صدق الرجل .. / محمد عبد الرحمن الحسن

altرغم أنني لم ألتقي الاعلامي ياسين عدنان إلا أنني وددت لو إلتقيته لكي أشكره على المقال الرائع الذي وصف فيه واقعنا في سطور ليرتقي بذلك بقصة بأسانتا  ، و بواقعنا المتفاقم  إلى مستوى الرأي العام ، لكي يسمعها الأصم ، و يقرأها الأعمى .

من لم يعمي التعصب بصيرته سيدرك أن الأخ  عدنان لم يفتر علينا كذبا ، بل يمكن القول أنه كان لبقا سلسلا في وصفه لما رأى، فحديثه في بداية المقال عن المطار كان فيه منصفا منطلقا من واقع عاشه ، و نحن كموريتانيين ندرك أنه كان صادق ، فنحن نعلم أن الحمير، و الماعز  في المطار أمر عادي ، و معتاد بل ظاهرة صحية ، و فأل حسن ربما ، و لا يفوتني أن أشير إلى أن هناك قطيع من البقر يجوب شوارع العاصمة يملئها بالقذارة ،و البداوة ، و نعلم أن مطار نواكشوط ليس معروفا محليا ، أحرى دوليا ، و نعلم جميعا أن الخدمات العمومية وهنة كبيت العنكبوت عموما .

أما الحديث عن الأرصفة و الطرقات ، فهو حديث يدمع العين و يفطر القلب ، فلا طرقات ، و لا أرصفة فنواكشوط أشبه ما يكون بالأدغال .

و أما إشارته إى البنى التحية فنحن لا نفكر في تلك الأمور ، على الأقل ليس في الوقت الحاضر ، لأننا مجتمع جائع يفكر في كسرة الخبز و الرغيف أكثر من تفكيره في أي شيء آخر.

و لا يفاجئني تحدث الصحفية التي ذكر الأخ في مقاله أثناء إلقائه فهذا أمر متعارف عليه عندنا  ، بل سار به العرف هنا ، فنحن لا نعرف حدود للثرثرة و مقاطعة الآخر ، فاللباقة في كوكب لم نمنح بعد تأشرة دخوله .

و بخصوص حرية الإعلام فمن الأكيد أن عدنان قد استغرب من كون البلد الذي لا يوجد فيه معهد لا عام و لا خاص للصحافة يتصدر قائمة الدول العربية في حرية الإعلام ، على العموم هذا أمر معقول لأن المجتمع الموريتاني لا يحسن شيئا أكثر من تناقل الأخبار ، و لا يمكن أن يحول بينه مع ذلك حائل ، حتى عقوبة الحبس التي ألغيت مؤخرا لعدم جدوائيتها ربما .

ليس عدنان هو الزائر الوحيد الذي يبدي استياؤه من واقعنا ، بل أجزم أن كل من زارنا سواء رئيسا ، أو وزيرا ، أو سائحا ، أو شاعرا إلخ ، قد استاء مما رأى ، و خير مثال المقال الذي كتبته   هويدا طه بعنوان "زيارتي إلى موريتانيا الأولى و الأخيرة "  الذي لعنت فيه الواقع المرير الذي شاهدت ، و لكن أهل مكة أدرى بشعابها ، فما لم يعرفه هؤلاء و عرفناه نحن أعظم ، فالحمد لله أن عدنان لم يمرض هنا ، و إلا كان مات مرضا ، و الحمد لله أنه لم يتعلم هنا ، و إلا كان عالة على الزمن الذي وجد فيه ، ولو أنه فهم حقيقة الوضع السياسي الراهن للبلد لما كان أتعب أنامله بالضغط على الآلة الكاتبة ليصفنا .

صدق الرجل في كل ما قاله ، و الواقع على ذلك من  الشاهدين ، لذا فبدل التطاول على الرجل بالألفاظ النابية ، و النقد اللاموضوعي ، علينا أن نتقبل أن هذه هي الحقيقة ، و نسعى إلى تغيير واقعنا إلى الأحسن .

25. سبتمبر 2013 - 15:42

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا