لا شك أن التعليم هو قاطرة التنمية، ولا شك أن ضمان جودة المخرجات في أي مجال من مجالات التنمية؛ وقفية على جودة التعليم، وفاعلية المنظومة التربوية في تحقيق أهدافها؛ التي تعد المفاتيح الضرورية لكل نجاح يحصل في أي مفصل من مفاصل الدولة، ولإن كان التعليم بهذه الأهمية؛ فإن حجر الزاوية فيه هو المدرس، وهو قطب الرحى، وهو جسر العبور الآمن؛ وبالتالي فإن أي نقاش لا يحتل فيه واقع المدرس ومردودية أدائه؛ نصيب الأسد، يعد نقاشا يحتاج إلى تجديد النقاش..
صحيح أن النقاط المثارة في المحور الأول الذي يتناول القانون التوجيهي من زاوية أبرز الورشات المنجزة والطموحات المبرمجة يعد من الأهمية بمكان، شأنه شأن المحاور الأخرى؛ سواء تلك التي تتناول المناهج التربوية من جوانب شتى، أو من خلال محور الكتاب المدرسي( المدرس الصامت)، أو تدريس اللغات، أو البحث في مؤشرات جودة التعليم، أو من خلال المباني المدرسية، والتغذية المدرسية، والتعليم الخصوصي الذي كان يفترض به أن يكون رافعة تربوية؛ ولكن..!! كل ذلك إلى جانب محور المصادر البشرية في منتهى الأهمية، لكن هناك نقاط تحتل زوايا حادة في مثلث الأهمية؛ الذي سنعبر عن رؤوسه بالنقاط التالية: وهي نقاط تختزن جزءا كبيرا من المردودية التربوية في جوانبها المادية، والمعنوية، والأخلاقية؛ ويمكن استدرار هذه القيمة والمردودية من خلال:
أولا: تفعيل نظام الأسلاك: ومعلوم جدا ما لتفعيل الأسلاك من قيمةٍ ومعنى، وتجسيدٍ للرضى المعنوي الكبير مع الانتعاش المادي وإن قل، والذي يتوفر من معلومات أن هذا الملف بلغ مراحل متقدمة؛ وبالتالي على الحادبين على إنجازات فخامة رئيس الجمهورية، المعددين لما تحقق في مأموريته الرئاسية التي كانت محور نقاش اليوم التربوي الإذاعي، عليهم أن لا تفوتهم فرصة تسجيل هذا الهدف الثمين في هذا الوقت المهم من هذه العهدة الرئاسية؛ الذي يأتي قبيل انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية، سعيا إلى الظفر بالنجاح لتولي شؤون البلاد لمأمورية ثانية، وعلى كل المترشحين للانتخابات الرئاسية تبني هذه النقطة والولوج من هذه الزاوية إلى قلوب المدرسين أجمعين، ومن وجد النفاذ الحقيقي إلى قلوب المدرسين؛ فليهنأ باله بدخول كل البيوت؛ ومن شاء فليكثر من ذلك أو يكن مُقِلًا..
ثانيا: تحصين محتوي التربية الإسلامية ورفع قيمتها: فالتربية الإسلامية هي غمد الأخلاق، وقمقم الفضيلة، وقِدْماً تواترت محاولات دعاة العلمانية بطرق مباشرة وغير مباشرة إلى امتصاص نكهة التأثير في المفاهيم التربوية الإسلامية، وإفراغ مادة التربية الإسلامية من نبع السلوك الذي يذكي جذوة الإخلاص في الممارسات والقربات، وجعل محور دوران مفاهيم التربية الإسلامية حول الرموز والمسميات الفارغة من التأثير المبني على التمثل والترسم لروح وتعاليم الدين الإسلامي؛ وبالتالي تحويل مقاصد التربية الإسلامية والسلوك الديني إلى رموز حضارية ومعطيات تاريخية فقط؛ وتتويج ذلك بانتزاع اسم التربية وإبداله بتسمية الحضارة..!!، وعليه لابد من أخذ الحيطة والحذر، وتحمل الأمانة الشرعية في ذلك؛ والذب عنه بزيادة ضارب التربية الإسلامية حتى تكون مادة ارتكاز لا يقل ضاربها عن 5 وزيادة توقيتها، وإبعاد مضامينها عن محاولات، وألاعيب، وكيد الغرباء؛ سواء كانوا في أثواب ممولين أو محاربين من خُلّصِ العلمانيين المعادين.
ثالثا: إعادة النظر في المواد المقررة في المرحلة الثانوية: فمن الضروري جدا؛ والمفيد تأكيدا، إعادة فرز المواد المبرمجة في مرحلة الثانوية، والتخلص من المواد الثانوية في كل شعبة مع الاحتفاظ بمحفظة اللغات لضرورة التواصل، ومادة التربية الإسلامية التي ينبغي أن تُخرج من دائرة المواد الثانوية إلى دائرة خاصة بها تكون فيها في الوسط، وهو الذي عبرنا عنه سلفا بالارتكاز؛ فمن غير المعقول أن نستمر في شحن ذهن الطالب وشغل وقته في مواد لا ندرسه منها في هذه المرحلة إلا رؤوس أقلام يمكنه الحصول عليها في المرحلة الإعدادية بشكل مريح، ويتفرغ للمواد الأهم في هذه المرحلة التي ينبغي أن تكون هي العتبة الأولى للتخصص الممهد للمرحلة الجامعية؛ فذلك أجدى، وستكون نتائجه أنفع وأضمن.
بعد هذه النقاط الكبيرة؛ المحورية الثلاث التي عبرنا عنها برؤوس مثلث الأهمية المسكوت عنه، أو على الأقل؛ الذي لم يحظ بالأهمية التي يستحق، بعدها تأتي نقاط أخرى فرعية قد تكون رديفة لها من حيث الأهمية؛ نذكرها هنا استئناسا ونشرا لكل ما من شأنه الدفع بالعجلة التربوية نحو الأمام، ومن هذه النقاط:
-تعميم الدروس المحضرة والتي تُعرَّفُ بأنها تُذيب الفوارق بين المدرسين؛ وتجعل ظالعهم على كتف ضليعهم، وتنهي كل النواقص الحاصلة في غياب التحضير أو اعتماد التحضير الناقص الذي يحتاج ملازمة التوجيه والتأطير.
-تسوية المشاكل العالقة سواء تلك المتعلقة باقتطاعات الرواتب أو العلاوات بفعل الاكتتاب الداخلي أو الولوج إلى سلك مستحدث، وهنا تتحدث ضرورة زيادة الرواتب والعلاوات عموما عن نفسها؛ ينضاف إلى ذلك توفير السكن اللائق؛ الذي تتفرع عنه قضية القطع الأرضية؛ التي تعتبر مطلبا ملحا في بعض مناطق الوطن؛ إذ لا سبيل للنهوض بالمنظومة التربوية دون الرضى التام ماديا ومعنويا.
الأكيد أن هذه النقاط ليست هي كل مشاكل التعليم، ولا هي كل ما يحتاج البسط وتسليط الضوء، لكننا اقتصرنا عليها؛ تركيزا على الأهم وتجنبا للإطالة المملة، ونرجو في الختام أن نكون قد وفقنا في تقديم مساهمة مهما كانت بساطتها في سبيل مطارحة الأفكار حول واقع التعليم، الذي يحتاج إسهام الجميع.