يقول صلى الله عليه وسلم : (ما آمن من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به ) وقال أيضا : ( برئت ذمة الله من أهل عرصة بات فيهم جائع )أو كما قال عليه الصلاة والسلام
مما لاشك فيه أن النصوص الإسلامية مليئة بالحض على كفالة الفقراء والمساكين ومشاركتهم آلامهم وتنفيس الكرب عنهم
وبذل العون لهم ماديا ومعنويا , ففي الوقت الذي تفتح فيه فرص العمل أمام الجميع وتزيل العقبات والعراقيل أمام الفقراء ليعملوا, فإنها تفرض على المجتمع المسؤولية الكاملة عن فقرائه الذين لا يجدون عملا , أو لا تتسع مواردهم للوفاء بحاجاتهم , وذلك من خلال فريضة الزكاة التي تمثل 2,5% من ثروة المجتمع , ينبغي أن ترد على الفقراء والمساكين وغيرهم من مصارف الزكاة , كما تعلن هذه النصوص مسؤولية الدولة عن توفير العمل لمن لا يجد عملا , وهي مسؤولة أيضا عن إيجاد ميادين للعمل وفتح أبوابه أمام العاطلين ,بل إن الإسلام يجعل للإمام في الحالات التي يختل فيها التوازن
الاجتماعي , وتميل فيها الكفة نحو احتكار المال في أيدي محدودة , يجعل له الحق في إعادة الأمور إلى نصابها , ويتخذ من الإجراءات ما يراه كفيلا بإعادة التوازن إلى المجتمع , ثم يفتح بعد ذلك الطريق أمام التطوع والإحسان ويحض عليه , ومن الوسائل التي أناط الإسلام بالإفراد والتي جعل بعضها إلزاميا وجعل بعضها تطوعيا :
ـ فريضة الزكاة والتي تعتبر من أهم الوسائل وأكثرها حلا للمشاكل الاجتماعية إذا تم تقديمها وصرفها على أوجهها السليمة , والتي تساهم بشكل مباشر في إشاعة التكافل ومحو آثار الأحقاد والبغضاء الناتجة عن انقسام المجتمع إلى مالكين لا يعبؤون بغيرهم ومحرومين لا يعبأ بهم أحد , ومن هذه الوسائل الكفارات إذ أنها تفضي إلى إطعام عدد من المساكين , وبذلك يحصل التكافل الاجتماعي , ومنها أيضا إسعاف المحتاج , حيث يلزم من علم أن جاره جائع ولايجد ما يأكل أن ينقذه من الجوع إذا كان ذلك باستطاعته , والإسلام يعطي الحق لمن أجهده الجوع أن يأخذ ما يدفع عنه الجوع من الآخرين ولو بالقوة إن احتاج الأمر ذلك , كما اوجد الإسلام وسائل طوعية من أمثلتها:
ـ الوقف والعارية والهدية والهبة وهي من الأعمال الفاضلة التي حث عليها الإسلام من أجل إشاعة التكافل , وكان لها طبعا ما أريد بها في المجتمع الإسلامي الأول حيث شاع التكافل الاجتماعي بين الناس وقويت لحمة المجتمع وحمي بذلك من التصدع, و طبعا اختفت هذه المظاهر للأسف الشديد في مجتمعنا اليوم , المجتمع المتصدع المتنافر المتباغض , وأصبح بذلك متهالكا هش البنية ممزق النسيج , فلا الجار يراعي اليوم حرمة الجاروحقوقه ولا القريب يراعي حرمة وحقوق القريب ولا الغني بمراع حق الفقير والمسكين , واقتصر الكل على همه الشخصي ومحيطه الضيق , فليس من المروءة والكرامة أن تلبس الجديد وتبالغ في اختيار فاخر الثياب وجارك وقريبك وأخوك المسلم إلى جانبك عاري الجسد وأبناؤه عراة وليس من الجميل ولا من عمل الناس أن تعدد الأضاحي وترهق جارك بقتار لحم محرم عليه حلال على كلاب المدينة , وليس من التضامن أن تظل تترصد ببنات الجيران وتتبع عثراتهم لتستغلها في نزواتك اللا متناهية والأدهى والأمر أن تغريهم من اجل تحقيق ذلك دون مراعاة لأبسط حقوق المسلم جار كان أوغير ذلك , أي إحساس بالأخوة هذا ؟؟ أي نخوة إسلامية هذه ؟ .. أين روح الإنسانية ؟؟ .. أين التضامن ؟؟ .. أين شعاراته ؟؟ .. أين وكالاته ؟؟..
يتواصل بإذن الله
ـ عثمان جدو
كاتب وناشط حقوقي [email protected]