طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وتجبر الطغاة وتطاول المفسدون وانكشف القناع الحقيقي للجنرال وأعوانه وبدأت العودة بخطى متسارعة الى المربع القديم الذي ظن هذ الشعب المسكين أنه جعله وراء ظهره وبدأت حقيقة هذ النظام تتكشف للعيان بكل وضوح .
جولة بسيطة قادتني إلى إحدى ولاية هذا الوطن أطلعتني على كثير من التراكمات التي يعاني منها ساكنة هذه الربوع ومدى تطور الوعي النضالي عند أناس بسطاء استعادوا بعض بريق أفكارهم النيرة نتيجة هذا الربيع المبارك الذي أعاد تشكل ذات المواطن العربي من جديد فبين الأكواخ المتناثرة وعلى قارعة طريق الأمل وعلى أديم تلك الرمال بدأت تلوح هناك بوادر انفراج تقول للطبقة السياسية المتهالكة أن الأوان قد آن ليتحمل هؤلاء إنقاذ ذواتهم بعيدا عن انتظار نجدة من سياسين كل همهم التنافس على المتاجرة بهموم هذا الشعب الذي عانى من لعب هؤلاء به ردحا من زمن ولى وانتهى وإلى غير رجعة لكن هذا على الأقل مالم يقتنع به هؤلاء وأخص من هؤلاء في الوقت الراهن أحزاب منسقية المعارضة وأحملها مسؤولية مايعانيه هذ الشعب المسكين في عام التحولات الكبرى الذي انقضى وهي منشغلة في ترميم ذاتها حينا والاستعداد للذهاب إلى الحوار أحاين كثيرة حتى فقدت بعض مكوناتها الأساسية التي كان من الممكن أن تلعب دورا مهما في تحرير البلاد من تلك القبضة العسكرية وتحولت بذلك إلى أبواق شبه مأجورة إن لم تكن كذلك للنظام المتهالك .
من ذلك المنطلق وبناءا على تلك الأساسات وقبل فوات الأوان والقضاء على تلك البقية المتبقية من ثقة بدأت تهتز عند المواطن الطامح للحرية في قادة الرأي والسياسين ونخبة المجتمع ومنسقية المعارضة وشبابه رأيت انه من لمناسب طرح السؤال ماذا ننتظر ؟
في ظل هذه الأجواء المحتقنة وانتهاك الكرامة واحتقار منتخبي الشعب وارتفاع الأسعار وقمع المطالبين بحقوقهم والعودة المتسارعة إلى سلطة الفرد والفكر الواحد في ظل زمن لم يعد المنطق فيه يسمح حتى بمجرد التفكير في إذلال الشعوب واحتقارها .
الشعب بدأ يثور :
وهي ليست وجهة نظر من وحي الخيال بقدر ما وهو واقع بدأ يتجسد تلقائيا وبدون توجيه من احد أو إرشاد من أي كان وان كان ينقصه عقل المؤطر وحكمة الموجه وتقويم المشفق على حال وطن أسير وتضافر جهود كل الخيرين الحريصين على مستقبل وطنهم .
الراكب في سيارة الأجرة أو الداخل في الجامعة أو المار من أمام نقطة بيع الصحف يلاحظ وعيا بدأ يتشكل من جديد مفاده أن الشعوب أبقى من حاكميها وأن لأمة دخلت مسار تشكل جديد لامناص من حدوثه في لحظة من اللحظات المفصلية في تاريخها الجديد .
وتتكشف في ظل هذه الأجواء الجديدة الطبيعية مجموعة معالم على الطبقة السياسية استغلالها وفهمها وإستعابها قبل لحظة الندم التي لاتقتفر.
تذمر ينبئ بخير :
الكل متذمر وغاضب تجاه سياسة هذا النظام وكذبه على الشعب وتلاعبه بسكان الكزرة وتجهيله لحملة الشهادات واستهدافه لشرائح محددة من هذا الشعب المسكين من خلال كثير مظاهر وأحاديته وتسخيره لموارد الدولة وثرواتها في أيدي أشخاص محدد الكل متذمر من سير العدالة وتخطيط الأراضي والتلاعب بمقدرات البلد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والدفع بأبناء هذا الوطن نحو المجهول في حرب با الوكالة غير محسوبة العواقب تلك المشاكل والهموم خلقت وعيا متناميا بضرورة تغير هذه الأحوال كل ماينقص نضوج ذلك الوعي وخروجه من بوتقة الخوف إلى فضاء الثورة ولانفجار لحظات بدأت تقترب تحتاج من يساعد في إنضاجها .
البدار . . . البدار :
يا شباب أرض المنارة والرباط تحملوا المسؤوليات واستعدوا للتضحية وبذل الغالي والنفيس من أجل وطنكم المضطهد تناسوا خلافاتكم من أجل وطنكم الذي يستنجد توحدوا من اجل إنقاذه .
انزلوا إلى الشوارع طالبوا با الإصلاح بل وحتى با الإسقاط إن تطلب الأمر أيعقل أن يظل أحفاد الشيخ ماء العينين وسيدي ولد مولاي الزين يتفرجون على مشهد الموت البطيء الذي يتعرض له هذا الشعب المسكين ؟
إن التاريخ لا يرحم المتخاذلين الذين يتخلون عن مسؤولياتهم في زمن تحتاجهم أمتهم ووطنهم وشعوبهم وإن وطننا اليوم يحتاجونا أكثر من أي وقت مضى فهل سنلبي النداء ؟
إن المبادرة ملقاة على عواتق الجميع وان كان الشباب يتحمل فيها العبء الأكبر ولأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وأصحاب الضمائر الحية كل يتحمل من موقعه ومكان تأثيره ونفوذه فلا تضيعوا فرصة المبادرة وإنقاذ البلاد.
قرص الجزائر :
من الواضح أن الجنرال ابتلع قرصا بعد زيارته للجزائر الأسيرة زاده غيا على غيه القديم فظاهرة عدم الثورة هناك وعامل الحكم العسكري كانا بمثابة الشحنة للضيف الزائر فتبادر إلى الذهن من هناك فكرة تعجيل الانتخابات وقمع الاحتجاجات ومنع التيار الإسلامي الوسطي من الوصول للسلطة بأي طريقة كانت .
وتنامت أفكار القمع والأحادية في فكر الرجل وعانت دبلوماسيتنا من تلك الزيارة حيث ساءت العلاقة مع المملكة المغربية التي اختارت طريق الإصلاح با الحسنى وسخرت وسائل الإعلام وفقهاء النظام للترويع الشعب وتوحيد الخطب في زمن صوت الشعوب وسخر أحد فقهاء النظام من الأئمة المطالبين بحقوق الشعوب قائلا كلمته الشهير (يجرون بلحاهم ويتم وضعهم في بل الكبش )
ونسي انه في العام 2011 من سيوضع في بل الكبش هو الرئيس الذي لا يعطي للشعب حقه في العيش الكريم كما وضع مبارك وزين العابدين والقذافي .
أيها الشعب لماذا خلق الله يديك ؟:
أيها الشعب لماذا خلق الله يديك؟
ألكي تعمل؟
لا شغل لديك.
ألكي تأكل؟
لا قوت لديك.
ألكي تكتب؟
ممنوع وصول الحرف
حتى لو مشى منك إليك!
أنت لا تعمل
إلا عاطلاً عنك..
ولا تأكل إلا شفتيك!
أنت لا تكتب بل تُكبت
من رأسك حتى أُخمصيك!
فلماذا خلق الله يديك؟
أتظن الله -جل الله-
قد سوّاهما..
حتى تسوي شاربيك؟
أو لتفلي عارضيك؟
حاش لله..
لقد سواهما كي تحمل الحكام
من أعلى الكراسي.. لأدنى قدميك!
ولكي تأكل من أكتافهم
ما أكلوا من كتفيك.
ولكي تكتب بالسوط على أجسادهم
ملحمة أكبر مما كبتوا في أصغريك.
هل عرفت الآن ما معناهما؟
إنهض، إذن.
إنهض، وكشر عنهما
ماذا ننتظر؟:
والحال هو هذه المأساة التي يحاول هؤلاء العابرون تحويلها إلى ملهاة يجعلون من خلالها هذا الشعب العظيم عبارة عن دما يحركونها على الطريقة التي يشاؤن وفي الوقت الذي يريدون لكن هيهات فطوفان الربيع قادم بإحدى الحسنين .
وعلى طريقة الشعوب التي أرادت التحرر والتطور والتقدم على طريقة 2011 إما الإفريقة منها أو العربية وبا التأكيد في النهاية نحن لن نكون نشازا إما عرب أو أفارقة فماذا ننتظر ؟