نعم كما ترون ..
الهزيمة أيضا مسؤولية ، وتحتاج لوعي سياسي ناضج .
إنها لحظة امتحان للشخصية السياسية
لحظة امتحان للقدرة على التوازن وصناعة الحكمة في لحظة الانكسار .
إنها امتحان لقدرة السياسي على الصمود والتماسك .
والأهم من ذلك قدرته على تحمل المسؤولية في صناعة الوعي الديمقراطي .
إن الاعتراف بالهزيمة وتصوير الخروقات (لوحصلت) في حجمها الطبيعي وتقييمها وفق تأثيرها ، كلها من المسؤوليات المترتبة على كاهل المهزوم.
فالتسليم بالنتائج ليس وهنا ولا ضعفا كما تعتقد معارضتنا ، إنها لحظة العطاء المستحق في استقرار الوعي السياسي والاجتماعي ولحظة تعزيز الثقة في الديمقراطية والارتقاء بالوعي السياسي وتعزيز قوك وتماسك الجبهة الوطنية .
ليت معارضتنا تتحرر من هذا الكلس التاريخي الذي مازال يكبل وعيها وحدها .
فوعي النخبة السياسية ينبغي أن يكون متقدما على وعي العامة وليس العكس .
ومالم تدركه معارضتنا بعد هو أن الشعب الموريتاني يستطبع بجدارة وقدرة فائقة أن يميز بين المراحل بل ويقرر التجاوز من مرحلة إلى أخرى بفضل وعيه وتجربته وليس بفضل الريادة السياسية لنخبه .
نحن ندرك أن تزوير الانتخابات مجرد وهم عالق في دوامة الاعتياد السياسي ، على الرغم من التجاوز الفعلي لهذا السلوك منذو عقود.
مازالت معارضتنا ننظر لأصوات القطعان في "كبني" على أنها حقيقة ، على الرغم من أنها فعلت ذلك مرة واحدة قبل أكثر من ثلاثة عقود .
لازالت معارضتنا تتحدث عن استبدال الصتاديق و حشوها وفتحها ونقلها و عن الباء الطائرة ، في عصر الرقمنة وعسر التزوير وضآلة فرصه ونتائجه .
لا أحد باستطاعته أن ينكر الفرق بين انتخابات 2024 وانتخابات 1992 سواء من حيث القدرة على الرقابة او من حيث ترسانة التنظيم والمتابعة وحياد الإدارة .
ليس لأن هذه الأدوات ولا هذا الحياد أو هذه القدرة الرقابية ، تعكس جميعها وعينا ولا رغبتنا في حجم ااتحاوز هذا ، وإنما لأن العصر فرض نفسه كشريك في تفاصيل حياتنا وبالتالي شكل رافعة أخلاقية جعلتنا نخجل من البقاء في حيز رغبتنا وقدرتنا معا .
ومن المخجل أن تظل معارضتنا حبيسة تاريخ لم تستوعب بعد أننا تجاوزناه .
من المخجل أن نرى نخبنا السياسية وهي تتعامل مع الأحداث بعاطفية كالأطفال .
من المخجل تدمير قيمنا حول دناءة "تهربيل و تقرقير و تهلبي ورطيل " .
من المخجل حقا أن تكون قيمنا السياسية مجرد أسطوانات عتيقة صدئة لا تعقل بفعل الوقت ولا بفعل التجربة .
من المخجل أن لا نجد من يسعف وعينا بموقف شريف واحد وحاسم كالذي تعهد به الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حين قال بأنه مستعد لمصافحة الغالب والاعتراف بالهزيمة حين يحصل ذلك .
لماذا لا ترحمنا هذه النسخة من المعارضة البائسة وتحترم حقنا في الرجوع لوعينا الذي تجاوز وعيها بعقود .
تخيلوا ..
أن هناك من قال البارحة بأنه سيعقد مؤتمرا صحفيا ليعلن للموريتانيبن نجاحه في الانتخابات بل وفعل ذلك .
هل هناك من يستطيع تصديق أن جوقة المجانبن هذه هي نخبتنا السياسية المنتظرة ؟
هل هناك من يستطيع تصديق هذا الكم من الارتجالية والعدمية والكفر بكل شي وتزييف كل شيء والكذب في كل شيء وبكل شيء ، هو كل رصيد معارضتنا هذه ؟
إن التفكير في واقع كهذا يجعلنا نعيش الاستحقاقات كمواسم من الانتكاسات الكفيلة بتشويه وعينا وتجربتنا ، وتوهمنا بأن السياسة والديمقراطية هي مجرد عراك بدائي بين الزعماء والمجموعات ، تحتم فيه القيم عدم الاعتراف بالهزيمة .
أعرف الكثير من القصص التي يكون فيها الخروج من المعركة دون جراح خفة ودربة وحرفية فروسية ،في ذات الوقت الذي يكون الثخن بالجراح والإصابات والدماء دليل شجاعة وإقدام واستماتة في قلب المعركة .
المهم في تلك القيم أنها لا تعترف بالضعف ولا بالهزيمة ولا حتى بقدرة العدو على ترك ندوب على جسد الشرف الواهم ذلك .
ارحمونا وتحملوا مسؤولية هزيمتكم
( تنبيه : الحديث عن المعارضة هنا ليس عاما )