إليكَ من الدين ما لا يوافق هواك !! / محمد يحيى بن عبد الرحمن

altللمرة الثانية يطل علينا أمثال هذا "الشيخ" وبمقال يحمل نفس العنوان: "دعوها فإنها منتنة"، ويستحضر القليل من الأدلة على ذلك، بينما يتجاهل في واقع الأمر الكثير من الأدلة التي تُدينه وتنصف الجانب الآخر ، الذي لا يريد هو وأمثاله من المُغيّبين للنصوص أن يتململ أو يرفض الظلم والغبن 

لقد سرد "الشيخ" أمثلة من الحركات التي ترفع شعار الحقوق في أرض الجمهورية "الإسلامية" الموريتانية ، والتي هي بعيدة كل البعد من تطبيق الإسلام في جانب الأخوّة والعدالة والمساواة، ولم يحترم الرجل سرد الحركات الحقوقية التي تناصل من أجل حقوقها فغيّب عن عمد حركة لمعلمين التي صكّت مسامعه لا شك في الآونة  الأخيرة، وآثر أن يضع مكانها نقاطا، في تجاهل سافر وكأن هذا الحراك لا يرقى إلى أن يذكره في "مقاله" !

إن ما تحدثت عنه من تنوع أعراق هو لا شك تكامل فئوي ما بين فئات المجتمع، ولقد كان عقدا اجتماعيا تكافليا في بداية أمره، لكنه تطور إلى أن استخدمه البعض لصالحه فغيّب بعض الفئات ووصمها بالدونية وبالعار، واتخذ الخرافة والدين وسيلة لذلك، فلقد استُعبد "لحراطين" وهم أحرار باسم الدين، ولقد جهّل "آزناكه" وهم مسلمون مكلفون بتعليم الشرع، ونسجت خرافات في حق "لمعلمين" لأنهم نافسوا في مضمار تحصيل العلوم والمعارف فقيل في حقهم الكثير من الزيف والبهتان، والذي لم تكلف نفسك عناء أن تقول فيه كلمة حق، وتتجنب الصمت حتى لا تكون شيطانا أخرس!

ثم إن ما تحدثت عنه من استخدام للتنوع على العهد النبوي الشريف لا يجد بحال من الأحوال واقعه في حياة الناس على هذه الأرض الجاهلية في الدولة الموريتانية، حيث أنه ومنذ عقود يمارس الظلم باسم الدين، فلم يأتسوا به صلى الله عليه وسلم عندما ساوى بين بلال وعمر وسلمان، ولم يحتذوا حذوه عندما عمل على قتل الجاهلية تطبيقاً وتجسيداً في حياة الناس حيث آخى وصاهر بين أصحابه، وكسر القاعدة الجاهلية الاستعلائية السائدة آنذاك.

إليك يا "أستاذ" سنحيطك علما - وإن كنت متأكد من أنك سمعت بحركة لمعلمين، ولم تكن لتنبس ببنت شفة إلا أنك رأيت أن هذا الخطر داهم - أن هذه الحركة بدأت لتفضح ظلما مورس بعناية من طرف مجتمع مسلم واستخدم في ذلك الخرافة والدين معا كي يقلل من شأن أفراد هذه المجموعة المسلمة، وأنت تعلم حيث أنت أن هذه الجاهلية لم تسلم منها أرض يطأها موريتاني، لم تسلم منها حتى أشرف بقاع الأرض حيث أنت، وحيث تسمون بعض حاراتكم "حارات الراص والرقبة" في إشارة إلى حارة لمعلمين وحارة لحراطين، ومع هذا تطالعنا بأن نكف عن الذب عن أعراضنا والمطالبة بحقوقنا المعنوية المسلوبة. إنه لوَهمٌ زائد.

إن كنت لا تحفظ هذه التعاليم فلتحفظها ولتسحضرها في قاموسك عندما تتحدث عن "الفتن"، وإن كنت تحفظها فهي ذكرى لك؛ فالدين لم يترك الحبل على الغارب كي يسومَ الأخ أخاه حتى وإن كان أفضل منه في الرزق، وكفل الكرامة لبني الإنسانية حيث جعلها من كليات الدين الخمس ، بل وجعل الموت دونها شهادة، ورغّب في أن يذب المسلم عن عرض أخيه المسلم، وتوعّد المساسَ بأعراض الناس، وقال إن المسلمَ هو من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، وأصدر بياناً لكل من غرّته نفسه: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكنَّ خيراً منهنّ} وأكّد أن من لم يُقلع عن ذلك فهو من الظالمين: {ومن لم يتُبْ فأولئكَ هم الظالمون}، فهلاّ تتبّعتم هذه الأدلة التي تنصف المظلوم وتهيب بالمسلم أن يدافع عن أخيه في غيبته؟ وهلاّ كلفتم أنفسكم كلمة حق بين أيدي الظالمين؟ وهلاّ أدركتم أن زمن تغييب النصوص التي تنصف الآخر وتعطيه مكانته اللائقة قد ولّى ؟

 

ردا على د. محمد يحيى ولد الشيخ جار الله

http://rimnow.com/a/78-2012-11-07-10-08-30/1947-2013-10-26-22-27-28.html

27. أكتوبر 2013 - 14:11

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا