دعوها فإنها منتنة..!!! / د.محمد يحيى ولد الشيخ جار الله

altلاحظت وأنا أقرأ في بعض المواقع الموريتانية نبرة جديدة على المجتمع الموريتاني، تلك هي نبرة العنصرية التي بدأت تتسلل إلى أذهان بعض المجتمع،متذرعة أحيانا بحماية حقوق الزنوج، وأحيانا بحماية حقوق البيظان، وأحيانا بحماية حقوق الأرقاء، وأحيانا وأحيانا... ولنا وقفات مع هذه الدعوات التي لا تخدم مصالح مجتمعنا، ولا تتلاءم مع قيمه الإسلامية:

أولا: أن على كل أصحاب هذه الدعوات العنصرية أن يكفوا عن إفساد المجتمع فإن هذه الدعوات هي دعوات عنصرية وإن سماها أصحابها بما سموها به؛ فتسمية الأشياء بغير اسمها لا تخرج الأشياء عن حكمها، كما نص على ذلك غير واحد من العلماء.

ثانيا: أن على الجميع أن يدرك أن تنوع أعراق المجتمع الموريتاني عامل تكامل له، وليس عامل فرقة بينه، فما لا يحسنه هذا من المهن يحسنه ذاك، وما لا يعرفه هذا يعرفه ذاك، وما ليس في ثقافة هذا موجود في ثقافة أخيه الآخر، وهكذا... فالتنوع عامل تكامل وتبادل للمصالح، ولعل هذا ما أشارت إليه الآية الكريمة: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون) فاثبت عز وجل لهم التفاوت، وسخرة بعضهم لمصلحة البعض، وهي سنة إلهية لا تتبدل، لكن البعض المسخر له هو أيضا مسخر لمصلحة ذاك البعض الآخر، فالمسألة ليست مسألة استعباد، أو تعال بعض على بعض، بل هي مسألة مصالح متبادلةن ولا تقتضي تفضيل بعض على بعض بل التفاضل حسم المولى عز وجل أمره حين قال: (إن أكرمهم عند الله أتقاكم).

ثالثا: مما يدل على أن تنوع الأعراق عامل تكامل في المجتمعات إذا استخدم استخداما صحيحا ما رأينا في العهد النبوي من تنوع الأعراق مع انصهارها كلها في الهدف الواحد المتمثل في خدمة الدين الجديد؛ فسلمان الفارسي يشير بالخندق، وعبد الله بن سلام اليهودي يظهر كذب اليهود ويبين عيوبهم، والمهاجر يهاجر لدينه ويجاهد من أجله، والأنصاري يتلقاه بالإحسان والإيثار، ويشاطره الأهل والمال، كل ذلك لهدف واحد نبيل هو إقامة الدين.

رابعا: أن موريتانيا دولة مسلمة يجب أن يتوجه أبناؤها كلهم للانصهار فيها كدولة مسلمة، وليس كدولة عربية، أو زنجية، أو، أو.... ولا يمكن أن تتوحد إلا تحت مظلة عدالة الإسلام، والابتعاد عن الدعوات العنصرية، والفئوية، التي لا تخدم سوى أعداءها.

خامسا: أن تنوع الجنس البشري لم يجعله الله عز وجل عامل تفرق بين المجتمعات، بل جعله عامل تعارف، وتكامل بينها، فإنه عز وجل قال: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) ولم يقل عز وجل: لتتنافروا، ولا لتتصارعوا، ولا لتتفاخروا، فاستخدام هذا الاختلاف في غير ما خلق من أجله جناية على المجتمع،كله، وتغيير للمسار الصحيح لهذا التنوع المبارك.

سادسا: أذكر الجميع بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوها فإنها منتنة).

حفظ الله موريتانا كريمة موحدة، وألف بين قلوب أبنائها، وجمعها على الحق، وجعل قيادتها فيمن خافه واتقاه واتبع رضاه.

 

الدكتور/ محمد يحيى ولد الشيخ جار الله

مكة المكرمة

26. أكتوبر 2013 - 22:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا