الرافعة الأولى: دولة قانون قوية، ذات حكامة عصرية
كان العقاد رحمه الله يقول لنقاده بأنه يكتب فصلا خاصا بالعقاد في كل كتاب يؤلفه ( يكتبه للتعبير عن ذاته وبلغته المختارة وعادة ما يكون أهم الفصول بالنسبة لكبار المثقفين ) ، وأعتقد أن المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني كتب أول محاور برنامجه بطريقة مشابهة وذلك للتعبير عن "طموحه للوطن" والتزامه لهذا الطموح .
وهذا المحورهو الأقرب والأكثر ارتباطا بالعبارة التي وسم بها المرشح برنامجه " طموحي للوطن " ، فمحتوى هذه الرافعة لا ينتمي للبرنامج الانتخابي المحصور في حيز إلتزامات المأمورية فهو محور خالص من الاستراتيجيات العامة المؤسسة لالتزامات الدولة أو الدولة الملتزمة ( مفهوم الدولة الملتزمة مناقض لمفهوم الدولة المتمركزة ) .
وهذا النمط من البرامج والإلتزمات لم يكن معهودا في البرامج الانتخابية التي غالبا ما تكون محصورة ومعنية بالحيثيات ضمن المؤسسات والقوانين القائمة .
ويمكن اعتبار هذا المحور تأسيسا للبرامج ذات البعد الاستراتيجي في الوعود الانتخابية .
إذ من المعهود في الدول ذات الديمقراطيات الناشئة أن يتحدث الساسة عن وعود مباشرة وبسيطة في المجالات الخدمية ، نظرا لبساطة فهم الناخب لها وأنها الأقرب لأجندا حلمه في المدى القريب وبالتالي لاستقطابه .
بينما تغيب الرؤى التأسيسية لكيان الدولة أو التي يمكن تبسيطها على أنها البنية التحتية للإصلاح الهيكلي لكيان الدولة نفسه، والتي في الغالب لا تكون مفهومة بشكل مريح للعامة .
وبناء على ذلك يمكن القول أن المرشح حين استهل برنامجه الانتخابي بهذه الرافعة قد عبر عن طموحه للوطن على المدى الاستراتيجي وهو تعبير عن المسؤولية أكثر من كونه تعبيرا عن برنامج انتخابي يتعلق بالمأمورية القادمة .
تم تقسيم الرافعة الأولى (دولة قانون قوية، ذات حكامة عصرية) إلى محورين أساسيين هما
1. توطيد أسس دولة القانون
وبه ثلاث محاور فرعية هي
• إجراء إصلاحات لتحسين أداء ديمقراطيتنا
• إصلاح النظام القضائي
• ترقية حقوق الإنسان
2. تحسين جودة الحكامة
وبه أربع محاور فرعية هي :
• إصلاح الإدارة العمومية
• عصرنة الحكامة الترابية
• التسيير الأمثل للمال العام
• تحسين مشاركة المواطن
ومن خلال العناوين الفرعية السبعة في الرافعة الأولى يتضح أن المرشح قد اختار المحاور التأسيسية ذات الطابع الاستراتيجي بينما انتقل في الحوار الأخرى ( الرافعات ) إلى البرامج التفصيلية .
بمعنى أن الرافعة الأولى تم تصميمها على أن تكون الحضانة الاستراتيجية لكل البرامج المفصلة في المحاور اللاحقة ( الثانية والثالثة والرابعة والخامسة )
ومن أهم مضامين هذا المحور هو تناوله لإصلاحات كبرى نظرت للعدالة الاجتماعية من زاوية جديد وشاملة و أقرب ما تكون للثورية .
كعدالة الولوج للخدمات والحقوق والممارسات السياسية وترشيد الموارد وقوننة التوظيف وإصلاح المنظومة القانونية والقضائية لمواكبة هذه الإصلاحات وحمايتها .
كما تطرق لتبسيط الإجراءات الإدارية والقضائية وتقريبها من خلال مراجعة الخرائط الخدمية وإعادة توزيعها ونشرها بشكل يكفل قربها من كل المستفيدين بدل مركزتها .
ومن اللافت أن المرشح قد تعمد الحديث عن التعليم واللحمة الاجتماعية والعدالة ضمن محور حقوق الإنسان وذلك لإبراز أهميتها كحق أولي محض بدل النظر إليها كخدمات فقط .
كما تحدث عن دمج أداة جديدة فيما يتعلق بالتسيير وهي أداة التقييم ، وهي أداة من شأنها أن تحقق مرونة كبيرة فيما يتعلق بحاجة الإدارة ماليا وبشريا وبالتالي ترشيد وعقلة الموارد العامة ( لكل إدارة ما تحتاج لا أكثر سواء من حيث الكوادر البشرية أو الموارد المالية ) وهو إصلاح يتكامل مع إصلاح النظم والمعايير الوظيفية لحل مشكلة المحسوبية واختلال العدالة في مجال التوظيف والتسيير .
كما تحدث عن تأسيس جديد لمفهوم اللامركزية من خلال إصلاحين متكاملين ، وهما تعزيز القدرات الاقتصادية المحلية واستقلاليتها من ناحية و تقريب المصالح العامة والخاصة من المواطنين في أماكن انتجاعهم أو سكنهم في كل ربوع الوطن من ناحية أخرى .
كما تحدث عن برامج موسعة ومبتكرة لإشراك المواطن في عمليات الإصلاح ومنها آليات مكافحة الفساد من خلال تمكين المواطنين من الإبلاغ عن قضايا الفساد والرشوة وحتى العراقيل التي تحول بينهم وبين مصالحهم .
وفي ذات السياق تحدث المرشح عن رقمنة الإدارة وكشف أدائها عبر منصات رقمية عمومية تتيح للمواطنين لاطلاع على الصفقات والأحكام والنظم والقوانين والإجراءات ، وهو ما من شانه تعزيز وعي المواطن وتمكينه من الرقابة الذاتية على مسار العمل العام .
ملاحظة : تتكون الرافعة الأولى من 14 صفحة وهذه ليست خلاصة لها وإنما قراءة انتقائية لأهم ما ورد فيها وهي دعوة للاطلاع على البرنامج عموما ولا تغني عنه لأنها لا تتطرق لكل التفاصيل .