لا صوت الآن يعلو فوق صوت المهزلة، نعم إنها مهزلة يجر لها الشعب الموريتاني غصبا، أو إن شئت قل عن طريق الترغيب والترهيب، تحالفات هنا ومثلها هناك والضحية هو المواطن الذي لا يشعر بمدى سوء اللعبة التي ستجرى في الثالث والعشرين من الشهر المقبل،
تحالفات أقل ما يقال عنها إنها شيطانية، جهنمية، تحالفات انطلقت منذ عهد الانقلابي السابق الذي قضى في الحكم ما يزيد على عشرين سنة نسجها بحنكة وغرس جذورها بحيث سيكون من الصعوبة بمكان اجتثاثها، هذا إن كانت هناك محاولات لذلك أصلا.
لا تسمع الآن إلا انسحب فلان مغاضبا ، واعترضت القبيلة الأخرى ، وبقية غمطت حقها في التمثيل في اللائحة الفلانية وهكذا دواليك من قصص مقرفة ، مثيرة للإشمئزاز إلى درجة بعيدة جدا، العملية الانتخابية بالنسبة لهؤلاء الشياطين عبارة عن مجموعة من المواطنين تساق كالغنم وتوجه إلى هنا أو هناك، وكأنهم ليسوا مواطنين لهم مطلق الحرية في اختيار ما يحلوا لهم، ولكن هيهات، تلك مسائل لا تكون إلا في أعرق الديمقراطيات وبطبيعة الحال ليست المهازل العسكرية المسماة انتخابات زورا وبهتانا.
ما تعرفه موريتانيا ليس إلا حلفا شيطانيا مثلثا أضلاعه متحكمون في مصير هذا البلد ويطحنون فقراءه وفق خطة جهنمية أبدية يراد لها أن تظل مطبقة على أطراف موريتانيا الأربعة وبإحكام شديد، تلكم هي الخطة التي يسعى المثلث القذر لاتباعها عبر تحالفات موغلة في السوء، نعم، هذا ما يسعى له حلف الشيطان المشكل من " العسكر، القبيلة ممثلة في رجالها ممتلئي البطون، ورجال المال" ، ولتتخيلوا إذن كيف ستكون موريتانيا بهذا المثلث المميت.
سعى الانقلابي السابق معاوية ولد الطائع منذ أن فرض عليه الغرب المسلسل الديمقراطي على خلق تحالفات تسمح له بالبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة، وهو ما تمثل في تقريب زعماء القبائل وإعطائهم مكانة خاصة عبر توزيع غير عادل بالمرة لأموال الشعب الموريتاني وبطريقة مخجلة إلى أبعد الحدود، وبذلك جمع حوله العديد من الطماع وخلق لهم هالة وقيمة سمحت لهم باستقطاب فقراء البلد ووضعهم تحت رحمتهم مما أفقد أي مواطن حرية التصرف في ذاته وصارت المهازل الانتخابية تدار على هوى الدكتاتور وبطبيعة الحال هو الناجح الوحيد وليذهب البقية الى الجحيم، ذلك ما بدأ به معاوية، وفي الحقيقة لم تكن تلك الطريقة سوى سياسة سبقه بها الانقلابيين قبله حيث كانت القبيلة هي الحاضن الوحيد للمخزون الشعبي لاي انقلابي يريد التزكية في الداخل والخارج تتولاه زمرة من أشباه المثقفين المقرفين.
هؤلاء المثقفون هم المسئولون الرئيسيون عن التغلغل والانتشار الماثل أمامنا الآن للقبيلة وفي كل مفاصل الدولة، فالمثقف ينبغي أن يكون في مقدمة المجتمع ليقوده نحو التحرر من الافكار الرجعية لا أن يحتويه المجتمع ، ليتحول إلى آلة جهنمية خالية من الوطنية تطبل للقبيلة ولمن حذي حذوها ، تماما كما يفعل بعضهم للعسكر من أجل وظيفة أو أموال يعلم علم اليقين أنها من حق هذا الشعب المسكين.
الكثير ممن يدعون أنفسهم مثقفين انصهروا داخل منظومة "حزب انتحار الجمهورية" وبدل أن يُغيِروا، تَغيّروا، ولك أخي الكريم أن تتخيل كيف سيكون وقع كلمات ذلك " المثقبْ" على مواطنين فقراء لا يفهمون أي شيء.
المهزلة الانتخابية على الأبواب والدعاية في أوجها والكل يسعى جاهدا وبشتى الطرق لخداع المواطنين عبر شعارات براقة ستختفي مع نهاية يوم التصويت الأخير، لتنعكس إلى شعارات للموت، وتظهر حقيقتها المستورة، إلا أن "حزب الاتحاد من أجل نهب الجمهورية" كان قد سبق مختلف " الأحزاب" بخطوات كثيرة، فمنذ مدة قصيرة كشفت وسائل اعلام محلية عن خطة سرية عمل من خلالها على معرفة التوزيع القبيلي في الحوض الغربي والهدف من ذلك هو معرفة أي القبائل والأشخاص أكثر نفوذا قبليا حتى يتم ترشيحهم وهو ما يعني بطريقة أو بأخرى أن النظام الذي يعتبر هذا "الحزب" ذراعه التي يبطش بها مشجعا للقبيلة بل داعما لها حينما يختار أشخاصا بوزن قبلي لترشيحهم.
قبل التطرق لرجال المال نذكر أن أموال الدولة هي الأخرى تلعب دورا هاما في هذه المهزلة خاصة لدى الحزب المحكوم، وبالحديث عن الضلع الثالث " رجال المال" فإن مثلث الموت يكون قد اكتمل، فأصحاب الأموال إن لم يكونوا مترشحين فلن يألوا جهدا لإيصال من يخدم مصالحهم ولن يكون ذلك قطعا في مصلحة المواطنين بل سيكون وبالا عليهم ، فمصلحة رجال الأعمال لم ولن تكون يوما من مصلحة الشعب ، بل هم آلة طاحنة لزيادتهم فقرا ولا أدل على ذلك من الإرتفاع الجنوني للاسعار في مختلف مناحي الحياة.
ليس هذا المثلث هو وحدة الذي سيقضي على هذا الشعب، فهو شعب جاهل يسلم بكل ما يقال له وبطبيعة الحال فإن نظام يدجن بعض الفقهاء لغرض الإستخدام في أوقات الضرورة سيكون مرتاحا أكثر إذا وقف أحدهم و أفتى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بشكل يفهم منه الدعوة لعدم مناهضته مما سيضع المواطنين البسطاء في مأزق هم في غنى عنه والسبب مجموعة الفقهاء الذين أعماهم الطمع عن ممارسة دورهم المكلفين به أصلا.
إذا ستقام المهزلة وهذا أمر مفروغ منه وستكون مجموعة الأحزاب المشكلة من " التحالف، تواصل " وغيرهما من أحزاب الطمع مسئولة عن ما سيحل بهذا البلد من كوارث سببها النظام، إذ أن مشاركتهم هذه ليست سوى عملية تجميلية لنظام انقلابي شهدوا له بالتزوير حتى قبل أن تجرى تلك المهزلة البغيضة.