1ـ لو أن منسقية المعارضة اتخذت موقفا جماعيا بالمشاركة لقدرنا لها ذلك، ولو أنها اتخذت موقفا جماعيا بالمقاطعة لقدرنا أيضا لها ذلك، ولكن أن يشارك حزبان وتقاطع بقية الأحزاب فإننا في هذه الحالة نكون أمام أسوأ موقف سياسي اتخذته المنسقية منذ تأسيسها وحتى اليوم.
2 ـ لا قيمة لأي مشاركة للمعارضة في أي انتخابات يغيب عنها حزب "التكتل" والذي يمثل أكبر أحزاب المعارضة، ولن تكون لأي مقاطعة للانتخابات أي فاعلية في ظل غياب حزب "تواصل" عنها، وذلك لأنه هو الحزب الأكثر حضورا على مستوى الإعلام، وهو أيضا الأقدر على الحشد من بين كل أحزاب المعارضة.
3 ـ إن الحديث عن الاحتفاظ بالود بين أحزاب المنسقية في ظل موقف كهذا هو حديث مخادع، فأحزاب المنسقية التي كان يغمز بعضها في البعض وهي على موقف سياسي واحد، لا يمكن أن نتوقع منها أن تتبادل الهدايا في الأيام القادمة، خاصة إذا ما علمنا بأن تبرير المقاطعين لموقفهم يستوجب انتقاد المشاركين، وتبرير المشاركين لموقفهم يستلزم الهجوم على المقاطعين.
4 ـ رغم أن كل أحزاب المنسقية تستحق اللوم على تفككها، إلا أن الموضوعية تقتضي تخصيص القسط الأكبر من ذلك اللوم لحزب تواصل، والذي يتحمل الجزء الأكبر في تفكك المنسقية. ولو أن كل أحزاب المنسقية أعلنت عن مشاركتها في انتخابات 23 نوفمبر، وأعلن تواصل لوحده عن مقاطعته لتلك الانتخابات لما تسبب ذلك من تخفيف حدة اللوم الموجه له، وذلك لأن الموقف السليم للمعارضة هو ذلك الموقف الذي يبقيها متماسكة وموحدة، سواء توحدت على مقاطعة الانتخابات أو على المشاركة فيها.
5 ـ لا شك أن تواصل يتعرض اليوم لهجمة شرسة وواسعة يشارك فيها من لا تهمه المصلحة العامة بقدر ما يهمه أن يستغل الفرصة لتصفية بعض الحسابات مع حزب كثر خصومه، وكثر حساده، لا شك في ذلك، ولكن ذلك لا يكفي لكي يبرر لمن ليست لديه أي خصومات مع حزب تواصل، ولا أي تصفية حسابات معه أن يعلن معه الهدنة في مثل هذا الوقت.
6 ـ ولأن الآمال التي كانت معلقة على حزب تواصل، حتى من طرف الذين لا ينتمون له، هي آمال من الحجم الكبير، فلذلك فلا بأس بأن تكون هناك حدة في النقد تتناسب مع حجم تلك الآمال. وبعبارة أخرى يمكن القول بأن الخطأ السياسي يعظم حسب الزمان والمكان، وأن الصغير من الذنوب السياسية قد يتحول إلى كبائر إذا كان من ارتكب تلك الصغيرة هو حزب تواصل لا غيره، خاصة إذا كان قد ارتكبها في يوم 4 أكتوبر من العام 2013، لا في يوم غيره.
7 ـ إذا ظلت بعض أحزاب المعارضة على استعداد دائم لأن تشارك في أي انتخابات تنظمها السلطة،حتى ولو كانت تلك الانتخابات أسوأ من الانتخابات التي سبقتها، فإن ذلك سيكون بمثابة منح الضوء الأخضر للسلطة القائمة بأن تسحب المزيد من الضمانات عن أي انتخابات قادمة حتى تكون أسوأ من التي سبقتها. وعموما فإن ذلك لن يؤدي قطعا إلى وصول تلك الأحزاب إلى السلطة حتى تشرف هي بنفسها على انتخابات شفافة.
8 ـ إن الانتقال من موقف إلى موقف مناقض له تماما في فترة وجيزة جدا هو أكثر شيء يمكن أن يربك جماهير الأحزاب، وإذا كانت المواقف الحزبية لا تتطور وفق خط بياني مضبوط فذلك يعني ببساطة بأن تلك الأحزاب لا تمتلك أي رؤية سياسية واضحة.
حفظ الله موريتانيا..