الفساد عاهة نعيش بها ..! / محمد حسن ولد أمحمد

altيروي ابن خلدون أن أحد أباطرة الفرس كان في اجتماع له فاقتحمت بومة قاعة الاجتماع ووقفت على رأس المستشار.. ثم جاءت بومة أخرى ووقفت إلى جوارها. تعانقا أول الأمر و تشاجرتا ثم تعانقتا ثم تعانقتا ظهرا لظهر. فسأل الإمبراطور مستشاره وكان يعرف لغة الطيور: ما معنى هذا ؟ قال المستشار يا مولاي إنهما عاشقان كانا قد اتفقا على الزواج فعندما طلب منها أن تتزوجه عانقته وعندما ذكر لها المهر تشاجرت معه. قال الإمبراطور لا أفهم ..

قال المستشار كان قد وعدها مهرا عبارة عن عشرين ((خرابة)) فغضبت فقال لها إن عاش هذا الإمبراطور فسأجعل المهر ألف خرابة . هنا أدرك الإمبراطور المعنى المقصود وكان حاكما فاسدا ظالما فوعد بأن يستقيم ويحكم بعدل.

هذا ما وعد به الإمبراطور الفارسي أما إمبراطورنا نحن فقد أنتزع السلطة بقوة السلاح ثم أحتال على الشعب (الفقراء)بشعارات ووعود كان أهمها محاربة الفساد الذي ينخر عظام هذه الدولة الفتية ولكن اليوم بعد سنوات عديد من حكم هذا الجنرال زادت وتيرة هذا الفساد وأنتشر ليشمل المزيد من القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات العامة والجيش والشرطة والبقية ليست بأحسن حال ...

ولم يفلح هذا الجنرال إلى في تشويه القيم والثوابت الوطنية وتحويل موريتانيا إلى دولة معزولة عن العالم الخارجي من خلال عزلها عن محيطها العربي والإقليمي حتى باتت كل الجاليات الموريتانية تحت ضغوط شديدة وليست للمواطن الموريتاني أي قيمة لا داخل بلديه ولا خارجه .

ولم يسلم قطاع التوجيه الإسلامي من الفساد حيث أن حجاجنا باتوا يتجرعون العذاب أثناء أدائهم لمناسك الحج مع أنهم يدفعون للدولة مبالغ باهظة وتدفع من خزانة الدولة كذالك مبالغ باهظة أيضا للتكفل بهم ولتسهيل حجتهم ولكن هذه الأموال كغيرها تضل طريقها ويستقر بها الحال في جيوب الفساد .

ومن المثير للسخرية أن الجنرال يدعي أن الفساد قد قضي عليه ! ونحن نتساءل : ألا يعلم هذا الجنرال أن 1.2 مليون هي نسبة القوة العاملة في موريتانيا إلى اليوم وأن 21.2% من الشعب يعيشون تحت خط الفقر المدقع وأن 42.5% نسبة الأمية في موريتانيا ...

والأغرب من كل هذا أن الجنرال وحكومته يغضون الطرف عن كل هذا ويشغلون الشارع الموريتاني بالشعارات والمشاريع الوهمية التي ما إن تنطلق حتى يمحى ذكرها وتطوى صفحتها ويأكل تمويلها أكلا لما ..

ولأدهى والأمر من كل ما نعايشه اليوم من أزمات سياسية واقتصادية .. أن هذا الفساد الذي ينخر عظام الدولة أصبح أمرا من الله مثل الأمراض التي تصيبنا في اليوم وليلة ولا سبيل إلى تغييره ولا إلى محاربته ولا نهي عنه ..

لم يعد نعد اليوم نسأل عن سبب الفساد الذي تسرب إلى كل عضو من أعضاء هذه الدولة بل نهتم فقط بمحاولة التأقلم مع هذه العاهة المستديمة (ما بقية العسكر في الحكم) وكأن المهم بالنسبة إلينا اليوم هو أن نبقى نحن على قيد الحياة دون النظر إلى ما يتطلبه رقي هذه الدولة ونمائها ...

أصبح الفساد السمة الأبرز التي تميز البلاد عن غيرها من دول العالم التي تحث الخطى نحو محاربة الفساد وفلول الفساد نسأل الله تعالى أن يحفظ هذه البلاد وأن يرشد شعبها إلى أن يخرج من العباءة المظلمة التي ألبسها العساكر له عباءة الفساد والجهل والظلم والمرض عباءة الفســــاد الذي أصبح عاهة هذه الأمة وهذا البلد الطيب.

22. أكتوبر 2013 - 19:56

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا