تعتبر الانتخابات البلدية والتشريعية المزمع إجراءها في 23 من نوفمبر القادم استثنائية والأكثر إثارة في المسار الانتخابي الذي شهدته مدينة نواذيبو العاصمة الاقتصادية للبلاد .
حيث تتنافس أكثر من 30 لائحة في سابقة تاريخية كسرت الروتين الذي كان يطبع الانتخابات المحلية ،كما شكل إلغاء الترشح المستقل سمة فارقة للانتخابات القادمة .
كل هذه العوامل خلقت صعوبة من شأنها أن تجعل القراءة في حظوظ وفرص مرشحي المدينة ليست بالسهولة المعتادة في مثل هذه الاستحقاقات وبل وتفرض آليات ومعايير بديلة وغير تقليدية .
وهذا ما سنحاول إبرازه واعتماده في هذه القراءة التي نستشرف فيها حظوظ وفرص مرشحي المدينة في الانتخابات المحلية القادمة وسنتخذ من نتائج استحقاقات 2007 مرجعا دون إهمال للمتغيرات التي شهدتها الساحة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم .
من الصعب تقديم صورة نهائية لأي مشهد سياسي وذلك نظرا للتحولات والتغيرات التي تشهدها الساحة ولكن صورة واحدة وواحدة فقط تحدد المشهد ويمكن أن نصفها بالثابتة (مؤقتا) وتصلح قاعدة للتحليل والمقارنة وهي نتائج استحقاقات 2007.
نتائج استحقاقات 2007 بالنسبة للعاصمة الاقتصادية نواذيبو أكدت حقيقة واحدة هي فوز قوى المعارضة والمستقلين وحسمهم بأريحية للمحليات وهو ما تترجمه نظرة بسيطة للبرلمان الحالي حيث يخلو من أي نائب للحزب الحاكم مع العلم أن المدينة ممثلة في البرلمان بثلاثة نواب وشيخ .
لكن الواقع الذي أفرزته انتخابات 2007 سيتغير وبشكل جوهري وبنيوي في استحقاقات 23 نوفمبر ،حيث تجرى هذه الأخيرة في ظروف سياسية وديمغرافية خاصة (استحداث مقاطعة الشامي ،حظر الترشحات المستقلة ، المقاطعة ) ، هذه الظروف ستقلب معادلة المشهد السياسي المحلي رأسا على عقب وهي ما سنبني عليها قراءتنا لحظوظ وفرص مرشحي محليات 23 نوفمبر 2013 .
في البدء...
يجب أن يتعرف المتابع للمشهد السياسي للعاصمة الاقتصادية على نفسيات أهلها وخصوصيتهم وهي صورة معينة على التأويل ومن أبرز هذه النفسيات أن الناخب بالمدينة يميز بين نوعين من الاستحقاقات الأول الرئاسيات والثاني المحليات والأخيرة هي مربض الفرس بالنسبة للسكان وتلعب فيها عناصر الجهة والمعرفة وحتى الشكل "المورفلوجي" للمرشح دورا بارزا ،حيث يعتبر القرار فيها قرارا ذاتيا في الغالب وفي أحايين نادرة يتخذ بالدوران في فلك الجهة والمسمى الاجتماعي والقبلي .
باعتبار تلك الخصوصيات وانطلاقا منها يمكن أن نصنف حظوظ وفرص مرشحي المدينة وبهدف الاختصار يمكن أن نشخص الحالة انطلاقا من الحالة الحزبية مع التطرق للحالة الشخصية للمرشح نفسه ان اقتضت الضرورة ذلك .
الحزب الحاكم ...
رغم أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم حقق أول فوز في استحقاقات 2009 الأخيرة (الرئاسيات)إلا أن حظوظه في المحليات تعتبر الأقل بين اللوائح الثلاثين وتوقعي مبني علي حقيقتين : الأولى :طبيعة المدينة المعارضة والتي لم يسبق للنظام منذ ما سمي بالمسلسل الديمقراطي في البلاد أن حصل على نتائج تذكر . الثانية: نفسية الناخب بالمدينة والذي فشل الحزب على المستوى المحلي في اعتبارها في ترشيحاته للمحليات وهو ما ولد موجة من الانسحابات والمآخذ جعل الحزب الحاكم في وضع لا يحسد عليه .
فالحزب الحاكم يدخل استحقاقات 23 نوفمبر وهو منقسم على نفسه فلم تنجح حتى ما قيل إنه تدخل الرئيس الموريتاني في اختيارات المرشحين في ردم الهوة بين الفسيفساء المشكل للحزب وبالتالي الحزب يعيش على مهدئات سرعان ما تفقد مفعولها في أية لحظة وهي حالة لا أجد نفسي خاطئا إذا وصفت الحزب "بالرجل المريض" ! ثالثها : عدم اتضاح الرؤية بالنسبة للمترشحين باسمه لموقف الرئيس محمد ولد عبد العزيز من القيادة الجهوية والحزب نفسه وخاصة في ظل معلومات تقول إن الرئيس الموريتاني أكثر قناعة بحزب الحراك الشبابي وهي معلومات تجد من الواقع ما يدعمها فكيف بحزب ناشئ يستطيع أن يجد مرتبة له ضمن الأحزاب الخمسة الأكثر ترشيحا على المستوى الوطني . حزب الكرامة ...
إن الحديث عن هذا الحزب لا تكون له أهمية كالحديث عن مرشحه النائب الحالي عن المدينة القاسم ولد بلالي الرجل الذي يوصف بالأقوى والأوفر حظا ولكن هذا الوصف غير دقيق على الأقل من وجهة نظري وبناء على جملة من الملاحظات بنيتها على سلوك الرجل في التعامل مع الاستحقاقات ولعل أبرزها تأخره في تحديد وجهتة السياسية حتى آخر لحظة وهو ما يعكس شعور الرجل بالضعف ويتأكد ذلك حين نعرف أنه وحتى وقت قريب كان يخطب ود الحزب الحاكم .
ويمكن إضافة الأداء البرلماني الذي لم يوفق فيه الرجل حيث وظفه في الدفاع عن شخصه بدل من انتخبوه وليس آخر الملاحظات المشاكل المالية التي برزت في الآونة الأخيرة فرغم أنها لم تؤثر على ترشحه إلا أنها من شأنها التأثير النفسي على الرجل ومريديه الذين يعدون أكثر اندفاعا وحماسا من ولد بلالي نفسه !.
كما أعتقد أن ترشيح الحزب الحاكم البروفسور محمد ولد عي نائبا وهو المنحدر من مكون أصيل في المنطقة قلص من حظوظ الرجل الذي تفيد بعض المصادر أن غالبية السكان الاصليين كانوا يجودون بأصواتهم لصالحه بوصفه الأقرب بالمفهوم الإجتماعي .
حزب تواصل ... يدخل حزب التجمع الوطني للاصلاح والتنمية (تواصل) ذو المرجعية الاسلامية الانتخابات المحلية 23 نوفمبر وقد تخلى عن أشقائه في المعارضة (المنسقية) ورغم حتمية توظيف الفرقاء إخوة الأمس ووالأحزاب المشاركة للقرار يعتبر (تواصل) أوفر حظا في تحقيق نتيجة معتبرة وخاصة أن غريمه السياسي حزب تكتل قوى الديمقراطية اختار المقاطعة وهو موقف من شأنه أن يعزز حظوظ الحزب الاسلامي.
كما ينضاف إلى حظوظ الحزب اخياراته في التي راعى فيها الخارطة المجتمعية وخصوصية المنطقة أكثر من غيره وهذه الترشيحات ستصنع الفارق في استحقاقات 23 من نوفمبر ،هذا إن لم يتخذ الحزب قرارا بالانسحاب من السباق وخاصة أنه بدأ في اطلاق تصريحات تتهم اللجنة المستقلة بعدم الشفافية كما صرح بذلك المتحدث الرسمي باسم الحملة الوطنية للحزب .
التحالف الشعبي ...
يدخل حزب التحالف الشعبي التقدمي استحقاقات 23 نوفمبر بعد انقسامين كبيرين
الأول :بروز اختلالات فكرية أدت إلى ظهور حركة الانعتاق بقيادة الحقوقي بيرام ولد اعبيدي التي لم تحدد موقفا واضحا من الانتخابات البتة .
الثاني:التباين في التقدير السياسي الذي دخل بموجبه الرئيس مسعود ولد بولخير نادي المعارضة المحاورة مما ولد غضب بعض القيادات وسرعان ما ترجم ذلك الغضب في تشكيل حزب سياسي بقيادة القيادي السابق في التحالف محمد ولد بربص (حزب المستقبل ) . هذان الانقسامان بالإضافة إلى اختيار الحزب لاتحاده ذي القرابة الاجتماعية من الرئيس ولد بولخير سيكون لها الأثر البالغ في مصير الحزب خصوصا على مستوى العاصمة الاقتصادية حيث يتمتع الحزب بقاعدة انتخابية أكثر وعيا من غيرها من المناطق .
أحزاب أخرى ...
ولا يفوتني في هذه القراءات حول حظوظ وفرص الأحزاب أن أشير إلى أحزاب يحلو لبعض المراقبين أن بوصفوها ب"المجهرية" لكنها شاركت في المحليات وبشكل هستيري حتى إن بعضها كان وجهة لبعض المرشحين ، بالإضافة إلى حزب الحراك الشبابي الوليد الذي ما زال يطرح تساؤلات ويثير جدلا بسبب خلفيته وعلاقته بالرئيس ولد عبد العزيز .