أزمة المنسقية (فقهاء سياسيون ،، وسياسيون فقهاء) / الطالب سيدي ول افاه

كان اختبارا سياسيا عسيرا ذلك الذي واجهته احزاب منسقيه المعارضة الديمقراطية (العشر)، ولهذا الرقم دلالة خاصة لأنه قد يصدق على ثلاثة أحزاب في احسن الأحوال، ففي موريتانيا من فشل في انشاء دكان أسس حزبا سياسيا يكون هو رئيسه ولجنته المركزية

 والحزبية وجل إن لم أقل كل منتسبيه، لذا تجد أن رئيس اي حزب سياسي يعتبره ملكيته الخاصة وميراثا ترثه عقيلته من بعده، ولكي لا اطيل في هذا الاستطراد الذي اعتبره من الجمل الاعتراضية القليلة التي لها محل من الإعراب وأي محل اعود بالقارئ الكريم إلى كيف واجهت منسقيه المعارضة الديمقراطية مأزق المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية ؟

لطالما راهن العسكر على أنانية الطبقة السياسة الموريتانية وابراكماتيتها ، لذلك كان ول عبد العزيز وبناء على معلومات استخباراتية موثوقة يدرك جيدا أن كل حزب في المنسقية سيجد نفسه بين أمرين احلاهما مر : إما الخضوع لشروط الأغلبية ، وإما الانشقاق والتمزق بين الراديكاليين والبراكماتيين .

وبناء على ذلك بدت الأغلبية واثقة من نفسها وتقدمت إلى شبه الحوار ذلك من موقع قوة ولسان حالها يقول هذا ما لدينا اقبلوه او ارفضوه وانتم الخاسرون في كلا الحالين ،، محاور المنسفية العتيد والسياسي اليساري المحنك محمد ول مولود وبعد لقاء أول متفاءل وتبادل للابتسامات المصطنعة فوجئ بأن مسار الانتخابات جار على قدم وساق دون انتظار لنتائج الحوار ووفد الأغلبية جاء ليتكلم لا ليستمع وليشترط لا ليشترط عليه ، ولكن ما كان لولد مولود وهو السياسي الداهية أن يتفاجئ من وضع كهذا وهو الذي يعلم أكثر من غيره أن السياسة هي فن الممكن وأن القوي هو من يشترط وكان عليه كمحاور ذكي ان يحاول الحصول على أقصى الممكن من ابسط المتاح ويحفظ لمن قدموه للحوار ما امكن من ماء الوجه ويرتكب اخف الضررين بمشاركة تمكن المنسقية من الحفاظ على كيانها الهش من تمزق حتمي باتت عرضة له نتيجة لجشع السياسي الموريتاني الذي يقدم نفسه على اي اعتبار حزبي او وطني ، فأنى لنائب برلماني يتقاضى اثنا عشر مليونا سنويا وجوازا دبلوماسيا وامتيازات مادية ومعنوية لا حصر لها مقابل ساعة لهو مع زملاءه في قاعة مكيفة أن يتنازل عن كل ذلك لقاء مبدأ حزبي وهو الذي كفر بالوطن فكيف يؤمن بالحزب ؟؟ .

لو كانت المعارضة تريد محاورا راديكاليا وهي التي أخذت منحا تنازليا هبط من مطلب الرحيل إلى الحوار لأرسلت احمد ول داداه بدلا من ول مولود ، لكنها كانت راغبة بحق في حفظ ماء الوجه والخروج بأقل الخسائر وهو ما لم يوفق فيه ول مولود يقينا ، ولعل الرجل اراد أن لا يكرر خطأ اتفاق داكار عندما رضخ حينها للعسكر ، وكان الاجدر به أن يمانع هناك حين كان معه الداخل والخارج ، ويرضخ هنا حين لم يكن معه حتى بعض أعضاء حزبه ، لكنه وافق عندما أمكنه الرفض ، ورفض حين لم يبق امامه إلا الموافقة !!

وبقي حزب تواصل هو الوحيد الذي خرج من المحنة وقد أحرز نفسه وإن خسر مبدأه ، وهذه معادلة لا ينبغي أن يجيب عليها السياسي بعقلية الفقيه ، وقيادة تواصل تعرف متى وأين تلعب دور الفقيه والسياسي ، فلكل من الدورين جمهوره ومسرحه ونجومه ، ولاشيء أخطر من أن تلبس العمامة بين السياسيين أو ربطة العنق بين الفقهاء .

ليس هذا من باب الإشادة بتواصل ولا من باب الغمز فيه ، لكن من عجائب السياسة في هذا البلد الذي لا يحترم مبدأ التخصص أن يخوضها الفقهاء او هكذا يدعون بمبادئ السياسيين ، ويخوضها السياسيون بمبادئ الفقهاء .

 

الطالب سيدي ول افاه – الامارات العربية

6. أكتوبر 2013 - 10:47

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا