في الذاتية وتحتل الرؤى الطاغوتية فيه مساحة واسعة في اخضاع المجتمع لهيمنة سطوة المال والقوة ، ومن هنا سعى الفكر الرسالي إلى تجريد المجتمع من نزعة القبيلة لصالح قيمة اعلى . فطرح معيارية تتفق والمنهج العقلي من جانب ،وقادرة على تحريض النفس من جانب آخر فقال سبحانه وتعالى ( يايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم إن الله علم خبير) الحجرات/13. فهذا الخطاب الالهي يضع قيم المعيارية الرسالية في تحديد العلاقة بين الإنسان والله ، وهذه المعيارية لم تتخذ القوة أو الثروة ولا السلطة والوجاهة لتكون معياريا لقيمة الانسان ، بل جعلت التقوى والتي هي اعلى درجات الإيمان لتكون المعيار الحقيقي لعلاقة الإنسان بالخالق.

إذن هي لم تتخذ معيارا ماديا ، ولكن تبنت معيارا معنويا يتحدد وفق المنهج الإسلامي الذي سعى إلى تحرير الإنسانية من النزعة القبلية والنظرة الذاتية وتخليصها من الحالة الآنية . لينتقل بها إلى مسارات كونية وتجليات روحية يصبح للانسان من خلالها موقعا حقيقيا في حركة التاريخ.

ومن هذا المنظور سعت الإنسانية إلى التحرر من عبثية اللا عقلانية ، التي سببها الإيمان المطلق بالفكر القبلي ، وبضرورة انتهاج نهجا واقعيا ينطلق من حاجة الإنسان إلى التحرر من رق عبودية الذات.

25. سبتمبر 2013 - 15:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا