هكذا الأيام والليالي تنقضي بسرعة البرق وتعود عجلة الزمن إلى سيرتها الأولى مع ذلك الواقع المرير الذي تمر به الأمة الموريتانية دون أن يلوح في الأفق تغيير أو بوادر تغيير حتى، إن واقع موريتانيا يدعو في الحقيقة إلى التأمل وأحيانا يندهش الناظر إليه،
ثم يحلق فلا يرى نورا يلوح في أفق هذه الربوع الخضلة الجميلة المعطاة. يسمع أحيانا متغنيا على أمجاد تليدة وآخر يستشرف أمجاده القادمة والمواطن بين ذا وذاك يصارع من أجل البقاء، ينظر الناظر ويتأمل فلا يجد من يهتم ببناء صرح هذه الدولة لكن من يحلم بقطف ثمار من بستانها اليانع.
كبار يتصارعون وصغار مغلوبون، ذالكم باختصار تعبير عن الواقع المر الذي تعيشه موريتانيا، كيف نبني أمة في عصرنا الحاضر؟ هل التغني بالأمجاد التليدة ثم الدوس عليها في الواقع كفيل بضمان استمرار الأمة الموريتانية ؟ أم أن التغني بها يدفع عنا شيئا دون عمل؟.إن المتغني بأمجاد سلف حققوا لأنفسهم المجد ولزمانهم وأذاعوا صيتهم كان الأولى أن يدفع به ذلك المجد إلى أن يحذوا حذو هذا السلف ويعلم قدر القوم الذين بذلو الجهود وينظر كيف صنعوا هذا المجد ويسلك الطريق الذي سلكوا في سبيل ذلك، لم يكونوا أغنى منا اليوم لكن العزم والفكر السليم والتخطيط والجد والعمل جعل منهم مضرب المثل في الصبر والإخلاص.
ولقد حصلوا على ما حصلوا عليه بالعلم لا غير، وقد كانوا في زمن ٍ العلم فيه صعب المنال لكننا اليوم في زمن الوسائل متاحة والفرص، والدولة قائمة وقد من الله علينا في هذا الربع بالإستقرار ومع ذلك لانزال في عصر العلم نتخبط في خطط ورأى غير واضحة المعالم في مجال التعليم.
سنة دراسية جديدة تنطلق اليوم في نفس الظروف وبنفس الطريقة لا جديد سوى فك الوزارات بعد دمجها، فيا ترى ما يغني فك الوزارات أو دمجها من هذا الواقع المتردي للتعليم؟. إنني كأحد القائمين على العملية التربوية لمندهش من دمج الوزارات أصلا ومن فكها الآن إن الإنجازات التي تحققت طوال دمج الوزارات ليست أكثر من مركزة قرار وفرض رأي واحد فقط ثم إن فكها لا يعني إلا مزيدا من العبء على القطاع المنهك أصلا.
إن فك الوزارات في هذا الوقت بالذات لا يعني سوى مزيد من الإرتباك في الوزارات ومزيد من الإنهاك المالي لها حيث ستعمل كل وزارة على هيكلة جديدة مما يشغل الوزارة عن العمل الذي ينبغي أن تقوم به في هذا الوقت بالذات، قد أختلف مع البعض في الرأي حول فك الوزارات لكنني لا أدعم دمجها أصلا كما أنني لا أدعم فكها، لأنني أعتقد أن وزارة واحدة تكفي لإدارة شأن التعليم عاليا كان أو ابتدائيا خاصة أن عمالها لا يبلغون الخمسمائة ألف عامل، فما الحاجة لكل هذه الوزارات، أنا أرى أن هذه الوزارات ليست من أجل الإصلاح وإنما لإمتصاص البطالة أو لخلق فرص لحلفاء سياسيين لكن التعليم في الدول لا يحتمل التلاعب ولا ينبغي أن يدخل التجاذبات السياسية بل ينبغي أن يبقى بعيدا عنها، وإن ذلك لصعب في زماننا الذي نعيش فيه لأنه لا أحد منا إلا وله موقف من سياسة معينة، لكن رسم خطة واضحة للتعليم يلتزم بها من يقوم على القطاع كائنا من كان، لهي الطريق الأمثل لفصل هذا القطاع الحساس عن السياسة وتجاذباتها.
com Cherifethman@gmail.